يستعد سامر وهو شاب في منصف الثلاثينيات، يعمل مدرسا في إحدى المدارس الثانوية في محافظة نابلس، إلى الانتقال لشقته الجديدة، بعد سنوات من سكن الإيجار. يقول سامر الذي مضى على زواجه 6 سنوات: أن يصبح لدي شقة حلم تمنيته كثيرا، كان عندي خياران أن أتزوج وأعيش في سكن إيجار، أو أأجل الزواج حتى ابني بيتا أو اشتري شقة، حسبتها فوجدت أني قاربت على الثلاثين، وبناء الشقة يحتاج إلى سنوات وقد لا أستطيع، فآثرت الزواج وبعدها يأتي بناء البيت، ونتعاون مع زوجتي في ذلك.
وأضاف سامر: لا اخفي أني اشترطت في زوجتي أن تكون موظفة حتى نتعاون ونساعد بعضنا في هذه الظروف، زوجتي موظفة أيضا، ومن خلال تعاوننا استطعنا أن نشتري الشقة.
سامر نموذج لشريحة كبيرة من الشباب أصبحت تعتبر أن وظيفة المرأة شرطا للزواج منها، وأضحى المعيار الحديث الوظيفة ثم الوظيفة ثم الجمال ثم أي شيء آخر. الطالب الجامعي فراس زاهي قال انه يفضل الزواج من امرأة موظفة، حتى يتمكن من إقامة بيت مستقر تتوفر فيه شروط الحياة الكريمة، مضيفا أن عمل المرأة ليس عيبا طالما كان شريفا، ولا عيب في أن تساعد الزوجة زوجها.
أما ميسون إبراهيم فقد أبدت انزعاجها من اشتراط الرجل في زوجة المستقبل أن تكون موظفة، وأوضحت، "في هذه الحالة تصبح المادة هي أساس أي علاقة بين اثنين، ويغيب الحب والمودة، والمشاعر الصادقة، وهذا بحد ذاته مشكلة، وفي حال تقدم لي شخص هدفه راتبي ووظيفتي فلن اقبل به".
بدوره قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية ماهر أبو زنط وعميد كلية الآداب، أن تطورات تجري على المجتمعات، فقديما كان الرجل يفضل عدم عمل المرأة وإبقائها في البيت، الآن أصبح عندنا نوعان من الرجال في هذا المجال، احدهما يشترط البحث عن زوجة عاملة، حتى يتم التعاون بينهما، وتامين حياة كريمة للأسرة، أما النوع الآخر وهو السلبي من الرجال فهم الذين يسعون إلى استغلال المرأة والحصول على مالها وراتبها، ويكون هدفهم ماديا بحتا، وفي أحيان يكون الزوج عاطلا عن العمل.
وأيد أبو زنط عمل الزوجة لكن ليس بهدف استغلالها، فالظروف المحيطة بالفرد تجعله يتجه لاختيار الزوجة الموظفة أو العاملة، فصعوبة الحياة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني وخاصة الرجال منه من اسر وقتل وإبعاد يحتم ضمان استمرار عيش الأسرة بحياة كريمة لا تنقطع بغيابه، إضافة للأوضاع الاقتصادية التي تستوجب التعاون بين شريكي الحياة، وان تكون المرأة على أهبة الاستعداد للقيام بدور زوجها بإعالة أسرتها في حالة أي طارئ.
إلا أن أبو زنط نوه إلى أن عمل المرأة لا يكون على حساب أسرتها، واستقرار بيتها، وتربية الأبناء، وبالتالي يجب التعاون والتكاتف بين الزوجين، كما يقع على كاهل الزوج مسؤولية كبيرة، بما فيها مساعدة زوجته.
وحذر أبو زنط في الوقت ذاته من استغلال الرجل للمرأة واعتماده الكلي عليها، إضافة إلى أن بعض الرجال لا يضع أمام عينيه إلا المادة فيتزوج من امرأة لمالها بغض النظر عن الجمال والتوافق بينهما أو حتى السن.
أما المرشد الاجتماعي هلال حماد عضو نقابة الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في نابلس فقال أن نسبة كبيرة من الشباب تقبل على الزواج من موظفات أو تشترط ذلك، بسبب الظروف الاقتصادية، والدخل المحدود، وفي ظل عدم توفر دخل ثان، واختلاف النظرة إلى الحياة الزوجية، وللمرأة العاملة، بالإضافة إلى تقدير المرأة المتعلمة باعتبارها الأقدر على تربية الأبناء.
وأشار حماد إلى أن هذه الظاهرة أدت إلى ارتفاع سن الزواج بين الفتيات، وحتى إن بحث الرجل عن امرأة فهو يختارها جامعية في سنتها الأخيرة مثلا وذات تخصص له سوق عمل وتوظيف.
وأوضح حماد أن الأساس في الحياة الزوجية التفاهم والتعاون، وليس المادة، أو التقصير في حق الأسرة وتربية الأبناء.
Share PNN