سمر أحمد
عندما يترك الإنسان لنفسه العنان للإنفاق بطريقة غير مدروسة، فإنه لا يشعر بنفسه إلا بعد أن يدمر ميزانيته الخاصة، ولا يجد أمامه إلا فرصة البحث عن البدائل التي ربما تكون بدائل مناسبة، لكنها في معظم الأحيان تكون من النوع غير المناسب.
أحيانا تقود ثقافة الإنفاق صاحبها إلى أن يقف عاجزا ليس أمامه إلا أن يلعن التبذير الذي تسبب في وضعه في موقف حرج، لدرجة أنه قد يتمنى أن لو أنه يوماً خطط لميزانيته ووضع لها أسسا وضوابط وتعلم أن العملة البيضاء تنفع في الظروف السوداء.


تقول دكتورة دعاء محمد خبير الاقتصاد المنزلي: العقلية العربية غالبا ما تغيب عنها ثقافة الادخار وحساب ظروف المستقبل، حيث لا يمكن ضبط الميزانية تماما كما نريد ولكنها تكون مبالغ تقريبية إذ إننا لا نعرف هل سنمرض كثيراً أم قليلاً أم ستأتي لنا أشياء طارئة أم لا، حتى على مستوى المصروفات اليومية الغالب فيها أن تذهب المرأة لأماكن التسوق فتحمل كل ما فى المكان وتعود لبيتها محملة بشتى الأنواع حتى ولو لم تأكل منها إلا القليل، ولكن على أي حال فإن تغير الظروف الاقتصادية وزيادة ضرورة مراعاة الغد فى ظل الأزمات المالية و تزايد النمط الاستهلاكي وزيادة كماليات الحياة تبرز ضرورة ضبط الاحتياجات اليومية بما يتلاءم مع الدخل، حتى ولو لم يكن مرتفعاً، بل والادخار منه ولو كان فى غاية القلة، فهو الحل الأمثل في الحياة.
والحقيقة أنه عند الرغبة الأكيدة فى ضبط الميزانية فهناك مجموعة من العوامل التى يجب أن تتحدد بناءً عليها الميزانية أهمها، دخل الأسرة وإمكانياتها المادية أي حصيلة ما يدخل للبيت من أموال سواء من عمل الرجل أو المرأة أو هما معا، والتزاماتهما الأسرية سواء كانت ديونا أو أقساطا أو التزامات حالية أو مستقبلية.
ووفق هذه الأمور يمكن للأسرة أن تبدأ التخطيط، وفيها يتم تقسيم هذه الخطة إلى قسمين، الأولى خطة قريبة المدى كشراء الأدوات المنزلية والأثاث والملابس والمأكل والمشرب والأقساط، وخطط بعيدة المدى كشراء سيارة أو بناء منزل.. أو تزويج أحد الأبناء.
وإذا كان على الأسرة أي التزامات مادية للآخرين كالديون، فعليها أن تخطط للتسديد وفق ما يناسبها، بالتسديد الفوري أو من خلال الأقساط، وعندما تضع الأسرة الخطة القريبة التي تحتوي على الإيرادات والمصروفات فلا يكفي أن يكون ذلك حبراً على ورق، بل يجب أن يتحول إلى سلوك جادٍ مع مراعاة الواقعية.
وإذا نجحت الميزانية في الشهر الأول فسوف يكون ذلك معيناً على تكرار التجربة فى الشهور الأخرى مع مزيد من التوفير مثل شطب الأشياء المبالغ فيها والكماليات الزائدة حتى تصل الميزانية إلى شكلها الثابت والمنشود والمحقق للآمال والطموحات الأسرية بما فيها التوفير.
كما أن هناك عددا من الحلول المجربة منها مثلاً الجمعيات، فإنها تجبر على الادخار والدفع، وكذلك ما يعرف بالادخار الذاتي، بحيث تقطع الأسرة جزءا من دخلها الثابت لصالح الادخار على أن تبقيه دائما بعيدا عن متناولها، وأيضا من خلال تكليف أحد الزوجين بمراقبة الطرف الآخر إذا علم عنه شرهه وولعه بالشراء، فكم من منتجات تملأ بيوتنا دون داع، بل لم تستخدم منذ سنوات هى فقط وجدت لسد شره من شراها وإرضائه.
وهناك مسألة مهمة لا يلتفت إليها الكثيرون وهي أنه لابد من تكوين ثقافة اقتصادية لدى الأبناء تسهل عملية وصول المعلومات وتدريب الأبناء على تنظيم مصروفاتهم، وذلك من خلال تحديد مصروفهم اليومي أو الشهري، وإخبارهم أن من يوفر أكثر يحصل على هدية مفضلة له، وهذا مهم لأنه لو كان قد تحقق ذلك لكل فرد منا في الصغر وتربينا على أهمية التوفير.

 

 

جريدة الشرق القطرية

JoomShaper