هذه المعلومة الأخيرة اعتمد عليها المحافظون لتكريس مقولتهم حول العلاقة بين الفقر الذي يعاني منه الأطفال وبين انعدام الزواج ليصبح الزواج، وفقاً لهذا المنطق، المنقذ من الفقر والسلاح الأمضى الذي يدافع عن الأطفال ويوفر لهم حياة من الأمن والرخاء! لكن ما يتجاهله المحافظون هو تفسير العزوف عن الزواج، أو التهرب منه...
أليس الفقر هو الذي يحول دون الإقبال على الزواج؟ أم أن الزواج بالعكس يقضي على الفقر؟ هذه التساؤلات تطرحها "ستيفاني كوتز"، مديرة الأبحاث والتعليم في مجلس العائلات المعاصرة، بقولها "إن النساء الفقيرات أقل حظاً في العثور على زوج قادر على إعالتهن"، كما أن الطلاق وإن كان قد تناقصت نسبه منذ الثمانينيات، فإنه مازال حاضراً بقوة لدى الأسر التي تواجه صعوبات اقتصادية، تلك الصعوبات التي في كثير من الأحيان تؤدي إلى انهيار الزواج، ما يعني أن الفقر نفسه أحد الأسباب الرئيسية وراء فشل العلاقة بين الزوجين ومعاناة الأطفال، بحيث لا يمكن في هذه الحالة الجزم بأن الزواج يقي من الفقر، وهو ما تؤكده "كوتز" قائلة "إن العامل المزعزع للاستقرار الذي تحدثه الصعوبات الاقتصادية على الزيجات ارتفع بشكل ملحوظ خلال الثلاثين سنة الأخيرة".
فالزواج لن ينفع النساء كثيراً إذا كان سينتهي بهن المطاف مطلقات وبأطفال تتعين إعالتهن. ولنصل في النهاية إلى النتيجة الحقيقية متمثلة في أن الفقر يرجع إلى غياب الاستقرار الاقتصادي وليس إلى نقص في الزواج، كما أن تحسن الوضع الاقتصادي للناس يزيد من احتمالات زواجهم وليس العكس، فرواتب أفضل، وفرص اقتصادية أكثر، فضلا عن إنجاز تعليمي مرموق... عوامل تقلص نسبة الأطفال لدى النساء. وبدلا من الترويج للزواج باعتباره ضمانة ضد الفقر، كما يقول المحافظون، من الأفضل للحكومة في هذا السياق التركيز على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال دعم برامج التوظيف وتعزيز البيئة الاقتصادية، بالإضافة إلى تطوير التعليم وإتاحته لأكبر عدد ممكن من الراغبين.