منى أبو حمور
عمان- تشعر الأم ابتسام محمد بقلق وتوتر كبيرين في كل مرة يخرج فيها ابنها البالغ من العمر (17 عاما) برفقة أصدقائه، ولا تتلاشى هذه المخاوف إلا بعودته إلى المنزل.
تصف ابتسام قلقها الشديد حيال خروج ابنها، قائلة: 'الدنيا بتخوف"، ورغم معرفتها الجيدة بأصدقائه من سكان المنطقة، إلا أنها تخشى أن يدفع الفضول الطبيعي للمراهقين إلى تصرفات خاطئة وغير مقبولة.
وترى ليلى القاضي أن اختلاف الخلفيات الاجتماعية للأصدقاء هو السبب الرئيسي لقلق الأهل. فما يعتبره بعض الآباء ممنوعا، يسمح به آخرون، مما يؤدي إلى اختلاف كبير في سلوك الأبناء وتأثرهم بشكل كبير بأصدقائهم.
وتقول القاضي "إن المشاهد ليافعين يفترشون الشوارع ويستخدمون لغة نابية وألفاظ مسيئة جعلتها تفكر كثيرا في ابنها خوفا من أن يتأثر بسلوكيات أقرانه، وهو الأمر الذي جعلها تفكر مرات عديدة قبل الموافقة على خروجه من البيت".
ويتفق مع رأيها حاتم الذي يستهجن اكتظاظ المقاهي والمطاعم باليافعين، خصوصا مع بدء العطلة الصيفية، فضلا عن الشوارع والأسواق الشعبية التي أصبحت مكانا يرتاده اليافعون خلال العطلة.
ويلفت الى أن القلق الذي يشعر به كولي أمر طبيعي ومنطقي، خصوصا في ظل الانفتاح الكبير الذي تأثر به هذا الجيل وانتشار ظاهرة التدخين الذي أصبح بيد جميع الطلاب حتى صغيري السن.
ويزيد قلق أولياء الأمور تأثر أبنائهم بأصدقائهم وتقليدهم لهم، لاسيما في ظل وجود أهال لا يكترثون لتصرفات أبنائهم ويسمحون لهم باستخدام "الفايب" أو الأرجيلة ويجدون هذه التفاصيل طبيعية، عندها يعتقد الطفل أو اليافع الممنوع عن هذه الأفعال أن صديقه يعيش في نعيم وأن أهله أكثر تفهما وتقبلا، ما يجعله يتمنى حياته ويرفض أي ملاحظة من والديه.
ومن جهة أخرى، يعبر الكثير من أولياء الأمور عن قلقهم في الوقت الذي يحاولون فيه عدم المبالغة أو تقييد حرية الأبناء، فكلما حاول أحد الوالدين توجيه ابنه للصواب يعتقد أنه يحاول السيطرة عليه وتقييده وأنه لا يثق في تصرفاته، بحسب الموظف أحمد عبدالرحمن.
ويستفز عبدالرحمن مقارنة ابنه الدائمة له بأن والد صديقه يسمح له بالخروج دائما والتأخر في العودة إلى المنزل، في حين أنه يضطر لتكرار طلب الخروج مرارا وتكرار حتى يتم الموافقة، وفي أغلب الأحيان لا يحصل عليها.
ويشير إلى أن الخوف الكبير الذي يشعر به الأب والأم أثناء فترة التواجد خارج المنزل لا يمكن أن يستوعبها الابن ويعتبرها تضييقا، في حين أن الوالدين يعيشان تحت الضغط لحين عودته خوفا عليه من الشارع ورفاق السوء.
لعل أكثر ما يسبب الخلاف وعدم التفاهم بين الآباء والأبناء هو اختلاف التفكير وتباين منظومات القيم والعادات بينهما. فالآباء، بتربيتهم وقيمهم الراسخة، يرون أن جيل اليوم يعيش في عالم سطحي، بينما يرى الأبناء أن آباءهم متعلقون بأفكار قديمة، لا يواكبون التطور المتسارع للمجتمع. هذا التباين في وجهات النظر يخلق صداما، حيث يصر كل منهما على وجهة نظره.
ومن جهته، يقول التربوي الدكتور عايش النوايسة "تواجه الأسرة تحديات كبيرة، خاصة في تربية الأبناء ورعايتهم، ويأتي هذا في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع، وتأثير ذلك على سلوكيات الأبناء وأوقات فراغهم، خاصة مع البقاء خارج المنزل حتى ساعات متأخرة من الليل".
ويزداد قلق الأهل، وفق النوايسة، بخروج أبنائهم في ظل انتشار ظواهر سلوكية سلبية في المجتمع، مثل تعاطي المخدرات والمنشطات بين الشباب وبنسب عالية في المجتمع، مما يولد لدى الأسر قلقا وتوترا كبيرين على الأبناء أثناء خروجهم من المنزل.
ويقول النوايسة "ميل الشباب إلى الاستقلالية عن الأسرة يجعل الأهل في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع الأبناء". ويؤكد أن نجاح الأسر في حماية أبنائها في ظل هذه التحديات يتطلب جهودا ومتابعة مستمرة من خلال متابعة سلوكياتهم وتحصينهم بالنصائح والتوجيهات المستمرة وبناء علاقة إيجابية مع الأبناء قائمة على المودة والمحبة والنصح والبعد عن التشدد في التوجيهات والأوامر واستخدام العنف معهم.
ويختم النوايسة، أن نجاح الأسرة في التواصل الدائم مع الابن ومعرفة حاجاته والاهتمامات الخاصة به وتوجيهها بصورة إيجابية؛ أمور تنعكس على بناء الثقة بين الأم والأب والابن، وبالتالي تجعل هناك مصدر ثقة بين الطرفين بعيدا عن الخوف أو القلق لدى الأسرة على الابن.