تلفزيون سوريا - القاهرة
ملخص:
غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج من أبرز العوامل التي تمنع الشباب السوريين في مصر من الزواج.
ضعف الأجور وتزايد المصاريف الشهرية يجعل من الصعب على الشباب تحقيق الاستقرار المالي اللازم للزواج.
تصاعد الخلافات بين أرباب العمل والعمال السوريين بسبب تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة.
أزمة الإقامات في مصر تزيد من شعور الشباب بعدم الاستقرار، ما يدفع بعضهم إلى التفكير في الهجرة.
تزايد شعور الوحدة والضياع بين الشباب السوريين نتيجة للأوضاع الاقتصادية وأزمة الإقامات.
تعددت الأسباب التي تكدر عيش الشباب السوريين في مصر، وباتت فكرة الزواج حلما لعدد كبير منهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
ويجد معظم الشباب السوريين أن المشكلة ليست فقط في ضعف مواردهم المالية، بل أيضا غلاء المهور والتي لا تتناسب مع متوسط الأجور، ورفض الأهالي التساهل معهم.
ويواجه الشباب السوري صعوبات كثيرة يعد أهم أسبابها برأيهم عدم ترفق أرباب العمل بهم، ورفضهم زيادة الأجور على الرغم من الغلاء المستمر في مصر.
صراعات بين أرباب العمل والعمال
تزايدت في الآونة الأخيرة الصراعات بين أرباب العمل السوريين والعاملين لديهم، ووصلت إلى نقل نقاشاتهم ومشاكلهم إلى الصفحات الخاصة بتجمعات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلا صوت الشباب بالمطالبة برفع الأجور، وترفق أرباب العمل بالعاملين لديهم ومنحهم مرتبات توازي مصاريفهم الشهرية على الأقل.
التفاوت بين مستوى الدخل ومتطلبات المعيشة عكسه منشور على "فيس بوك" في صفحة الجالية السورية في مصر أثار جدلاً كبيراً ونقاشات.
المنشور لحساب "مجهول الهوية" أثار غضب المتفاعلين معه، فقد تعجب صاحبه من مطالب العاملين لديه برفع أجرهم إذ تبلغ يومية العامل من 200 إلى 300 جنيه مصري (حوالي 6 دولار أميركي) وطالبهم بالرضا بما هو موجود وعدم استغلال أصحاب العمل.
في حين تعارضت آراء المتفاعلين مع صاحب المنشور، وقال أحمد عبد الرحمن، إذا كان آجار المنزل الآن حوالي 5000 جنيه، من دون أي مصاريف أخرى، كيف سيسد هذا المبلغ متطلبات الحياة.
وتزايدت التعليقات التي تطالب أصحاب العمل بمراعاة الظروف الحالية، خصوصا مع ارتفاع رسوم الإقامات، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الذي تبعه غلاء كبير في أسعار كل شيء.
يقول محمد مصطفى (28 عاما) سوري مقيم في مصر، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أعمل 10 ساعات يوميا، وأشعر أن سنوات عمري تضيع مقابل لا شيء، وبعد كل هذه السنوات في سوق العمل، لا أملك أي شيء.
يضيف محمد الذي يقيم مع والدته فقط، لا يوجد وقت لعمل آخر، وتزايدت الأعباء علينا، حتى فكرة الزواج تبدو حلما بعيد المنال، فكيف سأنشئ أسرة وأنا بالكاد أؤمن متطلبات الحياة لي ولوالدتي بملغ لا يتجاوز 10 آلاف جنيه (200 دولار أميركي)
ويتقاسم محمد هذه المعاناة مع آلاف الشباب السوريين، الذين كانت مصر بر الأمان بالنسبة لهم بعد أن اضطروا مجبرين على مغادرة وطنهم.
غلاء المهور وزيادة مطالب الأهالي
"لا يريدون الترفق بحالنا" هكذا بدأ سامر يوسف (30 عاما) حديثه، إذ يرى سامر أن الأهالي يرون في العريس (المصباح السحري) الذي سيحقق جميع أمانيهم من دون رفض.
يقول سامر، طالبني والد أحد الفتيات بمهر 20 ألف دولار، و5 آلاف للملابس، وأنا مرتبي الشهري لا يتجاوز 15 آلف جنيه (300 دولار أميركي)، طبعا هذا من دون مصاريف الفرح وتجهيز الشقة.
وقامت أسر عديدة برفع قيمة المهر، وتسجيله بالليرات الذهبية، والتي تكون بمتوسط 10 ليرات ذهبية مقدم (يقدر سعر الليرة 30 ألف جنيه)، و20 ليرة ذهبية مؤخر، بحسب أقوال عدد من الشباب.
يعيش في مصر نحو مليون ونصف سوري بحسب آخر إحصائية قدمتها الحكومة المصرية عام 2022، يعاني معظمهم من ظروف اقتصادية صعبة.
وتزايدت أعباء الشباب الاقتصادية بسبب زيادة أسعار الأجهزة الكهربائية، والمفروشات، المصوغات الذهبية، بالإضافة إلى ارتفاع آجارات البيوت بمتوسط 5000 جنيه (100 دولار أميركي) شهريا.
ترفض عائلات سورية عديدة في مصر مراعاة الأوضاع الاقتصادية بحجة الحفاظ على حق بناتهن، والحفاظ على العادات، على الرغم من التغيير الكبير الذي طرأ على العادات بسبب الحرب واللجوء.
ويرى حسام علاء، أخصائي اجتماعي، أن فئة كبيرة من الشباب تعزف عن الزواج بسبب نقص الموارد المالية، ويقول، العائلات ترى أن المهور الغالية من حق ابنتهم، كنوع من الضمان لها في حال الانفصال، ويرفضون المساعدة في تجهيز العروس، مما شكل عبئا على الشباب.
تسهيلات جديدة.. إعادة فتح ملفات اللجوء المتوقفة في مصر
عدم الاستقرار وأزمة الإقامات
تسببت أزمة الإقامات الحالية في مصر بشعور عدد كبير من الشباب بالضياع، خصوصا بعد إيقاف الحكومة المصرية تجديد الإقامة السياحية التي يعتمد عليها معظم الشباب السوري.
وضاعفت الأزمة شعورهم بعدم الاستقرار النفسي والمكاني، إذ يبحث عدد كبير منهم عن حلول أخرى سواء بالسفر إلى مكان آخر، أو الهجرة عن طريق ليبيا والتي تعتبر من أخطر الحلول.
كما تعد فكرة العودة إلى سوريا مستحيلة لفئة منهم، لأسباب أمنية قد تودي بحياتهم، خصوصا أن "الفيش الأمني" غير مضمون بعد أن قام النظام السوري باعتقال عدد كبير من العائدين.
حسام علاء، أخصائي اجتماعي سوري يقول، يسود شعور عدم الاستقرار بين عدد كبير من الشباب في مصر، مما سيؤثر عليهم مستقبلا بالسلب ويمنعهم من إنشاء أسرة في ظل تضافر جميع الظروف ضدهم.
ويضيف، كما أن شعور الوحدة يتضاعف لدى فئة كبيرة منهم يعيشون بمفردهم، بعيدين عن أسرهم، ولا يستطيعون تأمين مستقبلهم.