ربى الرياحي
علاقات تنهار وترسم خريطة نهايتها الطلاق، تدخلات غير مبررة أو واعية وأخرى تبقى تقاوم من أجل الحفاظ على الأسرة وسط حالة من التخبط والقلق باستمرارية العلاقة أو كتابة نهايتها.
الاستماع لنصائح الأصدقاء في المشكلات الزوجية، وتحديدا أولئك الذين لم يسبق لهم الزواج أو حتى كانت تجاربهم فاشلة ويعتقدون أنهم مدركون لكل شيء ولديهم الحلول؛ خطر حقيقي ينذر بانهيار العلاقة الزوجية وإصابتها بشروخ يصعب أحيانا ترميمها، كما قد تتسبب النصيحة غير الواعية من قبل الأصدقاء بتعقيد الأمور أكثر وصولا إلى الطلاق الذي تنتهي معه أي فرصة للصلح.


وازدادت حالات الطلاق، مؤخرا، وامتلأت أروقة المحاكم بتلك القضايا، إضافة إلى انهيار الكثير من العلاقات رغم احتفاظها بالشكل الخارجي للعائلة المتماسكة، وعلى قائمة المشكلات تلك أسباب عديدة، كإدمان التكنولوجيا والضغوطات المادية الخانقة والتدخل المفرط من قبل الأهل، إضافة إلى الصداقات السيئة وأثرها السلبي في تدمير البيوت وتشتت الأسر.
ما يحدث من مشكلات هو أمر طبيعي إن بقيت ضمن نطاق المعقول، وأن يعرف الزوجان كيف يحتويان بعضهما بعضا في أوقات الخلاف وأن يكون الاحترام متبادلا بينهما ولغة الحوار حاضرة في كل المواقف وأن يدركا أن رباط الزوجية أقوى من أي علاقة أخرى.
عماد (40 عاما)، يبين أن شعوره بالندم يكاد أن يقتله، وخاصة بعد أن كان السبب في ضياع أسرته وتشتيتها. يقول "8 سنوات من العشرة ووجود طفلين وحب كبير"، كل ذلك لم يكن كافيا لبقاء البيت صامدا في وجه المشكلات المستمرة بينه وبين زوجته.  ويلفت إلى أنه أخطأ في حق نفسه وحق بيته عندما ألغى كل الحدود مع صديقه وأشركه في خصوصياته، فهو لم يخف من الحديث معه عن مشاكله مع زوجته لثقته به ولأنه كان يرى فيه المرشد والأخ الناصح، لكن الوجه الحقيقي للأشخاص ليس بالضرورة هو ما نراه  منهم.
أما القاعدة التي تعلمها بعد مروره بتجربة صعبة كهذه، فمضمونها أنه ليس الجميع يتمنى له الخير. عماد، وبسبب نصائح صديقه له، كان قاسيا على زوجته، يتعمد مخالفتها في كل ما تقوله أو تطلبه وفرض شخصيته بالقوة، إضافة إلى أنه كان يمنعها من التعبير عن رأيها ومناقشته في أي موضوع يخصهما حتى اسودت الحياة في عينيها ولم يعد أمامها خيار سوى الطلاق.
وترى خبيرة علم الاجتماع فاديا إبراهيم، أن من الجيد المحافظة على خصوصية مشاكلك الزوجية، ومناقشة هذه المشاكل مع شريك حياتك بدلاً من نشرها للأصدقاء.
الثقة والاحترام المتبادلان في العلاقة الزوجية هما أمران مهمان للغاية، ويمكن أن يساعدا على حل المشاكل بشكل أفضل. وعند الحاجة إلى مساعدة أو نصائح، تدعو للتحدث مع مستشار زواج مؤهل أو مختص في العلاقات للمساعدة على تحسين الوضع.
بعض الأسباب التي يمكن أن تجعل النصائح سببا في هدم العلاقات الزوجية عندما لا تراعي مشاعر الأشخاص المعنيين، وتسبب إحباطا أو جرحا أو تقدم بشكل مهين، ما يؤدي إلى تدهور العلاقة.
كذلك، النصائح الزائدة قد تكون مرهقة ومزعجة بالنسبة للأشخاص إذا لم تبنَ على فهم عميق للمشكلة والظروف الفردية، كما أن التدخل غير المرغوب فيه قد يشعر الأشخاص بأن النصائح تمثل تدخلاً في حياتهم الشخصية.
لذا، ووفق إبراهيم، ينبغي أن تقدم النصائح بعناية، وأن تكون مبنية على فهم عميق للوضع وتوجيهها بحذر. قد تكون أفضل طريقة لمساعدة الأشخاص على حل مشاكلهم الزوجية من خلال تقديم الدعم والاستماع إليهم من دون محاولة فرض الرأي. وتلفت إبراهيم، إلى أن حل المشاكل الزوجية يحتاج الى جهد مشترك من قبل الزوجين، ويمكن تحسين العلاقة مع الشريك من خلال التواصل الجيد والحوار البناء، وفتح القنوات الإيجابية للتواصل والاستماع إلى مشاعر واحتياجات الشريك، والحفاظ على التوازن، وتحديد الأولويات والتركيز على تحقيقها.
الى ذلك، البحث عن مساعدة مهنية؛ في بعض الحالات، هنالك حاجة إلى مساعدة من متخصصين في علاج العلاقات لفهم المشاكل وتقديم الحلول المناسبة، والاحترام المتبادل.
وتنوه إبراهيم إلى أهمية أن تكون العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتقدير، وتجنب السلوكيات المسيئة والتوجيه نحو التعامل بلطف والمحافظة على علاقتكما كصديقين، والتي تشكل أساسا قويا للعلاقة الزوجية.
في العلاقات والشركات، هنالك حاجة أساسية للاعتذار والصفح، كما تقول إبراهيم، والاعتراف بالخطأ والاستعداد للتصالح والمضي قدما في حل المشاكل الزوجية، ومن المهم أن تطغى روح التعاون والاحترام المتبادل لتحسين العلاقة.
ويشير الاستشاري النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي، كما ذكر في كتابه "أساسيات الزواج الناجح": "أسراركم في بئر مقفلة ومفتاحها نسخة واحدة معكم أنتم فقط، لستم أطفالا فقد تقبلكم المجتمع شابا وفتاة.. ما خاب من استشار ولكن بحذر وليس في كل شيء".
ومن هذا المنطلق، يبين أن للنصيحة أهلها، وبالأخص فيما يتعلق بالحياة الزوجية، لافتا الى أن هنالك من يعطون النصيحة بحسب تجاربهم الحياتية و"هنا المصيبة"، لأن النصيحة معتمدة على تشابه التجارب لا على صحة النصيحة ودقتها، كذلك فإن العاطفة هي سيدة الموقف، ومن الطبيعي أن تقف الأم في صف ابنتها أو ابنها وكذلك الأب، وقد يعينونهم على الخطأ وتتفاقم المشكلة بدلا من حلها.
ولذلك، فإن أفضل وسيلة لحل المشاكل الزوجية قبل اللجوء للأهل هي الأزواج أنفسهم من خلال اعترافهم بمكامن الخطأ ومحاولة تصحيحها، وإن لم تفلح المحاولات فاللجوء للمستشار الأسري هو الحل الأمثل والأفضل، وإحدى الدراسات بينت أن 38 % من أسباب الطلاق المبكر في السنة الأولى من الزواج تكون بسبب تدخل الأهل، وهذا يدل على مدى خطورة هذا الأمر.

JoomShaper