أنييس خباز
لا يجرى اختبار للتأهل قبل الزواج، ولا تقدم منحة لمن يريد دخول القفص الذهبي، ورغم ذلك فان الدراسة في هذه المؤسسة، أي مؤسسة الزواج، هي من الأصعب وتعادل الدراسة الجامعية، أما النجاح فيها فلا يتحقق الآن سوى لأقل من نصف طلابها، على الأقل وفق معدلات الطلاق القائمة في أوروبا، لذلك من المفيد البحث عن الأسباب. هل يعود الإخفاق إلى التحضيرات السيئة التي تمت قبل الزواج؟ أم أن عدم إدراك مدى صعوبة الامتحانات التي يتعرض لها الزوج والزوجة في الحياة المشتركة هو الذي يقذف بهما خارج هذه الجامعة الحياتية؟
الدراسات العليا في الزواج تتضمن فخا، فكثير من الناس يعترفون في اللحظة التي يتأكدون فيها بأنهم رسبوا في امتحان التسامح، بأنهم لم يكونوا يعرفون شيئا عن الواجبات المتأتية من هذه المادة، لكن المشكلة تكمن في أن هذه المادة ليست الوحيدة التي يتعين النجاح فيها، بل توجد مواد أخرى لا تقل أهمية عنها. كما أن مضمون هذه المواد يختلف أحيانا لان الحياة معقدة من جهة، ولان طباع الأفراد مختلفة من جهة أخرى. ورغم هذا التعقيد والتنوع، فان بعض الدراسات والأبحاث نجحت في وضع ما يشبه الخطة الدراسية التي تتضمن ليس فقط جدولا زمنيا، وإنما أيضا الامتحانات التي سيتوجب على طالب أو طالبة الزواج مواجهتها للحصول في النهاية على الدبلوم المطلوب، وهو السعادة الزوجية.
المرحلة الدراسية الأولى
تشمل هذه المرحلة السنوات السبع الأولى من الزواج، أما النجاح فيها، فيؤهلكم للحصول على اللقب العلمي الأول في التحصيل الجامعي. الطلاب الجدد في مدرسة الزواج قد يكونون ما زالوا يتمتعون بالمزايا الكثيرة للزواج، لذلك نتمنى لهم أياما جميلة. أما في حال كان قراء هذه المادة من الذين تزوجوا منذ فترة أطول، وبدأوا يغيرون عدساتهم من العدسات الوردية إلى العدسات الطبية، فان ذلك يعني أنهم لا يزالون في المرحلة الأولى التي تتميز باكتشاف الرجل بان زوجته ليست مثالية وإنما امرأة فوضوية، والعكس صحيح بالنسبة للمرأة.
ويتعين في هذه المرحلة التخلي عن الاستراتيجية التي تقول «أنا سأغيره» (أو سأغيرها) لأنها غير فعالة بل خطيرة ولا تقود إلى النتيجة المطلوبة. أما المطلوب في هذه المرحلة فهو الاتفاق على بعض قواعد التعايش المشترك والتمسك بها في الحياة العملية، مع الإدراك مسبقا انه لن يتم تحقيق كل الأهداف في كل الاتجاهات.
أما الامتحان الثاني الذي ينتظر المتزوجين فهو رسم الحدود، الأمر الذي لا يعتبر سهلا لأنه يتطلب موهبة دبلوماسية وإدراكا بان أي اتفاقات ثنائية لا تستمر بشكل أبدي. على سبيل المثال إذا ما اتفقتم على قاعدة بأن المساء يعني وجبة طعام ساخنة فيتعين عليكم أن لا تتعجبوا عندما تتخلى المرأة عن هذه القاعدة بعد عدة أعوام، ويسري الأمر نفسه على الرجل الذي يتخلى عن جلب الورود لزوجته بعد عدة اشهر أو أعوام من الزواج بعد أن كان يجلبها لها مرة كل أسبوع.
النجاح في الامتحان النهائي في هذه المرحلة يتم من خلال العمل بالأسلوب الثلاثي، أي قيام المرأة بالمديح والمديح والمديح للزوج، في حين يتعين على الرجل أن يجلس، وان يتحدث وان يداعب الزوجة. وهنا على الزوجين أن يعلما أن هناك فروقا في طريقة أداء الرجل والمرأة. فالبنزين الأساسي الذي يعمل به غرور الرجل هو المديح، أما لماذا المديح 3 مرات، فلأن المديح مرة واحدة ليس كافيا، فالنساء لديهن نزعة أحيانا باعتبار بعض الأمور التي يقوم بها الرجال عادية وطبيعية، والرجال يحتاجون للشعور بان أحدا ما يلاحظ جهودهم.
أما المبدأ الثلاثي الذي يتعين على الرجال التزامه، وهو الجلوس والتحدث والمداعبة، فان النساء بحاجة إليه لأنهن يحتجن إلى التحدث عما يؤرقهن ويشغل بالهن، ولإدراك ان الزوج يحس بهن وبمشاكلهن.
المرحلة الثانية
إن الدخول في المرحلة الثانية من الدراسة يقترن بالاهتمام بشكل مكثف بالعائلة، الأمر الذي يجلب معه امتحانا رئيسيا لان الزوج والزوجة في هذه المرحلة يتواجدان في دائرة مغلقة وهي: الفطور، المدرسة، العمل، جلب الأطفال من المدرسة، ثم حل الوظائف المدرسية معهم، ثم التسوق، ثم إعداد العشاء. ويتداخل مع هذا النظام الروتيني أحيانا المرض وضرورة اخذ السيارة إلى السرفيس، أو دفع سعر غسالة الصحون الجديدة أو شراء أحذية جديدة. في هذه المرحلة نبدأ بمعاملة الشريك على انه جزء من التجهيزات المنزلية التي لا يمكن الاستغناء عنها، أي آلة فعالة تخدم لسنوات عديدة قادمة يتخللها بعض الاضطرابات. لكن من الخطأ الاعتماد على الشعور بأننا نعرف الطرف الآخر حق المعرفة، صحيح أن هناك درجة معينة من المعرفة موجودة لدى الطرفين، غير أن لكل شخص الحق بان يحاول تغيير حياته. وقد تصطدم محاولاته لتحسين نوعية حياته بعدم تفهم الطرف الآخر، الأمر الذي يجعل الرجل، أو المرأة، يبحث عن التفهم لدى شخص آخر خارج العائلة.
ويتعين في هذه المرحلة شطب بعض العبارات من قاموس التواصل التي يتم نطقها بشكل أوتوماتيكي، مثل العبارة التي تقولها المرأة «لقد قلت لك ذلك» أو العبارة التي يقولها الرجل «وماذا فعلت كل اليوم»؟ ولاسيما للزوجة التي لا تعمل.
المرحلة الثالثة
تبدأ المرحلة الثالثة بعد خروج الأولاد من المنزل واستقلالهم بحياتهم، حيث يشعر الزوجان بالتغيير الكبير الذي يحصل في العائلة، فالوقت الذي كان مخصصا للأولاد أصبح ملكا للزوجين وهما الآن لا يعرفان ماذا يفعلان به. ولتجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر يتطلب الأمر تعلم الشعور بالسعادة من خلال ممارسة الهوايات، أو الرياضة، أو السفر، أو تعلم اللغات، أو الرسم، وتحقيق الأمور التي لم يكن بالامكان إنجازها في مرحلة التفرغ لتربية الأطفال وتعليمهم.
جريدة القبس