نورة سليمان عبدالله
المرأة سكن للرجل كما أن الرجل مركز أمان للمرأة، قال الله تعالى: ﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ [النساء: 1] ليسكن إليها؛ أي: إن حواء خلقها الله من آدم ليسكن إليها، فالزوجة الذكية تضمن الحياة الزوجية السعيدة والصحية؛ لأن بها يحصل الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، فمن الأمور التي يجب أن تهتم المرأة بها- خاصةً إذا أقبلت

على الزواج- أن تفكر جيدًا في بناء علاقة زوجية ناجحة في جميع المجالات، وأن تسعى لتحقيق بيت يملؤه الود والتراحم، وتحقق فيه الغاية العظمى من هذا الزواج، السكن والمودة والرحمة، فقوله- سبحانه-: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ﴾ بيان لعلة خلقهم على هذه الطريقة؛ أي: خلق لكم من جنسكم أزواجًا، لتسكنوا إليها، ويميل بعضكم إلى بعض، فإن الجنس إلى الجنس أميل، والنوع إلى النوع أكثر ائتلافًا وانسجامًا، ﴿ وَجَعَلَ ﴾ سبحانه ﴿ بَيْنَكُمْ ﴾ يا معشر الأزواج والزوجات ﴿ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾؛ أي: محبة ورأفة، لم تكن بينكم قبل ذلك، وإنما حدثت عن طريق الزواج الذي شرعه سبحانه بين الرجال والنساء، والذي وصفه تعالى بهذا الوصف الدقيق، في قوله عز وجل: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].
يقول الشيخ السعدي: فبالزوجة يحصل الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودَّة والرحمة، فما هي الأسباب المعينة للمرأة على توفير وتحصيل هذا السكن والود؟ هذه أمامة بنت الحارث أوصت ابنتها في ليلة زفافها وصيةً، يا ليتنا نعلم بناتنا تلك الوصايا، تقول: "أي بنية، احفظي عني عشرًا تكن لك حرزًا:
1- الصحبة بالقناعة.
2- حسن المعاشرة بالسمع والطاعة.
3- التعهد لموضع عينه، ولموضع أنفه، فلا يشم منك إلا أطيب ريح، ولا تقع عينه على قبيح، والكحل من أطيب الطيب، والماء أحسن الحسن.
4- لا تفشي له سرَّه.
5- ولا تعصي له أمره، فإن أفشيت سره أوغرت صدره، وإن لم تطيعي أمره لم تأمني غدره.
6- التعهد لوقت طعامه.
7- الهدوء عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وإن تنغيص النوم مغضبة.
ثم قالت لها:
8- قومي على حفظه وحفظ أبنائه، واحفظي له ماله.
ثم تقول:
9- كوني له أرضًا يكن لك سماءً، كوني له مهادًا يكن لك عمادًا، كوني له أَمَةً يكن لك عبدًا.
10- لا تلتصقي به فيكرهك، ولا تبتعدي عنه فينساك، لا يشم منك إلا طيبًا.
فهذه من أعظم الوصايا التي تستطيع بها أيُّ امرأة أنْ تكون أسْعد زوجة، وتبني لها بيتًا خاليًا من أيِّ كدرٍ، وتجد هدوء النفس وطمأنينتها وسعادتها في بيتها مع زوجها.

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

JoomShaper