بغداد – نبراس نائل
للرجال كما للنساء ذكريات يحتفظون بها في الذاكرة تحمل تجارب وحكايات وما مر من احزان وهموم ولكن تبقى الذكريات المتصلة بالعلاقات العاطفية مع الاخر هي الاكثر حساسية والاكثر كتمانا ،فعادتنا الشرقية لاتتهاون ابدا في استذكار هذا الماضي مطلقا خاصة ماضي الاناث .
والقليل من الرجال من يتصرف مع هذا الماضي بوصفه واقعة لها ظروفها وملابساتها ومضت الى غير رجعة ،وليس الامر مقتصرا على ماضي النساء فقط بل هناك بعض الزوجات اللائي يبحثن عن المتاعب ، يفتشن ايضا في ماضي ازواجهن ويبحثن عن نزوات وحكايات ازواجهن العاطفية ، فيحاولن استدراجهم الى نبش الماضي العاطفي بعد ان يعطين لهم ضمانات مؤكدة بعدم الانزعاج او التاثر . وما ان يشرع الزوج بفتح ملفاته العاطفية ثقة منه بهذه الضمانة حتى يبدأ بالدخول الى جحيم الغيرة التي قد تنتهي بتدمير بيته وتقويض سعادتها الاسرية .مكيالان سرى ربة بيت ترى ان التعامل مع الماضي يتوقف على نوعية هذا الماضي .
متسائلة ،هل يعتبر ماضي من كان مشهورا بالسرقة وتعاطي الفجور كماضي علاقة بريئة اقامها الرجل او المرأة في حياتهما ،ولم تترتب عليها اثار ملموسة على الحاضر القائم ؟ لاسيما وقد درجنا في عالمنا الشرقي نتعامل بمكيالين ،فلاندقق جيدا بماضي الزوج بينما نقيم الدنيا ولانقعدها في موضوعة الماضي السابق للزواج بالنسبة للمراة خاصة في مجال تجاربها العاطفية . الصراحة القاتلة منى زوجة وربت بيت لا تستطيع ان تنسى ماضي زوجها ولها قصة بذلك، كانت في بداية حياتها الزوجية تشعر بالسعادة الغامرة و سافرت مع زوجها الى احد البلدان العربية للاستمتاع بالحياة الزوجية في ايامها الاولى ،وحين رجعت من تلك السفرة قادها فضولها للبحث في مفكرة زوجها التلفونية ، ما جذبها في تلك المفكرة ان اسماء الاناث وضعت كلها في خانة حرف اللام ، فقد كانت مليئة باسماء كثيرة تبدأ بحرف اللام ، ولما سألته عن ذلك اجابها بانه يريد ضمانات لكي يجيبها بصراحة عن كل اسئلتها ،وبعد ان تعهدت له بضمانات بان صراحته سوف لاتؤثر على سعادتهما الزوجية الحالية،أخذ يروي لها قصصه مع هذه الاسماء الواحدة تلو الاخرى على اعتبار انها قصص من الماضي ،ولكن وجدت منى نفسها لاتحتمل هذه الصراحة وتلك المعلومات التي سمعتها من زوجها وانتابها احساس شديد بالاشمئزاز وشعور بالكراهية تجاهه، بل تنامى احساس بالحقد حيال زوجها ووصل احيانا هذا الشعور الى الرغبة في قتله بوصفه خائنا لها. المستقبل هو المهم زينة امراة متزوجة ولها طفل تقول بان الماضي لايهمها بقدر ما يهمها المستقبل الذي يربطها مع زوجها . ولايحق لها ولا أية زوجة في العالم محاسبة زوجها على مافات من الزمن ، ولا شك في ان اهم ما في العلاقة الزوجية هي المودة والحب والتخطيط للمستقبل السعيد معا. وان لا ينظرالزوجان الى الوراء والنبش في ايام الماضي لانها سوف لاتجلب الا الحسرات والندم ،ولربما تكون سبب في تحطيم السعادة الزوجية من اساسها . الوفاء قبل الماضي في رأي انفرد به سمير ابو جمال يرى فيه بان الكثير من الشباب قد يرتبط بزوجة سبق لها ان خطبت لغيره من قبل او ربما مرت بتجربة عاطفية او حتى تجربة زواج ، فيتساءل هل من الممكن ان يكون ذلك سببا لمحاسبتها بعد الزواج ، واذا فعلنا ذلك فسنكون غير منصفين ، ما يكفيه هو وفاؤها واخلاصها له بعد الزواج. فالعشرة تولد المحبة وتزيدها المعاملة الطيبة . ما يجعل الزوج متناسيا كل شيء عن ماضيها ولا يتذكر منه شيئاً. مفترق طريق رسل طالبة جامعية مخطوبة . رأيها انه لا داعي لاستمرار الزواج اذا كان قائما على الشك المتواصل واعتبار الماضي شبحا مرعبا لايمكن تجاوزه لان ذلك سيتعب الرجل والمراة وينغص عليهما ساعات السعادة .. ولذا تعتقد رسل بان الحياة الزوجية التي يكبل سعادتها استذكار الماضي يجب ان لاتستمر وتتوقف عند حد معين . بينما ريم تجد ان هناك فارقاً بين انسان تخلص من عقدة الماضي ولم يبق في جعبته منه الا المواقف والحكايات التي يتندر بها مع زوجته . واخر يتحسس من هذا الماضي ويعتبره كالقنبلة الموقوتة لاتعرف متى تنفجر ؟ فالاول حسب رأيها يستحق الاحترام والتقدير، والثاني يحتاج الى مراجعة افكاره وتصوراته للحياة الزوجية . الهجوم والدفاع يقول الروائي الروسي ليو تولستوي بعد احتراقه بجحيم الغيرة الزوجية (كانت تلك الذكريات أشبه بفتيلة وضعتها بنفسي في ثنايا حياتنا الزوجية، فقد اشتعلت غيرة زوجتي دون مبرر، وبدرجة احالت حياتنا الحلوة الصافية الى نيران متأججة).ان الكلام والنبش في ماضي الازواج لبعضهما لا يؤدي فقط الى مشاحنات مستمرة وانبعاث احقاد مكتومة فقط ، بل يؤدي الى ظاهرة هجوم ودفاع مستمرين من قبل بعضهما ، فالذي اثبتته العديد من الدراسات والابحاث الاجتماعية ان نبش الماضي في حياة الازواج من ابرز اسباب تدميرسعادتهما المشتركة .
جريدة الصباح