سيدتي - خيرية هنداوي
وكأن انفصال الوالدين بعضهما عن بعض لا يكفي لإحداث الحزن والأسى بقلب الطفل؛ فمع الطلاق يخسر الطفل حياته الأسرية تصيبه حالات من العدوانية، لدرجة من الممكن أن يسبب الأذى لنفسه ولمن حوله، يشعر بالنقمة والحقد، ويرى أن المجتمع قد ظلمه؛ فتزداد عدوانيته نحو والديه، وربما يكره أحدهما أو كليهما، ويميل لأن يعيش وحده منعزلاً، ثم يأتي الآباء والأمهات المطلقات ويضيفون أخطاء مدمرة في حق أبنائهم الصغار والمراهقين معاً، سنتعرف إليها في هذاالتقرير. اللقاء واستشاري الأسرة الدكتور محمد العجاتي؛ للشرح والتفصيل.
تأثير الطلاق في الأطفال
على مدى السنوات الماضية، زادت الخلافات الأسرية، وأصبح الطلاق أكثر شيوعاً، مع ميل متزايد لمنح حضانة قانونية مشتركة.
كما تبين الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون حياة أسرية مضطربة هم أكثر عُرضة لمشكلات عاطفية وسلوكية من أولئك الذين يعيشون في أسرة مستقرة.
الأطفال الذين يشاهدون آباءهم يمرون بمرحلة الطلاق يكونون أكثر عرضة لمشكلات نفسية وصحية؛ كالصداع، واضطرابات النوم، والتوتر، والدوخة وفقدان الشهية.
والنتيجة، أن الطفل يجد صعوبات في التركيز والنوم، وآلاماً بالمعدة، ومشاعر يختلط فيها التوتر والحزن مع الدوخة وفقدان الشهية، ووجد الباحثون أن الفتيات أكثر عرضة من الفتيان للمشكلات النفسية، محذرين من تأثير هذه المشكلات في صحة الفتيات.
كما تبين أن الأطفال الذين يعيشون في الغالب مع أحد الوالدين فقط، يعانون مشكلات نفسية أكثر من غيرهم، والدليل أن نسبة الأطفال الذين قالوا إنهم «غالباً» أو «دائماً» يعانون من عوارض صحية كانوا ممن يعيشون مع أحد الوالدين فقط.
سؤال مهم: طفلك المراهق، هل يعتمد عليك وقت المشكلات والأزمات؟
تأثير الطلاق في المراهق/المراهقة
المراهقة سن العواطف الجياشة والأحاسيس المرهفة، وعلى الأهل التنبه إلى مختلف الأمور التي تترك آثاراً كبيرة وواضحة في نفسية الأبناء في ذلك الوقت، بينما يحدث الطلاق ويترك من آثاراً سلبية كبيرة ومؤلمة في حالتهم النفسية وفي ثقتهم بالأهل وبأنفسهم أيضاً.
في هذه الفترة من السن، يثق المراهق في والديه وينظر لهما على أنهما الأفضل في كل شيء، ويسعى إلى أن يوطد العلاقة معهما على الرغم من المشكلات التي قد تحصل بينهما.
ولكن عندما يحدث الطلاق فعلياً، تتحطم صورة الوالدين المثاليين بنظره إلى حد كبير؛ ما يفقده الثقة بهما، فيسعى إلى القيام بما يريده من دون استشارتهما، وبالتالي اتخاذ القرارات التي يمكن أن تنعكس سلباً على مسار حياته.
في غالب الأحيان يترك الطلاق أثراً كبيراً في الحالة النفسية لدى المراهقين، الذين يسارعون إلى لوم أنفسهم على الواقعة التي حصلت بين أهاليهم معتقدين أنهم أحد الأسباب؛ ما يجعلهم يفقدون الثقة بالنفس، ويقوم العديد منهم باللجوء إلى التعذيب النفسي أو الجسدي بوصفه نوعاً من الانتقام من أنفسهم، لطول استمرار الوالدين في حالة من الانفصال الدائم.
في الحالة التي يمر بها المراهق نتيجة طلاق الوالدين، غالباً ما يميل إلى الانعزال والانزواء، ويصبح وحيداً ولا يرغب بلقاء أحد أو القيام بأي نشاط أو عمل، وهذا الأمر ينعكس على علاقاته الاجتماعية.
وهذا الانزواء بسبب خجله من الوضع الذي يمر به، خصوصاً إذا ما رأى أن أصدقاءه يعيشون في حالة من السعادة على الصعيد الأسري ومع والديهم المجتمعين.
كما أوضحت الدراسات أن نوعية العلاقة التي تجمع المراهق بوالديه ورفاهيتهما المادية، لها تأثيرها في صحتهم النفسية والجسدية، بينما تزداد العوارض النفسية، خلال إقامة المراهق في منزلين مختلفين بين مدة وأخرى.
أخطاء في حق الأبناء بعد الطلاق
هناك رأي يقول: عندما يتشاجر الآباء بشكل شبه دائم يمكن للانفصال حينها أن يهدئ من حدة الحياة، ويقلل من الاضطرابات النفسية للأبناء.
ورأي ثانٍ يخالفه يقول: مهما كانت أسباب الانفصال مبررة، يظل الطلاق صدمة مؤلمة للأطفال صغاراً وكباراً؛ حيث يرون فيه انهياراً لعالمهم.
وقد يكون في الانفصال وسيلة ممكنة لخلق حياة أفضل للأطفال في بعض الحالات، نظراً للخلافات التي تتسبب بحرب مستمرة بين الأب والأم، وما يؤدي إليه من تسميم الأجواء بالمنزل وانشغالهما بصراعهما ونسيان الأطفال.
وبغض النظر عن مشاعر الغضب أو الحزن لدى الزوجين، هناك أخطاء عليهم تجنب الوقوع فيها؛ لتخفيف حدة ألم الانفصال على الأبناء.
الأخطاء السبعة
الخطأ الأول
عند انفصال الآباء، يبني الأبناء تصورهم الخاص حول أسباب وقوعه، وعلى الرغم من أنه قد يكون بعيداً تماماً عن الواقع أو حتى منافياً للمنطق، يظل هذا التصور ذا أهمية كبيرة بالنسبة لهم، بل يلازمهم لفترات طويلة.
الخطأ الثاني
هناك كثير من الآباء يتجنبون شرح أسباب الانفصال للأطفال أو مجرد الحديث معهم عنه؛ فيتركونهم فريسة لمشاعرهم ومحاولاتهم الصغيرة لإيجاد الأسباب والتفسيرات، ومن التفسيرات الأكثر شيوعاً لدى الأطفال كونهم السبب وراء انفصال والديهم.
الخطأ الثالث
ترك الأبناء دون معرفة سبب الانفصال وحرمانهم من احدهما، أو عدم شرح أسباب الطلاق للطفل ليس الخطأ الوحيد الذي يرتكبه الآباء، حيث يقع العديد منهم في خطأ ثالث، وهو أسلوب الضغط على أبنائهم لدعم طرف على حساب الآخر؛ فيتركوهم ممزقين، ما يزيد من سوء العلاقة بين الطفل ووالديه.
الخطأ الرابع
كثير من الآباء المنفصلين يقبلون على إهانة بعضهما بعضاً أمام الأطفال؛ لتفادي التصاق الصفات السلبية بهما في ذهن الطفل، ولكن هذه الصفات تعلق بذهنهم، حتى بعد الانتقال من مرحلة الطفولة للمراهقة.
بل يتطور هذا الخطأ ويتمادي، عندما يسعى أحد الوالدين إلى الانتقام من الآخر، أو تبادل الإهانة بينهما؛ ما يؤدي إلى اهتزاز ثقة الطفل بنفسه بشكل قد يصعب إصلاحه في ما بعد.
الخطأ الخامس
ولأن الطلاق يعني في أحيان كثيرة انتقال الطفل للعيش مع أحد والديه في ظل غياب جزئي أو ربما كلي للآخر؛ فهما يغفلان عن تحقيق الإحساس بالأمان والاستقرار للطفل، والتأكيد له على إمكانية التوجه ورؤية أي منهما، والحديث معه في الوقت المناسب.
الخطأ السادس
أما بالنسبة للحالات التي لا يعبر فيها الأب والأم عادة عن خلافاتهما بالصراخ والصوت العالي؛ فيمكن للانفصال حينها أن يكون ذا تأثير أكبر في الطفل؛ لاعتقاده بأن الأمور بين والديه كانت على ما يُرام، ثم يُفاجأ بعكس ذلك.
الخطأ السابع
قد يتخذ الآباء قرار الانفصال دون أن يستعينوا بكبار العائلة أو استشارة متخصصين لمعرفة كيفية التعامل مع أبنائهم لحمايتهم من الآثار السلبية لأقصى درجة ممكنة، والأهم هو محاولتهم النظر للأمر بأعين أطفالهم.