يمر الناس في علاقاتهم بأجمل اللحظات ويصنعون أعذب الذكريات، لكن مع مرور الأسابيع والأشهر والسنوات تنتهي السعادة ويصبح من الواضح أن الأمور لن تسير جيدًا. عندما يحين موعد الانفصال هل من الممكن إنهاء الأمور بلطف والابتعاد عن الدراما؟
أوضحت المعالجة السلوكية أنجالي كالا أنه إذا كان الشخص واضحًا في علاقته، عليه وضع الحدود والتشبث بها.
عدم تجاهل الإشارات الحمراء
أن لا تنتهي الجدالات المختلفة (سواء أكانت حول الملابس المتسخة على الأرض أو عدم إجابة المكالمات والرسائل من الطرف الآخر)، وأن ينزعج أحد الطرفين دائمًا من الآخر عندما يكونان سويًا، كل هذه إشارات حول ضرورة إنهاء العلاقة والانفصال، أيضًا لا يجب تجاهل الحدس والشعور الداخلي أن الأمور لن تفلح.
تقول كالا: «عند تسلل بعض الأفكار إلى الدماغ مثل: هل هذا هو الشخص الذي سأمضي الحياة معه؟ هل صفاته هي التي تدفعني بعيدًا؟ هل نحن غير متوافقين وحسب؟ كل هذه الأسئلة هي إشارات حمراء يجب الانتباه إليها».
وأوضحت أيضًا أنه من الطبيعي تجاهل هذا الإحساس من أجل الحفاظ على العلاقة، لكن مراجعة النفس غالبًا ما تقي من الوقوع في علاقة مليئة بالإنذارات لوقت أطول مما يجب.
وأضافت: «طبعًا يريد الطرفان أن تنجح الأمور بينهما، هذه طبيعة البشر، لذلك نتجاهل الشعور الداخلي، من جهة أخرى ليس شرطًا أن يُدفع الشريك بعيدًا، لكن يجب الانتباه إلى المشاعر الداخلية».
المعالج النفسي ليس محاولة أخيرة لإنقاذ العلاقة
من الجيد حل المشكلات إذا كان الشريكان يعيشان علاقة جيدة، لكن المشكلة الحقيقية أن الناس يطلبون المساعدة حين تصبح العلاقة بينهم غير قابلة للإصلاح.
يصنع المعالجون العجائب لكنهم في النهاية ليسوا سحرة، هم لا يخفون المشكلات ولا يخلقون علاقات جيدة. لهذا بالوسع طلب المساعدة منهم عند ملاحظة مشكلة ما، لكن لا يُعتمد عليهم بعد مرور سنوات على حدوثها.
تقول كالا: «إذا لوحظت الأمور باكرًا، وسعى الشريكان إلى حلها إما بالعلاج أو بإيجاد طريقة ما لتواصل أفضل، فعندها ستُحل الخلافات منذ بدايتها. ويجب على الشريكان اكتشاف نفسيهما كطرفين في هذه العلاقة وطبيعتهما كثنائي، ويجب الانتباه إلى هذه الأمور وإعطاء العلاقة فرصة كي تنجح».
لكن ما يُرجّح حدوثه هو ألا يلجأ طرفا العلاقة (خاصة الزوجية) إلى العلاج إلا عندما تكون محاولة أخيرة لإنقاذ العلاقة.
تتابع كالا: «يلجأ إليّ بعض الأزواج المستعدين للطلاق أو الانفصال بعد مرورهم بالكثير من المطبات، وبعدها يأتون متسائلين عن إمكانية إصلاح علاقتهم».
أوضحت كالا أن الانفصال بعد الحصول على العلاج أفضل للطرفين لأنهما عندها ييكونانن قد حاولا إصلاح العلاقة، أما الانفصال دون المحاولة قد يسبب لهما ندمًا في المستقبل.
الانفصال بطريقة جيدة
هل يجب الانفصال في مكان رومانسي؟ أو بترك ملاحظة؟ هل من الأفضل أن يتبجح الشخص أو أن يختفي فقط؟ بينما يحاول الناس إيجاد طرق عديدة للانفصال، تنصح كالا أن يكون الشخص صريحًا وحضاريًا عندما يحين الوقت.
التركيز على الإيجابيات
تقول كالا: «الهدف هو محاولة التفكير في إيجابيات هذه العلاقة بدلًا من التركيز على السلبيات، أحيانًا تُنسي السلبيات عند الانفصال جميع الذكريات الجميلة التي مرت، خاصةً إذا انفصل الشريكان بطريقة سيئة بعد الكثير من الخلافات أو حتى الخيانة والاتهامات».
الصدق
كن صريحًا وصادقًا حول سبب الانفصال بدلًا من إحداث مشهد سيئ، وأوضح سبب فشل الأمور بدلًا من إلقاء اللوم على الشريك.
أضافت كالا: «أشجّع الناس غالبًا على استخدام مصطلح أنا بدلًا من قول أنت فعلت ذلك أو أنت كنت سيئًا، إن مشاركة الشريك غياب شعور الأمان في العلاقة يعطي القوة والدافع لفعل ما هو أفضل».
فصل الأصدقاء والعائلة عن المشكلات
لا يعد الانفصال عملًا جماعيًا، يجب أن تبقى الأم أو الأقارب أو الأصدقاء خارج هذا الموضوع لحله سلميًا، ليس من واجبهم أن يستجوبوا الشريك أو أن يوصلوا رغبة أحد الشركاء بالانفصال إلى الآخر. يسبب تدخّل الآخرين الفوضى، لذلك يجب الحفاظ على الأمر بين الشريكين فقط.
ماذا إن أحب الأصدقاء أو العائلة أن يتدخلوا؟
تنصح كالا وضع حدود ثابتة للآخرين، قد يكون من الصعب على المقربين عدم التدخل خاصة إذا كانوا يحبون أحد الشريكين، لكن إذا أرادوا حقًا الأفضل للعلاقة يجب أن يحترموا رغبات الشريكين.
تقترح كالا أن يقول الشريكان للآخرين أنهما يقدران مشاعرهم الصادقة، لكنهما اتخذا قرارًا جديًا لا رجعة فيه. يعدّ سماع الكلمات الداعمة أو عدم قول أي شيء عن الشخص الآخر أمرًا جيدًا. قد يقف الأشخاص المقربون إلى جانب الشريكين من أجل دعمهما ويمكنهم عدم التحدث حول الأمر.
عدم الانفصال عن طريق الرسائل
يُعتقد أن الانفصال عن شخص ما عن طريق الرسائل أو خلال تناول المشروبات سيجعل الأمر أسهل. لكن كالا تقترح أن ينفصل الشريكان في مكان خاص إذا كان الشريكان واعيان، وإن كان هناك اعتقاد أن الشريك سيتحول إلى شخص غاضب يفتعل الفوضى، يُفضّل الذهاب إلى مكان عام وإحضار شخص آخر كي يحافظ على طريقة هادئة وحضارية للانفصال.
تقول كالا: «إنّ الانفصال في مكان خاص يُظهر الكثير من المشاعر، قد يصبح الآخر غاضبًا أو قد يبكي بسبب حميمية الموقف، أما في حالة القلق على السلامة الجسدية يُفضّل الانفصال في مكان شبه عام لكن ليس في مطعم أو حانة أو أي مكان مزدحم».
أضافت أنه قد تكون مكالمة الفيديو حلًا جيدًا إذا كان الشريك يخشى اللقاء الشخصي، لكن الاختفاء أو الانفصال عبر الرسائل لن يمنح الشريكان النهاية التي يريدانها.
الوضوح والحدود الثابتة
عند إعلام الشريك بقرار الانفصال، فإنه إما سيتقبله أو سيعتقد أن الأمر لم ينتهِ بعد. إذا واجه أحد الشريكان صعوبة في الانفصال، على الشريك الآخر أن يكون حازمًا. تعدّ الاتصالات أو الرسائل أو الزيارات العشوائية بعد الانفصال أمرًا خارج الحدود. لذلك إذا استمر الشريك في عدم تقبل الانفصال، يجب على الآخر عدم التردد في حظر رقم شريكه السابق أو رفض التجمع مع الأصدقاء المشتركين.
إذا استمر الشريك في تجاهل طلبات شريكه السابق كل الأمور السابقة، عندها على الشريك المتضرر أن يتخذ خطوات قانونية، خاصة إذا تحوّل الشريك السابق إلى شخص عدائي يهدد السلامة.
هل يفضل بعض الناس الانفصال؟
من السهل على البعض أن يفتعلوا المشكلات مع الشريك حالما يستشعرون شيئًا غريبًا في العلاقة، تقترح كالا أن السبب يعود إلى ردة فعل على تجربة مؤلمة سابقة.
تقول كالا: «يفضّل بعض الناس الذين واجهوا صدمات وتجارب سيئة سابقة العيش في جو من الدراما والصراعات، هذا أقرب إلى مشكلة فردية يعاني منها أحد الطرفين حيث يستطيع العلاج تحديد سبب تصرف الشخص على هذا النحو».
يستمتع بعض الناس بلذة إصلاح الأمور.
تقول كالا:«قد يستمتع البعض في الانفصال والعودة سويًا، وكل الدراما التي ترافق هذه الأحداث التي أعتبرها إشارات حمراء».
تقترح كالا أن يكتشف الشخص المدمن على عيش الدراما سبب عودته إلى هذا الطريق مجددًا، وأن يجد طريقة أفضل لبلوغ ما يريد. تُقدّم نفس النصيحة إلى الطرف الذي يستمر في العودة إلى الآخر الذي تخلى عنه عدة مرات.
تضيف كالا أن تجارب الطفولة وردات فعل الآباء حينها تؤثر أيضًا، إذ تتضمن هذه التجارب حدوث طلاق مع الكثير من الدراما أو العنف المنزلي أو غياب أحد الوالدين. تختلف توقعات الأفراد الذين عاشوا ظروفًا كهذه عن الآخرين الذين شهدوا أمثلة جيدة عن الالتزام بعلاقة صحية، إذ يسعون إلى تكرار ما عاشوه سابقًا».
الحصول على دعم إضافي في حال قرار العودة سويًا
عند إصلاح الأمور بعد الانفصال وإعطاء فرصة أخرى للعلاقة، يجب تجنّب ذكر الشجارات السابقة وإيجاد طريقة للتعامل مع المشكلات غير المحلولة.
تقترح كالا الحصول على مساعدة مختص عند محاولة البدء من جديد، يساعد المختص الثنائي على التواصل بطريقة أفضل وتجنب الأفعال التي قادت إلى الانفصال الأول.
أضافت أخيرًا: «إنّ الحصول على الدعم من المعالج هو بمثابة الاعتراف أنه إذا كان الشريكان مقدمين على إصلاح العلاقة بينهما فيجب عليهما وضع جهدهما ليعيشا وفق الطريقة الصحيحة هذه المرة، وأن يحاولا إنجاح علاقتهما باتباع بعض الإرشادات عما يجب فعله بطريقة مختلفة». (أنا أصدق العلم)