أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي

في بعض المشكلات الأسرية قد يكون أحد الطرفين متمسكًا بالمطالبة بما يريده هو، وليس لديه أي تنازلات، ولا يعي أو يدرك حجم ما يعانيه من يقابله في الجانب الآخر، ولأنه قد يتعذر الحل، فلا بد من تقريب وجهات النظر بينهما من جهة، والإحساس بضخامة وحجم ما يعانيه الطرف الآخر من جهة أخرى، وحتى لا تتسع الفجوة العاطفية بين الطرفين؛ يتحتم استخدام مبدأ (تبديل الأدوار)، بهدف فَهم المشكلة فهمًا دقيقًا للوصول إلى الحل، والدخول في عمق المعاناة، وانتهاء المشكلة، وإبعاد الألم.

وتتمركز هذه الإستراتيجية على تغيير بعض المفاهيم بطرق فعَّالة، وغير مباشرة؛ حيث يُطلَب من أحد الأطراف أن يتخيل أنه مكان الطرف الآخر بالمحاكاة؛ ليستشعر ويفهم منطقية ما يطلبه الشريك؛ فيُعرَض عليه أن يقوم بتقمُّص دوره، فيحس بالإحساس نفسه، ويستشعر الألم، ويقبل التنازل عن الشروط التي قد يتفهم هو بنفسه عدم منطقيتها، رغم أنه كان يطالب بها، ويتجلى تأثير تقمص الدور في علاج المشكلة من خلال الإحساس بالمعاناة، فهي عملية تخيُّلية، تحليلية تلقائية، للتعبير والتفاعل مع ما يشعر به الآخرون من أحاسيس، فيشعر بنفس شعورهم، ويهتم بأمرهم، ويبادر في الحل بناءً على هذه النتيجة.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ [البخاري، رقم: 13]، وهذا يؤدي إلى التسامح والتعاطف، ومحبة الخير.

يردني في عددٍ من قضايا الإصلاح بعض المطالبات غير المنطقية من أحد الطرفين، وعند تطبيق هذه الإستراتيجية، يتم الاقتناع وبدرجة كبيرة بعدم منطقية ما يُطالِب به؛ حيث إن المطالبة عندما نخضعها للعقل، فإن الموازين تتحول وتتغير، وتتبدل وتسود بعد ذلك الأُلفة والسعادة، وتتيسَّر الحياة كما رسم لها.

أثناء الخلافات يعتقد كل شخص أنه على صواب، ويظن أن من يقابله يضخِّم الأمور كثيرًا، وأنه لم يكن هناك داعٍ للخلاف في الأصل، ولا حتى فتح الحوار بينهما.

حاول التفكير بهدوء، وانظر إلى الأمور من وجهة نظر الطرف الآخر، وأعْطِ نفسك فرصة للاطلاع على الصورة كاملة من جميع الزوايا، وليس من زاويتك أنت، فربما تكون مخطئًا، وعندما تجد نفسك قد وقعت في خطأ، فلا يمنع أن تتنازل.

إذا واجهتك مشكلة وترى أنك على حقٍّ، يمكنك تجربة مبدأ (تبديل الدور) مع من يخالفك في الرأي، أو التوجه، فربما تقمَّص دورك، وعاش معاناتك، وشعر بألمك، حتى وإن لم يخبرك بتغير توجهه، فسيكون لديه توجه داخليٌّ يتغير إلى الأحسن على مرِّ الزمن.

JoomShaper