منى أبوحمور
عمان- حب غير مشروط، وعطاء لا ينقطع، وألسنة تلهج بالدعاء طوال اليوم، هذا ما يقوم به الوالدان، ومن دون مقابل؛ يبذلان كل ما في وسعهما، ويحملان نفسيهما فوق طاقتهما، فقط من أجل أبنائهما. يقدمان العطاء العقلاني ويتقبلان الأبناء في كل الظروف، بغض النظر عن أخطائهم، كل ذلك بحب وتفان.
ويتم الاحتفال باليوم العالمي للوالدين (Global Day of Parents) في 1 حزيران (يونيو) من كل عام؛ إذ أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول يوم عالمي للوالدين. ومنذ ذلك الحين، تم عقده سنويا لتقدير الوالدين في جميع أنحاء العالم.
"لا يوجد من يتمنى أن تصبح أفضل منه إلا الوالدان"، هكذا أوجزت ليلى بوصفها حب والديها لها وعطاءهما الذي لا ينفد يوما ودعمهما المستمر في كل الظروف وفي جميع الأوقات.
وتقول "حب الوالدين غير مشروط، يجعلك أكثر قوة وصلابة نفسيا، يمكنك من خلالهما تجاوز الصعوبات وتقدير ذاتك، يمنحك البصيرة لترى نفسك في مكان آخر مختلف عن الآخرين".
وتلفت ليلى إلى أن والديها هما صاحبا الفضل عليها في كل شيء حتى في استقرارها النفسي وقدرتها على اتخاذ القرارات الصعبة قبل السهلة في حياتها، جعلا منها شخصا مستقلا قادرا على التواصل مع الناس وكسب محبتهم.
"مشاعر مختلفة تلك التي يمتلكها الوالدان تجاه أبنائهما.. لا يفهمها إلا من يشعر بها"، هكذا يصفها محمد خالد الذي يعيش بدعاء والديه وحبهما الذي لا ينتهي له ولأبنائه أيضا.
ويقول "الوالدان فقط هما من يطمحان لرؤية أبنائهما في أعلى المراتب، ويريان كل ما يقدمانه لأبنائهما قليل"، مقدمين الاهتمام والعطاء منذ السنوات الأولى للعمر وحتى الكبر.
وأكثر ما يتذكره خالد عندما كانت والدته تخفي علاماته المتدنية عن الناس لتزيل عنه الإحراج، فكان يشعر حينها أنها الوحيدة التي لا تنتظر له زلة حتى تنتقص منه أو تؤنبه.
من جهته، يشير اختصاصي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، إلى أن الوالدين نعمة كبيرة للأبناء، ويصف عمل الوالدين ومهامهما في الحياة بـ"الشاقة". يستغرق سنوات طويلة ما يقدمه الوالدان للأبناء، فالأم تحمل وتلد وتسهر وتربي وتقوم على رعاية الأبناء والعناية بهم. والأب يعمل ويكد ويتعب لتأمين متطلبات الحياة ويسهم في تربية الأبناء. ولذلك، فإن رضا الوالدين من رضا الله تعالى، وبر الوالدين سبب في دخول الأبناء الجنة.
في حين أن عقوق الوالدين سبب في دخول النار، وهذا تأكيد على رعاية الوالدين والبر بهما في كل المراحل. ولا بد من حرص الوالدين على أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهما، لأنهم سيتأثرون بآبائهم في طريقة التعامل.
"وكما للوالدين حقوق على الأبناء، فإن للأبناء حقوقا على الوالدين أيضا، وهذه الحقوق تبدأ من حسن الاختيار قبل الزواج وحسن التسمية والتربية الصالحة والرعاية والتنشئة السليمة. والبعد عن الخلافات الزوجية والمشكلات الأسرية والعنف ضد الزوجة أو ضد الأبناء، والتعامل بالحكمة وأن يسود الحوار داخل الأسرة"، وفق سرحان.
وتزداد حاجة الوالدين للاهتمام، بحسب سرحان، مع تقدمهما بالعمر، فيحتاجان لمزيد من الرعاية النفسية والصحية، خصوصا بعد التقاعد من العمل أو المرض حتى لا يشعرا بالفراغ والإهمال أو الوحدة، وهذا يتطلب تعاون الإخوة والأخوات في تقديم هذه الرعاية.
ويتابع "المشكلة أكبر في حال سكن الوالدان بعيدا عن الأبناء، فإن مسؤولية الأبناء في التناوب على زيارتهما والعمل على أن يكون السكن قريبا من أحد الأبناء، ودوام التواصل معهما وتفقد أحوالهما".
ويشير سرحان إلى أن اجتماع الأبناء والبنات والأحفاد في منزل الوالدين في المناسبات والعطل والأعياد يشعر الوالدين بالأهمية والاحترام والتقدير، ويربي الأحفاد على قيمة احترام الأجداد والوالدين وكبار السن.
"ومن حق الوالدين أيضا على المجتمع، أن يعطيهما الرعاية والأهمية في وسائل النقل والأماكن العامة والطرقات، كذلك توفير أماكن الترفيه المناسبة لهما وأن يحرص الأبناء على ربط الوالدين مع الأقارب وأصدقاء العمل والجيران سواء بالزيارات أو التواصل عن بعد"، وفق سرحان.
ويؤكد دور المؤسسات التربوية والإعلامية في الحث على بر الوالدين من خلال توجيه الجيل وعرض النماذج الإيجابية للأبناء، وهي كثيرة لتكون قدوة حسنة للآخرين، واحترام الأبناء للوالدين دليل على حسن التربية والالتزام بالمنهج السليم وتقدير لدور الوالدين وحقهما، وهو أيضا تأكيد على صدق الانتماء للأسرة والمجتمع.
ويختم سرحان "احترام الوالدين يرفع من قدر الشخص أمام الآخرين، وهو توجيه بأن الوالدين لهما فضل كبير، وطاعتهما من طاعة الله تعالى".