يبدو واضحا أن مخاطر الادمان لا تهدد أخلاق المدمن وشخصيته ونظام حياته فقط بل يمتد تأثيرها الى دورة الأنتاج في المجتمع مرورا بالأسرة ,لذلك فإن الحل الحقيقي لمشكلة الادمان يكمن في الامتناع عن تعاطي المخدرات بداية.
ويبدأ المدمن عادته غالبا خلال سنوات العمر الممتدة من سن الثالثة عشرة حتى التاسعة عشرة وهذا يلقي على اسرة المراهق مسؤولية ادارة العائلة بشكل لا يتيح له ان يتأثر بالمدمنين رفاقه فيبدأ بتعاطي المخدرات. والمقترحات الاتية معدة لمساعدة الاهل في وقت حرج يساعدهم على انقاذ الاسرة . ينبغي للاهل ان يرتبوا وقتا ملائما لصحبة اولادهم فلا يكفي ان يجتمعوا في اوقات الطعام فقط, كما ان تعليم الاولاد الواجبات المنزلية وارشادهم في ما يخص واجباتهم المدرسية وتأنيبهم على الاخطاء التي ارتكبوها لا يغني عن اقامة علاقات حميمة معهم, فعلى الاهل ان يهتموا بمصالح اولادهم وان يشتركوا معهم في بعض الاعمال والنشاطات المسلية.
..وعندما يظهر الاهل المحبة تجاه الاولاد فان هؤلاء يستجيبون ويبذلون كل جهودهم لاسعاد اسرهم.وبناء على ذلك, يجب على الابناء ان ينشغلوا بنشاطات مفرحة ذات قيمة وعلى الاهل ان يمتدحوهم عند قيامهم بمهمات ناجحة.
مثلما يجب على الاهل ان يناقشوا مشكلة المخدرات مع اولادهم من ناحية تأثيرها ومخاطرها والطرق الخداعة التي تشجع تعاطيها, وان يشجعهم الاهل على قراءة الكتب والمؤلفات التي تدور حول تعاطي المخدرات ويناقشون معهم ما قرأوه.
ومن الضروري ان تبقى ابواب الاتصال مفتوحة مع الابناء فلا ينتقدونهم بسبب الاسئلة والتعليقات التي يطرحونها بل يحترمون ثقتهم عندما يذكرون ممارسات رفاقهم واصدقائهم في المدرسة وعليهم ايضا ان يشجعوا اولادهم ليكونوا قدوة حسنة لرفاقهم واصدقائهم.
ويتعين على الاهل ان يشجعوا اولادهم على الاسترشاد بالقيم والمثل العليا المبنية على الاستقامة في حل مشكلاتهم ومواجهة الضغوطات والمخدرات.
ومن باب الاشارات المهمة فانه يحسن بالاهل ألا يحذروا اولادهم مسبقا من تعاطي المخدرات بل يظلوا متيقظين لظهور بعض الدلائل التي تشير الى أن الولد قد بدأ يتعاطى المخدرات فما هي هذه الدلائل?
في حالات عديدة قد لا توجد إشارة خطر محددة فمعظم المراهقين نشيطون وتتكيف اجسامهم مع المخدر من دون اعطاء دلائل مبكرة وفي الغالب لا يحدث اي تغيير في وزن الجسم او في معدل النمو كما لا تظهر دلائل خاصة على تدهور شخصية الولد ولذلك فان الدلائل تكون في الغالب غير مباشرة.
إن الشاب الذي باشر لتوه بتعاطي المخدرات يمتلك عادة رؤية كافية تجعله قلقا نوعا ما فمحيط المخدرات محيط غامض ويحذر الشخص دائما من قبل رفاقه بان يبقى الامر سريا ومع ذلك فان ضميره يؤنبه على هذا النوع من التصرف وسرعان ما يقع من جراء ذلك في حالة من الصراع العقلي.
وإن مثل هذه الحالة العقلية تجعل الشاب مهتاجا شديد الحساسية نوعا ما وعندما يلاحظ الاهل ذلك عليهم ان يشددوا مراقبتهم له ويراقبوا ذهابه ومجيئه بدقة شديدة كما يتوجب عليهم ان يشركوه في محادثات غير رسمية طارحين عليه اسئلة معقولة حول نشاطاته.
كما يجب على الاهل في هذه المرحلة الا يتهموا الابن بتعاطي المخدرات لانه اذا ما كان الاتهام خاطئا فهو يشعر بالحرج والحقد تجاه الاهل اما اذا كان يتعاطى المخدرات فعلا فانه يقع في تجربة الكذب والتمرد.
هناك دليل آخر على امكانية تعاطي الشاب للمخدرات وهو تدهور مستواه في المدرسة فعندما يبدأ الشاب بتعاطي المخدرات يصبح سلوكه مزاجيا واداؤه المدرسي غير منتظم وينطوي على نفسه في علاقاته مع الاخرين ولا سيما مع البالغين وقد يصبح اكثر غموضا.
وعندما يصير المدمن معتمدا تماما على المخدرات فقد تظهر ادلة اضافية فاذا كان الشاب يستعمل طريقة الحقن بالابر فانه يحرص على ان تبقى ذراعه مغطاة كي يخبئ علامات الابر وهكذا يصر على ارتداء قمصان ذات اكمام طويلة ويحتاج الى كمية من المال تزيد على تلك التي يحملها عادة الشباب الذين بسنه وقد تختفي الاموال والاشياء الثمينة من المنزل بطريقة غامضة وقد يلجأ الشاب غالبا الى ارتداء نظارات شمسية في المنزل كي يمنع اهله من مراقبة حجم بؤبؤي عينيه او احمرارهما وقد يقضي وقتا طويلا في الحمام او في أمكنة غريبة مثل الخزائن والمخازن.
وعندما يصبح من الواضح ان الشاب يجرب المخدرات فيجب على الاهل ان يبذلوا جهدا شاملا لمساعدته طالما وُجد متسع من الامل في النجاح وعليهم كي ينجحوا في ذلك ان يكونوا راغبين في التضحية بأمور عديدة وقد يكون مستحسنا بالنسبة اليهم ان ينتقلوا الى مكان اقامة جديد حتى يبعدوا ابنهم عن رفاقه, ويتحتم على الشاب في هذا الوقت الا يبتعد عن المنزل مدة طويلة من الزمن من دون اي برنامج واضح يتبعه.
وقد يكون من المستحسن بحث هذه الامور مع طبيب العائلة فالولد غالبا ما يحترم مشورة الطبيب لانه يدرك انها مبنية على معلومات علمية وكذلك فقد يكون الطبيب في وضع يساعد فيه على حل بعض مشكلاته كما انه قد تكون لدى الشاب انتقادات معينة تجاه اهله يذكرها للطبيب ويمكن للطبيب ان يبحث هذه الانتقادات مع الاهل وقد تنمو بذلك علاقة ودية بين الطرفين تخلص الولد من بعض الضغوط .
اختصاصي الأمراض الباطنية والقلب