منى خير
عمان- تمتلئ رحلة الأبوة بالتحديات والفرص؛ لكل من الأطفال والأهل، وأحد هذه التحديات طرح أطفالنا لموضوعات قد تبدو مملة، أو غير مثيرة للاهتمام، ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن هذه المناقشات قد تكون فرصة قيّمة لنموهم، ويمكن تحويلها لأمر إيجابي.
تقول المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة رولا أبو بكر "من الضروري الخوض في الدوافع التي تجعل الأطفال يطرحون مواضيع تبدو عادية للأهل، لأن شعور الأطفال بالاهتمام من قبل أهلهم، يعزز شعورهم بالتقدير".
ويمتص الأطفال المعلومات والسلوكيات من بيئتهم، فهم مثل قطعة الإسفنج، وقد يقلدون محادثات واهتمامات الأهل والبالغين والأقران من حولهم، حتى لو كانت هذه المواضيع غير ملهمة أو مهمة، حيث إن لديهم فضولا طبيعيا تجاه العالم من حولهم.
وتقول رولا "في بعض الأحيان، تكون مناقشة الموضوعات اليومية هي طريقة الأطفال لمحاولة فهم عالم البالغين بشكل أفضل والتعرف على جوانب الحياة المختلفة".
تحويل المواضيع المملة إلى تجارب إيجابية
بناء علاقة جيدة مع الأطفال يعتبر أساس التربية السليمة، وذلك من خلال تحويل المواضيع المملة إلى تجارب إيجابية، ولتحقيق ذلك تقترح المستشارة رولا أبو بكر ما يلي:
الاستماع النشط يعتبر أساس التواصل الفعال مع أطفالنا، وذلك من خلال الانتباه والإنصات لهم، وبهذا نحقق حاجتهم وشعورهم بوجودهم.
لا نغفل أهمية التعاطف وإظهار الاهتمام حتى لو كانت المواضيع تبدو غير مثيرة بالنسبة لنا، علينا أن نحاول التعاطف مع وجهات نظرهم، وإظهار اهتمام حقيقي بأفكارهم ومشاعرهم.
الحرص على تشجيعهم على التفكير والتعبير بحرية عن أفكارهم ومشاعرهم.
طرح أسئلة مفتوحة لتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم بشكل كامل.
التواصل مع اهتماماتهم، حيث يمكن سد الفجوة بين المواضيع المختلفة واهتمامات الطفل من خلال إيجاد أرضية مشتركة.
وعلى سبيل المثال، إذا كانوا يناقشون برنامجا تلفزيونيا مفضلا، فيمكن ربطه بمحادثة أوسع حول هدف البرنامج، أو القصص المستفادة منه.
تجربة مفيدة للآباء والطفل
وتقول المستشارة رولا "علينا أن لا ننسى أن التعامل مع المواضيع المملة التي يقدمها الأطفال يمكن أن تكون تجربة مفيدة لكل من الوالدين وصغارهم".
وتعلل بأن هذه التجربة تتيح للآباء التواصل مع أطفالهم على مستوى أعمق، ورعاية نموهم الفكري والعاطفي، من خلال إيجاد طرق لتحويل المناقشات التي تبدو عادية إلى تجارب تعليمية إيجابية.
كما يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على أن يصبحوا فضوليين ومنفتحين ومفكرين نقديين يقدرون المعرفة والعالم من حولهم.
الاستماع إلى الطفل
بدورها، تقول الأخصائية النفسية للأطفال والمراهقين أسماء طوقان "قد يتحدث الأطفال عن مواضيع مملة، لكنها مهمة بالنسبة لهم، لذلك من الممكن أن نستغل هذه المواضيع ونقوم بتحويلها إلى أمور إيجابية".
وتكمل أسماء حديثها للجزيرة نت "في البداية قم بالاستماع إلى طفلك جيدا عندما يتحدث عن موضوعه، لتشعره بأنه مهم بالنسبة لك؛ حتى وإن كان الموضوع بسيطا أو مملا، وحاول وضع أسئلة مفتوحة من أجل تشجيع الحوار، مثلاً، لماذا تعتقد أن هذا الموضوع مهم لنتحدث عنه؟".
ومن المهم أيضا معرفة الأمور التي تثير اهتمامات الطفل وتجذب انتباهه، وفق الأخصائية طوقان، وذلك بهدف توجيه المحادثة نحو هذه الاهتمامات، أو تقديم اقتراحات وأنشطة يمكن للطفل الاستمتاع بها بناء على الموضوع الحالي.
كسر حاجز الملل
وتقترح أسماء طوقان، عند التحدث عن موضوع ممل؛ أن نوجه المحادثة نحو الجوانب التعليمية التي تسهم في تطور الطفل من خلال مناقشة الموضوع، ويمكن الاستعانة بالإنترنت لعرض المعلومات بشكل مشوق؛ من خلال عرض الفيديوهات التعليمية أو التفاعلية، أو من خلال القصص، أو الصور لكسر حاجز الملل.
وتضيف "كما يمكننا التحدث عن تجاربنا الشخصية أو قصص ممتعة ذات صلة بالموضوع لجعل الحوار أكثر تفاعلا".
وتؤكد طوقان أن الاستماع الجيد، والتوجيه الإيجابي، يساعدان الأطفال على تطوير مهاراتهم واهتماماتهم بشكل أفضل، ويزيد من ثقتهم بأنفسهم؛ لشعورهم بأنهم قادرون على فتح موضوع للنقاش، وأن أفكارهم ومشاعرهم محل تقدير واحترام.
خطوات مفيدة
وحول كيفية تغيير موضوع ممل يطرحه الطفل بلباقة، قدم موقع "ستاكس تشينغ" عدة خطوات مفيدة للآباء، ومنها:
دعهم يعرفون جهلك بموضوع ما: لا بأس أن تقول شيئا مثل "واه ألعاب الفيديو! أنا لا أعرف حقا شيئا بشأنها". وهذا لا يعني أنه "لا يمكن التحدث عن ذلك"، ولكنه مؤشر دقيق للطفل على أن هذا الموضوع لن تتمكن من المساهمة فيه.
احصل على حق النقض: لا يمكنك تجاهل كل ما يثير اهتمام الطفل، ولكن بافتراض أن الطفل مهتم بالعديد من الأشياء، يمكنك اختيار الشيء الوحيد الذي لا تهتم به على الإطلاق، والاستمرار في التأكيد على أن هذا الموضوع هو موضوع لا يمكنك فعله حقا، طالما أن هناك شيئا واحدا فقط تحافظ عليه ثابتا. فلا تجعل "الفيتو" الخاص بك أمرا عاما جدا.
تغيير الموضوع بشكل مباشر: لا يلتقط الأطفال المحاولات "الدقيقة" لإعادة توجيههم بشكل جيد، ولكن لا يزال من السهل إعادة توجيههم، فبدلا من أسلوب إعادة التوجيه الأكثر تهذيبا الذي قد تستخدمه مع شخص بالغ، يمكنك استخدام الأسلوب المباشر معهم، والمتمثل في إيقاف محادثتهم تماما، من خلال طرح مناقشة شيء آخر مختلف. وذلك بعد أن تكون شاركت في شغفهم لبعض الوقت.