رشا عبيد

7/5/2024

يشير مكتب الإحصاء الأميركي إلى أن حوالي 15% من الأطفال يعيشون في أسر مختلطة، وفي رمضان الماضي، ناقش المسلسل المصري "كامل العدد" القضية نفسها، وهي قضية الأسر المختلطة أو "دمج العائلات"، وإن كانت جديدة نوعا ما على المجتمع العربي.

ولكن، ما مفهوم الأسر المختلطة؟ ولماذا يزيد انتشارها؟ وما التحديات الفريدة التي تواجهها تلك العائلات؟

مفهوم الأسر المختلطة

تتكون الأسرة المختلطة من زوجين لديهما أطفال من زواجات سابقة، ويضطر الأبناء جميعهم للتشارك في حياة واحدة والعيش معا، إضافة إلى احتمالية إنجاب أشقاء جدد لهم، ويرجع انتشارها إلى زيادة نسب الطلاق مع الميل إلى الزواج مرة أخرى، وربما بدأت تفرض نفسها في الوطن العربي للأسباب نفسها.

 

من الناحية الدينية، أجازت الشريعة الإسلامية لزوج الأم أن يعيش مع بنات زوجته، وكذلك أن تعيش زوجة الأب مع أبناء زوجها، أما عن الجمع بين أبناء الزوج وبنات الزوجة في مسكن واحد، فقد أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية على هذا السؤال عبر صفحة الإفتاء المصرية، بأن هذا ليس صائبا، لأن الأولاد والبنات ليسوا أخوة، وينبغي على الأم أن توفر لبناتها مسكنا مستقلا بالقرب منها إذا وصلوا لسن التكليف، حال غياب من عليه حضانتهم من قبل الأهل.

تحديات وصعوبات

وسواء عاش جميع الأخوة والأخوات غير الأشقاء في مسكن واحد، أو استقل جزء منهم لمنع الخُلطة، ففي كلتا الحالتين سيكون هناك حياة مشتركة وتجمعات عائلية متكررة، تسمح بخلق مجموعة من التحديات الفريدة، ومنها:

مدى تقبل الدمج

في حين يُقبل الزوجان الجديدان على حياتهما الجديدة بحب وفرح وتوقعات عالية، فإن الأطفال قد لا يكونون متحمسين بالقدر نفسه، ولا سيما إذا كان لديهم أمل في التوفيق بين والديهم، ومن المحتمل أن يشعروا بالارتباك والقلق حيال حياتهم الجديدة والاندماج مع إخوة غير أشقاء. ولحل هذه المشكلة، ينبغي على الزوجين عدم الشعور بالإحباط والتركيز على التواصل المفتوح مع الأبناء بشكل متكرر ومنتظم، وتقديم الكثير من الحب مع الصبر والحد من التوقعات المبالغ فيها، ووفق الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، فإن الأسر المختلطة لا تندمج بين عشية وضحاها، بل يستغرق الأمر من عام إلى عامين.

وضع حدود وقواعد واضحة

ينبغي اتفاق الشريكين على دور كل منهما في حياة الأبناء بشكل واضح، مع الاتفاق على أن أي تعديلات قد تكون ضرورية على أساليب الأبوة والأمومة الخاصة بهما، وصياغة لوائح داخلية للمنزل يلتزم بها الجميع، تتضمن احترام الخصوصية والمساحة الشخصية لكل فرد ومعايير الانضباط والأعمال المنزلية.

وينصح الخبراء أن يقوم زوج الأم بدور الصديق الذي يقدم الحب والدعم بدلا من الممارسات التأديبية، وتقول باتريشيا بابيرناو، عالمة النفس وخبيرة الحياة الأسرية إنه لا ينبغي أن تتعامل زوجة الأب أو زوج الأم كوالد، على الأقل في بداية دمج العائلتين وحتى تتعزز العلاقات، بمعنى أن يركزا على تلبية احتياجات الأبناء المتعلقة بالأمان ومنحهم متسعا من الوقت للتأقلم في حياتهم الجديدة، كذلك يمكنهما فرض قاعدة موجودة بالفعل، لكن تغيير القواعد بمفردهما أو التحكم في خيارات أبناء الزوج أو الزوجة ليست من حقهما.

الاختلافات الشخصية

قد يكون أفراد عائلتك الجديدة في مراحل عمرية مختلفة ولديهم احتياجات مختلفة، يحتاج الزوجان إلى فهم هذه الاختلافات واحترامها، فمثلا تختلف الاحتياجات العاطفية والجسدية لفتاة تبلغ من العمر عامين عن تلك التي يحتاجها صبي في عمر 13 عاما، لكن لا ينبغي الخلط بين اختلاف المراحل العمرية وبين الاحتياجات الأساسية، فمثلا قد يستغرق المراهق فترة لقبول حبك وعاطفتك، ولكن لا يعني هذا أنه ليس بحاجة للحب والاهتمام، كذلك ينبغي فهم الاختلاف بين الجنسين، مثلا، يفضل كل من الأولاد والبنات في العائلات المختلطة الإطراء والمديح اللفظي بدلا من التقارب الجسدي كالعناق والقبلات".

تغير الأدوار في العلاقات الأسرية

يجد الأطفال أنفسهم فجأة في أدوار مختلفة عند دمج العائلتين، على سبيل المثال قد يكون أحد الأبناء هو الأكبر في عائلته، ولكنه الأصغر في الأسرة الجديدة، وقد يفقد أحد الأطفال تفرده باعتباره الصبي أو الفتاة الوحيدة في أسرتها، وهنا ينبغي:

توضيح أهمية الاحترام المتبادل بين كافة أفراد الأسرة.

تطبيق نظام العقاب والمكافآت على جميع الأطفال.

إشباع كل فرد داخل الأسرة بما يحتاجه من الحب والرعاية والاهتمام.

تجنب تخصيص الألقاب، مثل "أميرة منزلنا" أو "نجمنا الرياضي"، إذ يمكن أن تعزز التوتر بين أفراد الأسرة، إن لم يكن لكل فرد لقب مميز به.

التنافس بين الأطفال

يرى الأطفال في الأسر المختلطة أن الأخوة غير الأشقاء هم بمثابة تهديد لهم، ويشتد التنافس فيما بينهم على الاهتمام والهيمنة، ومن هنا تظهر مشاعر الغيرة، وتزيد المشاجرات ونوبات الغضب، مهما حاول الوالد أن يكون عادلا أو حسن النية، وفي هذه الحالات ينبغي أن يمنح كل والد مساحة من الاهتمام الفردي لطفله، ومحاولة الوصول إلى أصل المشكلة والمواقف التي أججت مثل هذه المشاعر بداخله أو الاستعانة بشخص وسيط ومفضل للطفل لتوفير الدعم والطمأنينة.

التقاليد العائلية الجديدة

لدى معظم العائلات أفكار وعادات مختلفة حول كيفية قضاء أوقات الفراغ والمناسبات مثل العطلات والأعياد والمصايف، قد يشعر الأبناء بالاستياء إذا أُجبروا على مواكبة روتين شخص آخر، لذا على الزوجين محاولة إيجاد أرضية مشتركة وإشراك الأبناء في اتخاذ القرار والاتفاق على أنشطة تستمتع بها العائلة معا، مثل: مشاهدة فيلم مفضل أو عرض مسرحي أو خلق عادات جديدة خاصة بهم مثل ممارسة التأمل أو الاتفاق على وجبات عائلية منتظمة لتعزيز فرص التواصل والاندماج وتشجيع عادات الأكل الصحية.

وبشكل عام، فإن دمج عائلتين معا ليس أمرا سهلا حتى بالنسبة للأشخاص الأكثر استعدادا، إلا أن النجاح في تجاوز التحديات والعقبات التي تأتي مع دمج العائلات يترتب عليه روابط أسرية قوية، وتحقيق المزيد من رفاهية الأطفال والأسرة ككل والبدء في مواجهة المواقف الحياتية بمنظور جديد وبمزيد من الثقة والأمان.

المصدر : الجزيرة

JoomShaper