(دي برس - العرب) - تميل السيدات في الغالب إلى الخروج إلى المجمعات التجارية للتسوق, وهي عادة تطبَّع عليها العديد من ربات البيوت, فالزوجة أكثر شغفا للتسوق, بل كثير منهن يقضين وقتا طويلا خارج المنزل متجولات في المحال التجارية لشراء أشياء قد لا تكون على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لهن, ولكن هو مجرد التعلق بفكرة الشراء التي تتحول في أحيان كثيرة إلى إدمان يصعب التخلص منه. وبالطبع هذه العادة ترهق ميزانية الأسرة, وتتسبب في كثير من المشكلات لها, خاصة إذا كانت أسرة ذات دخل متوسط، ويرجع بعض علماء الاجتماع هذه الظاهرة إلى الفراغ، بما في ذلك الفراغ العاطفي، كما يفسره البعض برغبة دفينة في إشباع الذات أو الانتقام منها، لكن الإدمان على التسوق أو الشراء المرضي، حسب البعض الآخر، سببه الاكتئاب وشعور بالنقص وبعدم الثقة بالنفس.
وتؤكد الدراسات أن هذه المشكلة تحولت إلى ظاهرة تستحق الدراسة والبحث حيث كشف باحثون ألمان أن نحو %10 من مجموع المستهلكين في كل دول الغرب هم مدمنو شراء بدرجة أو أخرى، ولقبه الباحثون بمصطلح "أونيو مانيا" وهو "إدمان التسوق" وقد أقر لأول مرة قبل قرن من الزمان على يد عالم النفس في ليبزج, إميل كريبلين، الذي كتب رسالة علمية عن الناس في المدن الكبرى الذين لا يستطيعون مقاومة رغباتهم الملحة في شراء أشياء جميلة تجعلهم يشعرون بالسعادة، حتى لو لم يكونوا بحاجة إليها، وحتى لو تركوا ما اشتروه في المنزل من دون أن يفتحوه ولم يستخدموه على الإطلاق.
وقد أجرت الدكتورة مارتينا دي زوان, رئيسة قسم العلاج النفسي بمستشفى إيرلانجين الجامعي في ألمانيا بالتعاون مع فريقها من الباحثين وبالاشتراك مع باحثين من جامعة نورث داكوتا في الولايات لمتحدة، دراسة على مدى أربع سنوات شملت 51 امرأة و9 رجال، تتراوح أعمارهم بين 20 و61 عاما، ممن تم التأكد من أنهم من مدمني التسوق الذين يحتاجون إلى مساعدة وتدخل عاجل، وفي جميع الحالات تبين أن الضحية كانت تحس بقوة جامحة تحثها على الخروج وشراء الأشياء بغض النظر عن احتياجها لها أو مدى رغبتها في اقتنائها.
وتبين أن هاجس التسوق كان يضع ضغوطا هائلة على شركاء المريض وذويه من الناحيتين المالية والنفسية أيضا، كما وجد الباحثون أن إدمان التسوق شيء يتجاوز كافة المستويات الاجتماعية ومستويات الدخل، وأن مدمني التسوق يعانون بشكل عام من ضعف تقدير الذات.
كما لوحظ أن إدمان التسوق أكثر انتشارا بين النساء، لكنه يصيب أيضا عددا لا يستهان به من الرجال, والعلاج الوحيد للمرض حتى الآن يتمثل في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب.
ولعل إدمان الشراء هو من الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى عدم استقرار الأسرة, حيث ذكر موقع "لها أون لاين" أن قسم التوجيه والإصلاح الأسري بدائرة محاكم رأس الخيمة حذر من تزايد معدلات الخلافات الأسرية بسبب النفقات المنزلية، حيث ارتفع عدد الخلافات الأسرية التي شهدتها محاكم رأس الخيمة خلال الأشهر الخمسة الماضية إلى 350 خلافاً، وتصدر العامل المادي، وعدم قدرة الأزواج على تلبية متطلبات الأسر المادية هذه الخلافات.
وارتفعت وتيرة هذه الخلافات خلال الفترة الماضية بشكل تدريجي بين المقيمين الذين أدخلتهم الأزمة المالية الأخيرة على طريق الخلافات الأسرية، ويكشف المؤشر الشهري لهذه الخلافات منذ بداية العام الجاري أنها في ارتفاع متواصل، فمن مجموع 350 حالة على مدار الأشهر الخمسة الماضية، تقدم شهر مايو الماضي هذه الخلافات بمجموع 61 حالة، ثم شهر أبريل بعدد 59 حالة، ومارس 50 حالة، وفبراير 43 ويناير 58 حالة، إلى جانب عشرات الخلافات الأخرى التي تلقتها اللجنة وتمكن الموجهون الأسريون من إنهائها بعد جلسات مع الطرفين.
وقد تحدث العديد من الكتاب وعلماء الاجتماع والنفس في هذا الأمر, حيث كتبت روث إنغا أستاذة قسم الصحة العامة في جامعة إنديانا بحثا بعنوان "شوباهوليك" أو "إدمان التسوق", وبدأت البحث بتعريف الكلمة، وقالت: إن من علاماتها:
أولا: شراء كماليات، لا ضروريات. ثانيا: إحساس بالسعادة خلال التسوق. ثالثا: تركيز على الفساتين والأحذية والعطور. رابعا: دخول متجر لشراء شيء واحد، والخروج منه بعد شراء أشياء كثيرة. خامسا: تكرار شراء الشيء نفسه. سادسا: إخفاء أشياء حتى لا يغضب آخرون ينتقدون هذا الإدمان. سابعا: إنكار الإدمان. ثامنا: تزايد الديون. تاسعا: إحساس بالحرج بسبب كل هذه الأشياء. عاشرا، بسبب ذلك، إدمان أشياء غير التسوق، مثل الخمور والمخدرات.
وعن العلاج تقول إنغا على كل من يعاني من هذا الأمر أولا: مقابلة طبيب أمراض نفسية. ثانيا: الشراء نقدا وليس ببطاقة ائتمان. ثالثا: تفضيل مشاهدة فيلم سينمائي عن التسوق. رابعا: التجول في الأماكن التجارية من دون دخولها. خامسا: الشراء بالتليفون أو الإنترنت لتحاشي إغراء مشاهدة الأشياء مباشرة. سادسا: الالتحاق بنادٍ أو مكان رياضي للذهاب إليه عند الشعور بالفراغ والسأم.
وأضافت روث أن هذا الإدمان ليس وسط الأميركيات فقط، ولا يعرف أوصافا وطنية أو عرقية أو دينية, لأنه ينتشر وسط النساء اللاتي ينتمين إلى طبقات اجتماعية واقتصادية مرفهة، وقالت إن سيدة متدينة قابلتها في جلسة من جلسات النقاش النفسي، قالت إنها بدأت بشراء كتب وموسيقى وأفلام دينية، ثم صارت مدمنة عندما أخذت تشتري قمصانا عليها عبارات أو رسوم دينية، ووجدت أنها جمعت عشرات القمصان من هذا النوع.