إيناس شري :
19% نسبة طلاق الأقارب مقابل 60% لغيرهم
النساء: العادات والتقاليد أقوى من التحذيرات الطبية
الفحص الطبي قبل الزواج يقلل مخاطر الإصابة بالأمراض الوراثية
د. فدوى الجندي :تقارب العادات وتدخل الأهل للصلح يقلل طلاق الأقارب
رغم التحذيرات الطبية التي أطلقتها عدد من الدراسات العالمية من علاقة زواج الاقارب بزيادة معدلات الأمراض الوراثية ، وزيادة نسبة الإعاقات لأكثر من 60% في المجتمعات العربية التي تشهد أكبر نسبة لزواج الاقارب .. لا يزال زواج الأقارب شائعا في قطر وفي هذا الإطار يشير جهاز الإحصاء إلى أن نسبة زواج الأقارب من الدرجة الأولى بلغت نحو25% في حين بلغت نسبة الزواج من القرابة الدرجة الثانية 24% في العام 2009.
ولفتت الإحصائيات الخاصة بالعلاقة بين الطلاق وصلة القرابة بين القطريين إلى أن النسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع بين الرجال القطريين والنساء الذين لا تربطهم أي صلة قرابة حيث تخطت النسبة 60 % بينما شكلت حالات الطلاق المواطنين القطريين التي تربطهم صلة قرابة من الدرجة الأولى نسبة 20% من إجمالي حالات الطلاق بحسب صلة القرابة وجاءت حالات الطلاق بين من تربطهم صلة قرابة من الدرجة الثانية 19 % فقط. وتظهر هذه الأرقام أن زواج الأقارب غالبا ما يدوم أكثر من غيره كما يؤكد ارتفاع نسبة هذا الزواج أن الجيل الجديد لا يزال يحبذ زواج الأقارب رغم التحذيرات الطبية.
[استطلعت آراء بعض الفتيات الجامعيات في هذا الموضوع فرأت أنهن يشجعن هذا الزواج مع الالتفات إلى ضرورة إجراء الفحوصات اللازمة قبل ذلك لتفادي إنجاب أطفال يعانون من أمراض وراثية أويشكون من إعاقة معينة ولاسيما أن البحوث أكدت أن التشخيص والتدخل المبكرين عاملان مهمان جدا لتفادي أعراض وآثار الأمراض الوراثية ولاسيما أمراض العين وأمراض الاستقلاب إذ يمكن تفادي أعراض الكثير من الأمراض الوراثية عبر التشخيص المبكر.
خلال جولتنا روت لنا الطالبات بعض القصص عن أقارب لهن أوصديقات عانين من زواج الأقارب ومن هذه القصص أن خمس بنات حجزن منذ الصغر لأولاد عمهم الخمسة فتزوجن منهم وحصل أن طلقت إحداهن فما كان من الأب إلا أن طلب من الأخوة الأربعة الباقين أن يطلقوا زوجاتهم انتقاما لأخيهم، واليوم باتوا الخمس مطلقات.
طبعا لا يمكن التعميم على هذه القصة ولكنها حصلت ,الأمر الذي يكشف عن سلبيات أخرى قد ترتبط بهذا النوع من الزيجات منها مثلا نشوب مشاكل بين العائلة الواحدة.
سمعتها من سمعته
مهما يكن الأمر ففتيات هذا الجيل يؤيدن عبارة" ابن عمها أولى من الغريب" إذ عبرت النسبة الأكبر من الفتيات اللواتي التقينهن عن تقبلهن لزواج الأقارب فقد رأت أسماء (تأسيسي) أن زواج الأقارب أفضل من غيره وذلك بسبب تقارب عادات وتقاليد الزوجين ولاسيما أنهما ينتميان إلى العائلة نفسها ما يدفع الرجل إلى المحافظة على الزوجة وصونها.
وعن تدني مستوى الطلاق في فئة زواج الأقارب رأت أسماء أن هذا الأمر منطقي لأن الرجل سيخاف على ابنة عمه أوابنة خاله ولن يطلقها لأن سمعته من سمعتها هذا فضلا عن خجله من عمه أوخاله الذي يمنعه من القيام بأمور تزعج الزوجة أوتؤذيها.
أما عائشة سعيد (تأسيسي) فرأت أن من إيجابيات زواج الأقارب تقارب العادات والتقاليد لأن الزوجين آتيان من العائلة نفسها هذا فضلا عن ارتياح الزوجة إذا ما سكنت مع أهل الزوج كونها تعيش مع عمها أوخالها ، معبرة عن تخوفها من هذا النوع من الزيجات لأن العلم أثبت أنه يسبب الأمراض والإعاقات.
وفي الإطار نفسه رأت مهى سلمان (تأسيسي) أن المشاكل غالبا ما تقل عند الزوجين القريبين لأنهما يعرفان بعضهما البعض ولأن الأهل وبسبب القرابة يتدخلون ويساعدون في حل مشاكل الزوجين.
من جهة أخرى اعتبرت مهى أن الجيل الجديد بات واعيا للأمراض التي قد يسببها زواج الأقارب لذلك يحرص على إجراء الفحوصات اللازمة قبل الزواج ما يساعد في تفادي الكثير من الأمراض.
ليس بعيدا عن تقبل هذا الزواج ولكن بشروط رأت غادة فيصل (إدارة أعمال) أنها تؤيد زواج الأقارب إذا كان الطرفان موافقين على الأمر أي إذا لم يكن الأمر تنفيذا لرغبة الأهل فقط أونتيجة لضغوطات اجتماعية أوما شابه معتبرة أن تدني نسبة الطلاق في هذه الزيجات يعود إلى صلة الرحم التي تمنع الرجل من تطليق زوجته أوإلحاق الأذى بها.
واشترطت أمينة (هندسة كمبيوتر) في زواج الأقارب موافقة المعنيين بالأمر أي الر جل والمرأة معتبرة أن زواج الأقارب قد يسبب الكثير من المشاكل إذا كان تنفيذا لرغبة الوالدين فقط والتزاما بالعادات والتقاليد.
الخوف من الأهل
تأييد معظم من التقينهن لا يعني أنه لا يوجد فتيات من الجيل الجديد يرفضن فكرة زواج الأقارب بالمطلق فقد عبرت عبير علي (إدارة أعمال ) عن رفضها الشديد لفكرة زواج الأقارب لأسباب عدة أهمها تسبب هذه الزيجات بأمراض للأبناء، ورأت عبير أن زواج الأقارب يسبب المشاكل بين العائلات تصل في بعض الأحيان إلى القطيعة لأن مشاكل الزوجين تتحول إلى مشاكل بين العائلتين.
ولم تر عبير أي إيجابية لزواج الأقارب أما فيما خص تدني نسبة الطلاق في هذا النوع بين الزيجات فرأت أن الأمر يعود إلى الخوف من الأهل فيضطر الزوجان القريبان من العيش معا رغما عنهما أوالسكن كل في بيت من دون طلاق.
وعن الأمر نفسه عبرت نورة (علوم رياضية) مؤكدة أن تدني نسبة الطلاق في هذا النوع من الزيجات يعود إلى ضغط الأهل الذين يحثون وأحيانا يجبرون الابنة على تحمل "ابن عمها" حتى حين يتمادى في الخطأ معها، مضيفة أن "ابن العم" غالبا ما يتمادى مع زوجته ابنة عمه لأنه يعرف أن العائلة لن تطلب منه طلاق ابنتهم.
وللإطلاع على الموضوع سألنا د. فدوى الجندي أستاذ علم الانثروبولوجيا (علم الإنسان) بجامعة قطر والمتخصصة في  علم القرابة فقالت : عندما نتحدث عن زواج الأقارب نقصد الزواج الداخلي السائد في المجتمعات العربية القائم على مبدأ تفضيل الزواج بين الأقارب وبالأخص أبناء العمومة من الدرجة الأولى مضيفة أن الواقع الدموجرافي لا يسمح بالممارسة الزواجية من هذا النوع ما يجعل أغلب الحالات زواج أقارب ليس من الدرجة الأولى.
وأشارت إلى أن الشائع الآن هوأن دراسات في هذا الموضوع تشير إلى ربط بين زواج الأقارب في قطر ووجود أمراض جينية معينة لدى القطريين مؤكدة أنها تشك في هذا الربط لأن شيوع أمراض معينة عند القطريين هوحقيقة علمية ووجود ممارسات توصف بالزواج الداخلي حقيقة اتنوجرافية أما ربط الاثنين فيتطلب دراسات مبنية على قواعد علمية سليمة ودراسات اتنوجرافية عميقة ودقيقة رغم أن الزواج الداخلي والذي يتضمن زواج ابن العم وابن الخال يؤدي إلى حفظ الجينات العائلية في داخل الجماعات القرابية سواء إن كانت جينات سلبية أوايجابية.
أما عن سبب انتشار هذا النسق من الزواج الداخلى في المجتمع القطري وتقبل الجيل الجديد له وتأييده رأت أن الأمر يرتبط بعوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية ووراثية وطبقية بالإضافة إلى عنصر الهوية، وسياسة التحالفات القبلية مضيفة أن الجيل الجديد يدرك كل هذه العوامل.
وأكدت عدم وجود معلومات دقيقة لارتفاع نسبة زواج الأقارب فى قطر ولكن قد يكون هناك استمرارية لنسق تقليدى قديم مرتبط بنظام اجتماعي معين وله مميزات تشجع استمراريته منها على سبيل المثال ضمان إيجاد زوج للمرأة في وقت أصبح فيه الزواج صعبا لسبب دخول المرأة الى ساحة العمل.
وأشارت إلى أنه كلما زادت فرص المرأة في التعليم والعمل سوف يزداد فكرها النقدي وترفض ولاسيما أن الدين الإسلامي أعطاها هذا الحق، لافتة الى أنه في الوقت البعيد، قد يتراجع هذا الزواج لان التغير الاجتماعي قد يزيل بعض الدوافع هذا فضلا عن أن مشاركة المرأة بصورة فعالة في سوق العمل والذي سيعطيها حريات اقتصادية.
وفيما خص تدني نسبة الطلاق في هذا النسق من الزواج أشارت الجندي إلى أنها لم تر أرقاما إحصائية عن حالات الطلاق في الزواج الداخلي فى قطر معتبرة أنه من الممكن أن ينتج من هذا النسق استقرارية الزواج بسبب أهمية الترابط العائلي عند العرب مضيفة أنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال ورغم حرية اختيار الزوج أوالزوجة يكثر الطلاق وترتفع نسبته بشكل لافت.
ورأت أنه في حال الزواج من ابن العم مثلا تكون الحماة عمة وهذا الشابك قد يقلل من التوتر والمشاكل ولاسيما أن الثقافة العربية تهتم اهتماما شديدا بمكانة المرأة العربية ومن هنا يرتبط زواج الأقارب بهذه الأهمية.
وفي النهاية رأت الدكتورة الجندي أن هذا النسق في الزواج ليس جيدا أوسيئا بالمطلق بل له إيجابيات وسلبيات تأتي من الحالات المعينة، مضيفة أنه من الواضح أن هذا التفضيل الثقافي له مميزات منها ضمان وجود أزواج وضمان عدم تقسيم الممتلكات وتعزيز وحدة العائلة الكبيرة.

JoomShaper