مع اختلاف طبيعة الولد والبنت في التعامل مع فقدان الأب، غير أن التأثيرات السلبية تبقى واحدة لدى الأطفال، وقد كشفت دراسة أميركية جديدة أن الفتيات اللاتي يفقدن الأب منذ طفولتهن، قد يملن أكثر من غيرهن للوصول إلى سن البلوغ في وقت مبكر في حياتهن.
وبينت الدراسة التي قامت بها كلية الصحة العامة في جامعة كاليفورنيا، والتي نشرت قبل أيام في دورية "الصحة في البلوغ" أن غياب الأب البيولوجي عن المنزل، كشف عن وجود مظاهر البلوغ على الفتيات في سن مبكرة، ولكن فقط، لدى الفتيات اللاتي يعشن في مستوى معيشي واقتصادي جيد، وكان وزن الفتيات عاملاً آخر، أخذ في الاعتبار عند البدء في الدراسة. وبينت رئيسة الدراسة مساعدة البروفيسور في صحة الأم والطفل في الجامعة، جوليانا ديردروف، أنه خلال العقود الأخيرة، بدأ عمر الوصول إلى البلوغ في تناقص بين الفتيات، إلا أن أكثر التركيز كان منصباً على زيادة الوزن لديهن، كونه السبب الرئيس للبلوغ المبكر لدى الفتيات، موضحة أنه على الرغم من أن زيادة الوزن قد تهيئ وتسبب توقيت بلوغ الفتيات، إلا أن هذه العوامل المرتبطة بالوزن، لا تفسر كل ذلك الفرق الكبير في توقيت فترة البلوغ، وأن نتائج الدراسة تبين أن عوامل أسرية وأخرى تقع تحت ظروفها، بعيداً عن مؤشر كتلة الجسم، يمكن أن يكون لها تأثير مهم في فترة البلوغ لدى الفتيات.وجاءت النتائج عبر الدراسة العامة لتغذية الفتيات والبيئة والانتقالات، وهو مشروع عن الأسباب والوقايات التابع لقسم قيصر للدراسات الدائمة في شمال كاليفورنيا، وهو جزء من مركز منطقة خليج سان فرانسيسكو لبحوث السرطان والبيئة، وهو مركز ضمن أربعة مراكز تمول من قبل المعهد الوطني للسرطان والمعهد الوطني للبيئة والعلوم الصحية، إذ كشفت دراسات ارتباط البلوغ المبكر بنسب أعلى لمخاطر الإصابة بسرطان الثدي وأنواع أخرى من السرطانات في المستقبل، إضافة إلى تأثيرات صحية أخرى.
وقال مدير قسم قيصر للدراسات، لورنس كوشي: "على الرغم من أن التركيز الرئيس للدراسة يقع على التأثيرات البيئية التي تتعرض لها الفتيات، إلا أننا كنا شديدي الاهتمام بالظروف والسياقات الاجتماعية والسلوكية التي يظهر خلالها النضوج"، مشيراً إلى أن هذه النتائج تظهر بأن مثل هذه العوامل يمكن أن تشكل أدواراً رئيسة في بلوغ الفتاة، وأن الرابط بين غياب الأب والبلوغ المبكر لدى الفتيات، قد كان له وجود منذ دراسات سابقة، إلا أنها لم تربط بين ذلك وزيادة وزن الفتيات، والعرق، والجانب الاقتصادي للفتاة".
وقام الباحثون بتطبيق الدراسة على 444 طفلة أعمارهن تراوح بين ست وثماني سنوات، وتمت متابعتهن بشكل سنوي، بينما اعتمدت متابعات أول سنتين في مرحلة تحليل الدراسة التي أخذت أعراض وإشارات النضوج التي تسبق بداية الحيض في الاعتبار، وفي مقابلات مع مربيات الفتيات، تم طرح أسئلة حول سكان المنزل، وعلاقاتهن بالفتيات، وتبين أن 80٪ من الفتيات يعانين غياب الأب عن المنزل، وأن هذا الغياب يرتبط بعلامات بلوغ مبكرة بين الفتيات اللاتي يعشن في حالة معيشية جيدة، بمعدل 50 ألف دولار سنوياً أو أكثر، بينما كانت علامات النضج بين الفتيات البيض، تختلف عن الفتيات الإفريقيات الأميركيات.