لاريسا معصراني- بيروت
23/5/2021
يتجاهل كثيرون أهمية فترة الخطوبة، فهي ليست لتوطيد مشاعر الحب فقط، بل إنها لاكتشاف شخصية بعضنا، ومعرفة إذا كان الخاطب مناسبا للزواج. الجزيرة نت تستطلع آراء مختلفة لكل ثنائي للتعرف على تجربتهما عن كثب.
في البداية، تحدثت أرزة صعب عن علاقتها بخطيبها عبدو، مؤكدة أن أيام الخطبة من أهم الفترات في حياتهما، فهما يمضيان كل الأوقات سويا، ليتعرفا على كل التفاصيل، والطباع، والأمور المعيشية والحياتية والمادية.


وأوضحت أنها تتفهم طبيعة عمله، بوصفه مزينا للشعر، ولا تشعر بالغيرة، إنما تثق فيه وتحترم مهنته وأسلوبه في التعامل مع الزبونات، كما أنها لا تشعر بالملل بتاتًا وهي معه، خاصة أنهما يتصرفان على طبيعتهما، وصارا ملمان بطباع بعضهما البعض مع التعود على استخدام العبارات الإيجابية، وتخصيص وقت للحوار، مع اللجوء لتصرفات صغيرة معبرة عن المحبة الصادقة لهذه الأيام الثمينة.
وتشير صعب إلى أنها اعتادت على بيئة أسرته، واحترمت كل القواعد منذ البداية، ولا تحب افتعال المشاكل حتى لا تقع في أخطاء تندم عليها لاحقا.
كن على طبيعتك
وتعتبر زهراء البرجي أن الحب أساس نجاح العلاقة، لذلك تنتظر اللحظة التي تجمعها برامي تحت سقف واحد، وتعيش الآن أروع لحظات حياتها. وتشير إلى أن كثيرين يؤجلون المشاكل كلها إلى ما بعد الزواج حتى لا تحدث مشكلة في فترة الخطوبة، وهذا أكبر خطأ؛ فالمسموح به هو الخلاف في وجهات النظر في الحياة.
وتتابع أن فترة الخطوبة مهمة للتعرف على الخطوط العريضة لشخصية الآخر، وعلى أولويات حياتهما معا، وهذا يعتمد على ذكاء الطرفين ونوعية الأسئلة المطروحة. مضيفة "أن شرط الخطبة التي تؤدي إلى نجاح الزواج هو الصراحة المتبادلة"، أي أن يكون المرء على طبيعته بلا رتوش أو تجميل أو تزييف للأمور، يجب أن يكون صادقا في نقل صورته وظروفه وإمكاناته للطرف الآخر.
وبهذه الطريقة سيوفر كل طرف على نفسه الكثير من المشاكل، وهذا ما يحدث فعليا في علاقتنا، ويحدث غالبا خلاف بسيط بسبب عادات لا تعجب الطرف الآخر، ومن المفضل أن يتم تحسينها أو الاستغناء عنها؛ إذ يجب على الطرفين تدارك مسألة أن الاحتكام لقرار الارتباط ليس لعبة يانصيب، بل تقرير لمصير عمر كامل، لا ينفع الندم بعده.
الأمان المادي
وتشرح ريما (اسم مستعار) معاناتها مع خطيبها بسبب عدم توافق بيئة أسرته مع البيئة التي نشأت فيها، والتدخل المباشر لأسرته في كل خصوصياتهما مما يزعجها كثيرًا، إضافة إلى الخلافات في المسائل المادية والمصروفات، وأن الخلافات زادت كثيرا؛ فمشروع الارتباط وتأسيس العائلة مرتبط أساسا بالأمان المادي، الذي هو أساس حماية للأسرة من المصير المجهول.
وتبين أن اتخاذ قرار يصبح مخيبا للآمال، فلكل منهما عمله وراتبه ونظريته بخصوص المصاريف، وهو يخفي عنها أمورا تتعلق بالوضع المادي، مما يدفعها إلى عدم الطمأنينة على المستقبل، واتهام كل طرف بالخداع والبخل والأنانية، حسب قولها.
وتأسف ريما لأن علاقتها بخطيبها فيها الكثير من التوتر والفتور وعدم الثقة، رغم الحب الذي جمعهما، لكنها تفكر بعقلانية؛ فهذه مسألة زواج، وليست مسألة عشق فقط، معتبرة أن القرار الذي ستتخذه سيكون مؤلما وصعبًا لكنه مناسب للطرفين؛ وهو الانفصال.
اختبار جدي قبل الزواج
ولكن ماذا يقول علم النفس والعلاج الأسري في مسألة أهمية الخطبة قبل الزواج؟
تعد فترة الخطوبة اختبارا جديا لحياة الزوجين المستقبلية، وذلك بالتعرف على الآخر ومعرفة صفاته، والتحقق من مشاعره ومدى التوافق بينهما؛ لذا يجب التركيز على كافة التفاصيل. وهذا ما أوضحته استشارية علم النفس والعلاج الأسري إيفا نصار، وشددت على أن الخطوبة فترة اختبار، ومن حق كل طرف إذا لم يشعر بالأمان والاستقرار إنهاء الخطوبة فورا، وبلا تردد، وهذا أفضل من الانفصال بعد الزواج، أو وجود أطفال.
إيفا نصار استشارية علم النفس والعلاج الأسري: فترة الخطوبة اختبار جدي للحياة المستقبلية بين الطرفين (الجزيرة)
5 أحاديث ضرورية
وذكرت إيفا نصار أن هناك 5 أحاديث رئيسية ينبغي على كل رجل وامرأة يريدان الزواج أن يتطرقا لها قبل عقد القران، كما أن الحلول للمشاكل المتعلقة بهذه الأحاديث يجب أن تكون مقنعة للجانبين، وعندما يقال إن الحلول يجب أن تكون مقنعة فإن ذلك لا يعني التطرف في الموقف، بل يمكن الوصول لحل وسط يتم الاتفاق عليه في كل مشكلة تطرح على بساط الحديث، فما هذه الأحاديث الخمسة؟
الحديث عن الأولاد
الرجل والمرأة يجب أن يتحدثا عن الأولاد الذين يريدان إنجابهم وعددهم، أو إذا لم يملكا الرغبة في إنجاب الأولاد. هذا الموضوع يعد على جانب كبير من الأهمية؛ لأن ما يحدث في بعض الأحيان أن المخطوبين لا يتطرقون لهذا الموضوع، ويكتشف بعد الزواج أن أحدهما لا يريد أولادا في حين يريد الآخر، ويدخلان دوامة من الخلافات التي ربما يصعب حلها إذا لم يتوصلا لحل.
النواحي المالية
تعد الخلافات حول الناحية المادية الأكثر خطورة على الإطلاق؛ ففي كثير من المواقف يرفض الرجل أن تعمل زوجته بعد الزواج، من أجل الاهتمام بشؤون المنزل والطبخ وغيرها من الخدمات المنزلية، فتترك المرأة وظيفتها. ومن ثم يظهر بعد الزواج -خاصة بعد قدوم الأولاد أيضا- أن ما يكسبه الزوج وحده غير كاف، ولا يسد النفقات المطلوبة؛ وهنا تظهر خلافات جادة وخطيرة، وبعضها يؤدي إلى الطلاق.
المستقبل المهني
إذا كان أحد الطرفين ما يزال يدرس؛ فمن الضروري التفاهم حول ذلك، خاصة إكمال المرأة دراستها، وطبيعة مهنتها بعد الزواج، ويجب التفاهم بشأن الطموح المستقبلي في ما يتعلق بتطوير النواحي المهنية من أجل تحسين الأحوال المالية.
والأغلب أن المرأة هي التي تقع ضحية القرارات التي يتم اتخاذها في ما يتعلق بتطوير المسيرة المهنية، فإن لم يتم الحديث عن ذلك قبل الزواج فالرجل قد يطلب من زوجته أن تتوقف في مرحلة ما من تطوير نفسها مهنيا، لأنه لا يريد أن تكون الزوجة محور حديث الآخرين، أو الاختلاط بالآخرين بسبب التطور المهني.
الثقة والإخلاص
هذا شعار العلاقة الزوجية، لأن سوء التفاهم يؤدي إلى عواقب سيئة، إضافة إلى طريقة التعامل مع الاختلافات بينهما؛ فمن الضروري جدًّا أن يتفق الرجل والمرأة على طريقة لوقف الشجار بينهما قبل أن يأخذ أبعادًا خطيرة، ويجب عليهما أن يرسما خطوطا حمراء وحدودا لأي شجار، وينبغي التوقف عندها. ولكن يجب عدم ترك هذا الشجار للوصول لمرحلة تمس الكرامة.
احترام الاختلافات الشخصية
من المستحيل أن يكون هناك تطابق تام بين الشخصيات، ولا بد أن تكون هناك اختلافات، لأن البيئة والأسرة التي عاشا فيها ليست نفسها، فلكل منها ميزاتها وسلبياتها، ولذلك من المهم جدا فتح حديث مهم حول هذا الموضوع قبل الزواج، لئلا يحاول أحدهما إجبار الآخر على اتباع طريقته.
وتنهي الاستشارية كلامها مشددة على أن الزواج ليس نزهة أو فترة عابرة في حياة الإنسان، لكنه التزام أبدي وتعايش بين اثنين تحت سقف واحد، وللزوجين مسؤوليات كبيرة وثقيلة على طرفي العلاقة الزوجية، كل حسب دوره، ولهذا توجد فترة الخطوبة التي يتم من خلالها التعرف على بعضهما البعض بشكل أفضل.

JoomShaper