تعدد الزوجات على مائدة مستديرة..يبيحه الشرع والمجتمع وترفضه غالبية المتزوجات
- التفاصيل
بغداد – سعاد البياتي
فــي جلســة عفوية على مائـــدة مستديرة بقاعة من مبنى ديوان الوقف السني بمنطقة الكريعات سادت فيها مشاعر الألفة والحميمية جمعتني مع الدكتور (محمود الصميدعي) نائب رئيس ديوان الوقف السني، حضر فيها تباعا عدد من الأساتذة والأصدقاء، أثار الصميدعي في تلك الجلسة موضوعا اجتماعيا حساسا أثلج قلوب الرجال وأدخل الحزن الى قلوب بعض النساء المتواجدات حول هذه المائدةدعا فيه الى تعدد الزوجات واهمية البعد الاجتماعي في هذا الموضوع مؤكدا على ضرورة التفات الرجال الى ماوصلت اليه الاحصائيات المرعبة من النساء الارامل والمطلقات والعوانس ، واصفا الحالة بالانسانية والضرورية لبلد مثل العراق تعرض لنكسات الحروب والعنف مخلفا ملايين الايتام والبيوت التي غاب عنها رجالها، فاصبحت الحالة تبحث عن حلول سريعة وجادة قبل ظهور نتائجها الكارثية على المجتمع برمته. حل عند الضرورة
بدأ الدكتور الصميدعي حديثه بالقول (لم يعد تعدد الزوجات مشكلة.. فالامر مطروح للطرفين كحل يجب اللجوء اليه عند الضرورة ،وهي رخصة اباحها الشرع والضرورة الاجتماعية ،فلم يعد امرا غريبا ان يعدد الزوج زوجاته في بلاد كبلادنا، بل الغريب هو ان تترك الاف النساء ممن فقدن ازواجهن في الحروب وكوارث الارهاب دون زوج او معيل، ويفقدن من جراء الفقر والتشرد كرامتهن وانسانيتهن التي تضيع احيانا في متاهات البحث عن لقمة العيش ، لافتا الى ان العديد منهن لجأن فعلا الى التسول والعمل في ميادين لاتليق بهن حينما وجدن انفسهن في متاهات الضياع واحتمالات الانحراف وبعضهن لجأن الى سلوك طريق الحرام هربا من الموت جوعا !!
وركز الصميدعي في ذات السياق على
ان مسألة الشرع الاسلامي تبيح
الزواج بأكثر من واحدة لان ذلك افضل الف مرة من الوقوع في الخطيئة ،
لافتا الى التشدد على مسألة العدل وتحقيق التوازن بين الزوجات من حيث الانفاق والسكن والمعاشرة الزوجية ومتطلبات الحياة الاخرى ، فاذا توفر العدل سوف تتبدد المشاكل بين الزوجات ويسود العدل ويبقى ميزان الله لايختلف ابدا ).
العدل المطلوب
عند هذا الموضع من الحديث سأل أحد الحاضرين الشيخ الصميدعي عن شدة الميل العاطفي للزوج لإحداهن على حساب الاخرى والذي يرتبط بالقلب والمشاعر ولا
يمكن التحكم فيه ما قد يسببه من الغيرة بين الزوجات ، فهل يخل ذلك بمبدأ العدل ؟
أجاب الصميدعي عن ذلك بأن الكثير من الرجال قد تغلبه عاطفته .. الا أن أمر القلوب بيد الله ، لكن هذا الميل العاطفي والوجداني لواحدة على حساب الاخرى ليس من الضروري ترجمته بالافعال فيجب ان يكون الفعل السلوكي الظاهر واحدا، فإذا شعرت الزوجتان أن هناك عدلا فسوف يتحقق الاطمئنان فالمعروف أن غيرة المرأة قد تصل الى حدود العدوانية ،وإذا شعرت أن الميل القلبي والفعلي لغيرها فقد تشتعل الغيرة وتحدث المشاكل في البيت لاتفه المسببات وتخترق البيت سهام محملة بالكراهية ،فعلى الرجل أن يوفق في خلق الانسجام الدائمي وتخفيف اجواء المشاحنات وثمن ذلك ممارسة العدل بين الزوجات.. وهو بالتالي مبدأ اخلاقي.. يؤيده الاسلام في الكتاب والسنة المطهرة .
رفض المتزوجات
أثار الحديث عند هذه النقطة من إجابة الشيخ الصميدعي حفيظة كل من الرجال الذين وقع حديث التشجيع على تعدد الزوجات موقعا حسنا من قلوبهم، في الوقت الذي ظهرت فيه ملامح الامتعاض وعدم الرضا على النساء المتزوجات الحاضرات على هذه المائدة المباركة واللائي يرفضن الامرمن حيث المبدأ ويصفنه بالاعتداء على حياتهن المستقرة وكذلك على ميزانية الاسرة التي بالكاد تدير الامور المنزلية .
الخوف من الزوجات
أثار الدكتور (موفق محمد غزال) اختصاص الجراحة العامة مداخلة ممتعة وطريفة حول توصيف مغامرة الزواج من الثانية بانها مغامرة معروفة النتائج وهي في أغلبها نتائج سلبية على الطرفين، وهو شخصيا لايفضل الخوض في تفاصيل هذه النتائج عبر هذه الدردشة، ولكن الدكتور غزال اكتفى بإيضاح بعض من هذه النتائج التي وصفها بالسلبية ومنها عدم ضمان تحقيق العدل الذي شدد عليه الشيخ الصميدعي في حديثه السابق خاصة في مسألة العاطفة واصفا الموضوع بالمغامرة المكشوفة لزوجته التي تترصد أوقاته وتراقب مواعيده وتظهر مشاعر الغيرة من علاقاته مهما كانت بريئة، وبالتالي فإن الدكتور موفق يفضل العزوف عن خوض مثل هذه المغامرة غير المأمونة العواقب ،مع ان أمنية اكثر الرجال الزواج بأكثر من واحدة .
غايات انسانية واخرى مادية
(حسين الجبوري) تدريسي أيّد فكرة تعدد الزوجات التي أثارها فضيلة الشيخ الصميدعي مؤكدا على الإيجابيات التي ستحل مشاكل الكثير من النساء الأرامل والعوانس شرط أن يفكر الرجل فعلا بالزواج لأجل الحفاظ على قيمة المرأة وكرامتها وليس الاقتران بفتاة صغيرة لايبغي منه سوى المتعة
والإنجاب، مضيفا الى أن هناك زيجات حدثت لم يتحقق منها أدنى شروط
شرع الله سبحانه وتعالى ولم يبغ من ورائها سوى مكاسب مادية!! الأمر الذي يؤدي الى تسقيط الاهداف التي تبنى عليها أهداف التعدد.. والتجارب والقصص الاجتماعية التي تدور ملفاتها في أروقة المحاكم ومنظمات المجتمع المدني التي تبحث عن الحلول هي خير دليل على هذه الزيجات الفاشلة التي تستند الى أهداف مادية وليست إنسانية، مع أن هناك أسبابا موضوعية ومشروعة للتعدد لاسيما إذا كانت الزوجة مريضة أو عقيمة فالزواج من أخرى يعد من الأسباب المعقولة لابسط حقوق الزوج.
هدف العقوبة
قد يكون لزواج الرجل بامرأة ثانية مبررات وأسباب غير التي ذكرت سابقا فالزوجة التي تهمل زوجها وبيتها تستحق أن تعاقب بزوجة أخرى لاسيما بعد أن ييأس الزوج في إصلاح الأمر.. هذا ماقاله الباحث ( نور الدين مصطفى) من مركز البحوث التربوية والنفسية مؤيدا على خوض فكرة الزواج من امرأة ثانية لهذا السبب ومعترضا في الوقت نفسه على فكرة تعدد الزوجات للسلبيات التي تتفوق على إيجابياته على كيان الاسرة الاجتماعي والتربوي والاقتصادي.. فلا يخلو بيت تتعدد فيه الزوجات من المشاكل والصراع، إضافة الى ماقد ينتجه التعدد من زيادة في إعداد الأولاد ما يصعب السيطرة على تربيتهم... فأغلب النساء المتزوجات لايحبذن السكن المشترك مع الزوجة الاولى، وفي احيان كثيرة تصر الزوجة على الطلاق إذا تزوج زوجها بإمراة أخرى ما يبطل نجاح المشروع الانساني الذي نحن بصدد الحديث عنه .
هي معركة
أعلن (محمد اسلام) طالب دراسات عليا عن رغبته في الزواج من زوجة اخرى رغم حبه لزوجته ،كما أبدى سلام استعداده التام لخوض معركة التعدد لأجل الدعوة الصادقة والمنقذة لمأساة العديد من النساء وهي فرصة لبث روح المحبة والمساواة في العيش السعيد بعيدا عن الحقد والكراهية والانانيةالتي يمارسها بعض النساء ودعا محمد سلام في تعقيبه الزوجات الى أن يتقبلن أن اخواتهن من الزوجات الأخريات تحت سقف واحد لضمان السعادة المشتركة للجميع .
مناصرة للزوجة الثانية
تبقى المرأة تتوجس وتراقب كل مايطرأ على زوجها من تغييرات لاسيما إذا اكتشفت تطورات في حياته اليومية وبعض النساء يرفضن قطعيا وجود امرأة في بيتها (المرأة الضارة) التي تشاركها زوجها وهو اشد مايغيظها..
تعترف الدكتورة (ايمان كمال مصطفى) استاذة العلوم الاسلامية في كلية التربية للبنات من أنها زوجة ثانية وأنها واحدة من المناصرات لتعدد الزوجات والدليل على قولها الزيجات التي حصلت ضمن محيطها العائلي ممن تزوجوا زيجات ثانية وعاشوا حياة هادئة مع زوجاتهم السابقات من دون مشاكل .. واكدت الدكتورة ايمان انها قررت منذ البداية ان تكون زوجة مثالية لزوجها واخت وصديقة لضرتها فأبت العيش في بيت مستقل رغم قدرة زوجها على ذلك ، لكنها فضلت المشاركة مع الزوجة الاولى كل شيء البيت و تربية الاولاد بمنتهى الود والاحترام والانسجام قد يبدو نموذج الدكتورة ايمان شاذا ونادرا ولكنه موجود وواقعي وهي مثاله .
متناقضتان
اشترطت خولة ناصر (معلمة) على زوجها الذي كان حاضرا معنا في هذه الجلسة بان يتناساها تماما ان ابدى مجرد تفكير بالاقتران من امرأة غيرها واصفة الموضوع برمته بالخطوة السلبية وغير البناءة ففي ذلك اجحاف بحق الزوجة التي شاطرت الحياة والمسؤولية وتحملت تربية الاولاد مع زوجها لبناء مستقبل مشرق، وقد ينهار بسهولة كل ذلك بمجرد دخول امرأة جديدة تضع اقدامها على عتبات بيت الزوجية السعيد.. وتتساءل لماذا تبنى سعادة انسان على تعاسةانسان اخر.. لتعلن أخيرا وبحماس (لاأريد امرأة في بيتي).
بينما أبدت (ام احمد) وهي ربة بيت حضرت معنا في الجلسة وشاركتنا الرأي فيها، استعدادها التام لفتح أبواب بيتها وقلبها بكل حب الى شريكتها في الحياة الزوجية ولم تبد اية معارضة أولم ترفع لافتات الاستنكار والتنديد حالما صارحها الزوج بوجوب الزواج من امرأة اخرى.. بل تقبلت الأمر بمنتهى الشفافية والروح الرياضية وساعدته في ترتيب كل مايخص مراسم زواجه وهيأت الأجواء المناسبة ليكون زواجا ناجحا ومتكاملا، كما عقدت صداقة قوية ومترابطة معها، وهي تجني ثمرات موقفها هذا عبر نسائم الهدوء والإنسجام الأسري وسعادته الغامرة.