طارق أحمد
النقص في المودّة والتقارب، سواء العاطفي أو الجسدي، وإحدى من المشاكل الزوجية العديدة التي تبرز بعد ولادة طفل في العائلة.
فعلى الرغم من أنّ فرحة إنجاب طفل والبدء بتأسيس عائلة لا يضاهيهما أي فرح آخر، فإنّه ما ان يولد الطفل حتى يضيف المزيد من المسؤوليات على عاتقنا، ويُحدث تغيّرات في أسلوب حياتنا، كما يؤدي الى بعض المشاكل المادية، والى ما هنالك من أمور من شأنها أن تقضي على شعورنا الأوّل بالبهجة، بهجة خلق حياة بين ليلة وضحاها.
نقص التواصل العاطفي
مع قدوم الطفل، من الطبيعي أن ينصب اهتمام الأم على طفلها وتلبية حاجاته. وفي هذه الأثناء، قد يشعر الرجل بأنّه مهمل ويبدأ بالابتعاد عن زوجته. ويستمر هذا الوضع الى حين يكبر الطفل ويبدأ بارتياد المدرسة. وكل ما يتحدّث عنه الزوجان طوال اليوم يصبح حول كيفية تأمين الأقساط المدرسية للطفل، وحول من سيقلّه من المدرسة، أو أي هواية سيمارس في المدرسة.
عندها تصبح حياة الزوجين متمحورة حول الطفل وليس حول علاقتهما كما كان في السابق قبل ولادته، ممّا قد يخلق مسافة عاطفية بين الزوجين، ويمكن أن يؤدي في بعض الأحيان الى انفصالهما.
تجنب العلاقة الجسدية
أحد أكثر المشاكل الزوجية شيوعاً أثناء الحمل، كما بعد الإنجاب، هي النقص في الاتصال الجسدي بين الزوجين. فمن المعروف أنّ معظم الرجال لا يرتاحون لفكرة تغيير الحفاضات، أو حمل الطفل عندما يبكي في الليل. في الحقيقة، فإنّ العديد من الرجال يتوترون بشكلٍ كبير عندما يبكي الطفل، ممّا قد يدفعهم الى الانتقال كلياً الى غرفة أخرى. أما المرأة فتكتسب وزناً زائداً أثناء الحمل، وبالتالي لا تعود مرتاحة لفكرة التعرّي أمام زوجها.
هذه الأمور، بالإضافة الى النقص في الرغبة الجنسية الذي تشعر به معظم النساء أثناء الحمل وبعد الولادة بسبب التغيرات الهرمونية والشعور بالتعب، يمكن أن يقلّل من الاتصال الجسدي الحميم بين الزوجين أو أحياناً يوقفه تماماً، ممّا يؤدي الى مزيد من التدهور في علاقتهما.
الكثير من الخلافات
من المشاكل الزوجية الأخرى التي قد تنشأ بعد الإنجاب زيادة الخلافات بين الزوجين. فمعظم النساء اليوم يتوقّعن أن يشارك أزواجهنّ في الأعمال المنزلية وفي تحمّل مسؤوليات الأطفال بالتساوي معهنّ. قد يشارك بعض الرجال في هذه الأعمال من وقتٍ الى آخر، لكن عندما يكون عليهم أن يطهوا وينظفوا أو أن يهتموا بالطفل بشكلٍ يومي، قد يشعرون بالضغط وبانهم غير قادرين على تولّي هذه المسؤوليات. وفوق ذلك، قد لا يحصلون على الاهتمام والانتباه الكافي من قبل زوجاتهم اللواتي يوجهنّ كل اهتمامهن تجاه الطفل، ممّا قد يؤدي الى الكثير من الخلافات بين الزوجين.
فمن وجهة نظر المرأة، إذا لم يشاركها الرجل في تحمّل المسؤوليات يكون إذاً بنظرها عديم الإحساس، وبالتالي تنتقم منه بالشجار. وهكذا يمكن لهذه المشاكل كافة التي تطرأ بعد ولادة الطفل أن تسبّب توتراً في العلاقة بينهما.
مسائل مالية
بعد ولادة الطفل، قد تقرّر المرأة أخذ عطلة من عملها لبضعة أشهر أو حتى لسنة لكي تكرّس وقتها لمولودها الجديد. فيكون الوضع على الشكل التالي: من جهة تزيد مصاريف العائلة نتيجة قدوم المولود الجديد، ومن جهة أخرى يكون مدخولها انخفض بشكلٍ ملحوظ.
بالإضافة الى ذلك، إذا كانت المرأة تعمل كل حياتها، فإنّ فرحتها بالأمومة وبقاءها في البيت للاعتناء بالطفل قد يولّدان لديها شعوراً بالكراهية وبالذنب بسبب إهمالها لحياتها المهنية. هذه المسائل المالية غالباً ما تسبّب مشاكل بين الزوجين، وفي حال تفاقمت قد تؤدي الى الطلاق.
يمكن لمعظم المشاكل الزوجية بعد ولادة الطفل أن تُحلّ إذا ما سعى الزوجان الى الحفاظ على زواجهما، حيث على الزوجة ان تقدّر أي مساعدة يقدّمها لها زوجها في الأعمال المنزلية.
اما الزوج فعليه أن يعامل زوجته برومانسية، فيحضر لها الورود، ويسمعها القصائد، ويخرج برفقتها كما كانا يفعلان قبل ولادة الطفل. وعليه كذلك أن يتغزّل بزوجته ويطمئنها أنها لا تزال أجمل إمرأة في عينيه.
بالإضافة الى هذه التصرّفات الرومانسية، على الزوجين أن يضعا قائمة بالمسؤوليات المنزلية، ويقسمّان الأعمال بينهما بالتساوي، وأن يأخذا بعين الاعتبار الناحية المالية قبل أن يقرّرا إنجاب طفل، وبشكلٍ عام أن يبقيا صبورين ويقبلان بالتغيرات التي طرأت، فتلك الأمور من شأنها أن تساعدهما على تجنّب المشاكل الزوجية بعد الإنجاب وعلى حلّها.