أكد ميثاق الأمم المتحدة (1945) مبدأ عم التفرقة بين الناس على أساس الجنس، وبالتالي كان ذلك مدخلا استندت إليه لجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة في تركيزها على قضية المساواة بين الرجل والمرأة بالمفهوم الغربي، والتي تحولت إلى مسلمات لا تقبل النقاش حولها، واستخدمت قضية المساواة هذه لتمرير كثير من القضايا التي تطالب بها الأمم المتحدة لعولمة النموذج الغربي في جميع مجالات الحياة على كل شعوب العالم بغض النظر عن ثقافتها الأصلية أو عقائدها أو أعرافها.
ولقد تصاعدت مؤخرًا نبرة المطالبة برفع ما أطلقت عليه تلك الوثائق (العنف الأسري)، الأمر الذي استوجب ضرورة تحديد المفهوم الحقيقي لذلك المصطلح، ولاسيما أنه مصطلح مطاط، يحوي مفردات عدة تؤدي في مجملها إلى تدخل سافر في شئون الأسرة؛ بحجة حماية إناثها وأطفالها من الإساءة، بما يرفع أي قوامة للزوج على زوجته، أو ولاية للأبوين على الأبناء، بل وإدراج أن نوع من التربية يمارسها الآباء نحو الأبناء ضمن هذا المصطلح. ولم يخطر ببال الحكومات أثناء توقيعها على تلك الاتفاقيات أن لجان الأمم المتحدة ستتجرأ وتطالبهم برفع تحفظاتهم التي وضعوها أثناء التوقيع، وها هي الضغوط الدولية تمارس عليهم من تلك اللجان لرفع تحفظاتهم والالتزام بالتطبيق الكامل لتلك الاتفاقيات، في تجاهل شديد للمرجعيات الدينية والثقافية المختلفة السائدة في مختلف بلاد العالم.
التعريف الفعلي لمصطلح "العنف الأسري" وفقًا للوثائق الدولية:
العنف الأسري هو مصطلح صادر عن المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة، ويعد طبقًا لتلك المواثيق جزءًا من مصطلح أشمل هو: (العنف ضد المرأة)، والذي يشمل كل ما: "يعيق أو يعرقل تمتع المرأة بحقوق الإنسان".. وما هي حقوق الإنسان للمرأة؟ إنها كما ورد في الإعلان السياسي لوثيقة بكين "حقوق المرأة حقوق إنسان .. أي أن كل ما ورد في الاتفاقيات والوثائق الدولية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة والمعنية بالمرأة، هي حقوق إنسان للمرأة .. وبالتالي فإن الاعتراض أو التحفظ على أي بند أو مطلب من مطالب تلك الاتفاقيات والمواثيق يعد عنفًا ضد المرأة.
فالتحفظ مثلا على التثقيف الجنسي في المدارس للمراهقين يعد عنفًا ضد الطفلة الأنثى، والتحفظ مثلا على إدماج المراهقات الحوامل في المدارس يعد أيضًا عنفًا ضد الطفلة الأنثى، والتحفظ على الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه يعد كذلك عنفًا ضد المرأة، وبالمثل التحفظ على التساوي بين الرجل والمرأة في الميراث، أو في الزواج والطلاق وغيرها من البنود التي تتناقض تناقضًا واضحًا مع الشريعة الإسلامية، تعد كلها – وفقًا للمواثيق الدولية – عنفًا ضد المرأة.
أما (العنف الأسري) فهو كل ما اعتبرته الوثائق الدولية عنفًا ضد المرأة داخل نطاق الأسرة، ومن ثم تعتبر الاتفاقيات الدولية ما يلي عنفًا أسريًّا:
(1) فرض القيود على الحرية في الجسد، وتتمثل في:
- العذرية: تصف وثائق الأمم المتحدة التمسك بعذرية الفتاة بالـ(العنف والكبت الجنسي) وتعتبرها عنفًا ضد الطفلة الأنثى. - منع وصول خدمات الصحة الإنجابية للمراهقين: والتي تتمثل في إتاحة وسائل منع الحمل، والتدريب على استخدامها، وإباحة الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه، والتعقيم، ومنع ذلك كله تعده الاتفاقيات عنفًا ضد الفتاة المراهقة.
- المعاقبة على الشذوذ الجنسي (اختيار الجنس واختيار جنس الشريك)؛ حيث يعدّ إجبار الفتاة على أن تبقى أنثى مدى الحياة (عنفًا ضد الطفلة الأنثى)، وبالمثل الإصرار على تزويجها من (ذكر)، أما اللاعنف فهو أن تترك لها حرية اختيار جنسها هي نفسها، وبالتالي حرية اختيار جنس الشريك، أي أن تصير طبيعية في ممارستها أو سحاقية.
- عدم السماح للمراهقات الحوامل بالاندماج في التعليم النظامي يعد عنفًا ضدهن، وبالتالي تلح الاتفاقيات على ضرورة إدماج المراهقات الحوامل في التعليم النظامي.
(2) الزواج تحت سن الثامنة عشرة: في حين لا تعتبر الاتفاقيات ممارسة العلاقة الجنسية خارج نطاق الزواج عنفًا، بل تورد الكثير من البنود التي تيسر تلك العلاقة، وتحفظ لها سريتها وخصوصيتها.
(3) الختان: وذلك بتجريم ختان الإناث (بكافة أشكاله، رغم أن بعض هذه الأشكال أقرته الأحاديث النبوية الشريفة).
(4) مهر العروس: حيث تعتبره الوثائق ثمنًا للمرأة يحط من قدرها ويعطي للزوج الحق في تملكها، ومعاشرتها، ومن ثم تطالب الوثائق بإلغاء المهر.
(5) عمل الفتاة في بيت أهلها: فبرغم أن الوثيقة الأساسية لمنظمة العمل الدولية تنص على أن مساعدة الأبناء لذويهم في أعمال المنزل (لا تعتبر عمالة أطفال) إلا أن لجنة المرأة بالأمم المتحدة تحاول جاهدة الضغط على منظمة العمل الدولية كي تدرج عمل الفتاة في بيت أهلها ضمن "أسوأ أشكال عمالة الأطفال"، وبالتالي تجريمه دوليًّا.
(6) عدما لتساوي مع الرجل في الميراث: بالطبع المعني هنا فقط الحالات التي ترث فيها المرأة أقل من الرجل، أما باقي الحالات، فتعدها الاتفاقيات (تمييزًا إيجابيًّا) لا اعتراض عليه. وتعد المساواة في الإرث من المطالبات الأساسية للوثائق الأممية، وتعمل على إظهارها بشكل متدرج لتيقنها أنها ستلقى معارضة شديدة من الشعوب المسلمة. وقد وصف المجلس العلمي الأعلى بالمغرب – وهو أعلى هيئة علمية وإفتائية بالبلاد – دعوة بعض الهيئات النسائية المغربية بتعديل أحكام الإرث حتى تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة بأنَّها دعوة "تدلُّ على جهل أصحابها المُريع بالشَّرْع الحنيف، وسوء فهمهم لأحكامه، وعدم تمييزهم بين القَطْعِيّ من الدين الذي لا يقبل المراجعة بحال، وبين ما يَدخُلُه الاجتهاد بشروطه ويتولاه أهله".
(7) الأدوار الفطرية لكل من الرجل والمرأة (داخل الأسرة): تعتبر الاتفاقيات اختصاص كل من الرجل والمرأة بأدوار معينة داخل الأسرة (تمييزًا ضد المرأة) وعنفًا ضدها.
قوامة الرجل:
- فقوامة الرجل في الأسرة يطلق عليها: الهياكل الطبقية في إدارة البيت التي تمنح الحقوق والقوة للرجل أكثر من المرأة، وتجعل النساء والفتيات ذليلات تابعات للرجل.
- وإنفاق الرجل على الأسرة تطلق عليه الوثائق (الاعتماد الاقتصادي للمرأة على الرجل) وتعتبره السبب الرئيسي في العنف ضد المرأة.
اشتراط موافقة الزوج على السفر والخروج والعمل: تعتبره الوثائق عنفًا وتقييدًا للمرأة.
- حق الزوج في معاشرة زوجته: إذا لم يكن بتمام رضا الزوجة، تعده الاتفاقيات اغتصابًا زوجيًّا، وتنادي بتوقيع عقوبة ينص عليه القانون تتراوح بين السجن والغرامة، ويستنكر لك تقرير اليونيسيف للعنف المنزلي مضيفًا: "المشكلة هنا أن المرأة بمجرد أن توقع على عقد الزواج فإن الزوج له الحق اللا محدود في الاتصال الجنسي مع زوجته؛ لذلك فإن بعض الدول قد اتجهت لسن تشريعات ضد الاغتصاب الزوجي.
وتلح لجنة (سيداو) على إدراج جريمة اسمها الاغتصاب الزوجي ضمن قوانين العقوبات، والنص على عقوبات رادعة لها".
تشارك الزوج مع الزوجة في قرار الإنجاب، ومن ثم المطالبة بأن يكون هذا القرار ملكًا للزوجة فقط، ولا دخل للزوج فيه.
تأديب الزوجة الناشز: في ظل ما سبق، تعد الآية الكريمة (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء: 34]، قمة العنف والانتهاك لحقوق المرأة، بينما انتهاك المرأة لحق الزوج، وحق الأبناء، وتعريض الأسرة بأسرها للدمار لا يعد عنفًا أسريًّا ولا شيء عليها في ذلك.
الولاية على الأبناء: تأديب الأبناء: تنكر هيئة الأمم المتحدة من خلال الوثائق الدولية على الآباء حقهم في تأديب البناء، وتعتبر أي نوع من أنواع الإيذاء النفسي أو البدني – بمعناها المطاط – عنفًا ضد الطفل، ثم لابد من وجود خط ساخن يستطيع من خلاله الابن أن يشتكي والده الذي ضربه أو نهره أو منعه من شيء هو يرغبه، ومن ثم فمن يجترئ على تطبيق حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر"، قد يفقد ابنه إلى الأبد، حيث ينتزع منه ويوضع لدى أسرة بديلة لا تأمره ولا تضربه.
الولاية على الابنة البكر في الزواج: وتطالب الوثائق برفع تلك الولاية، وإعطاء الفتاة مطلق الحرية في الزواج بمن تشاء دون أي ولاية من أي فرد، بدعوة المساواة بينها وبين أخيها الذكر.
ارتباط دور الأمومة ورعاية الأسرة بالمرأة: تعتبر الاتفاقيات الدولية قيام المرأة بدور الأمومة، ورعاية الأسرة تمييزًا وعنفًا ضدها. وتم استبدال مفهوم الأدوار الفطرية لكل من الرجل والمرأة بالأدوار النمطية، ثم جاءت المطالبة بضرورة القضاء على تلك الأدوار النمطية. بمعنى توحيد الأدوار داخل الأسرة ليتم اقتسامها مناصفة بين الرجل والمرأة.
(8) في الطلاق: الصورة التي يتم بها الطلاق في الشريعة الإسلامية، تعدها الاتفاقيات الدولية عنفًا ضد المرأة، ومنها: - التطليق بالإرادة المنفردة للزوج.
- التطليق الغيابي.
- في الخلع: إلزام الزوجة برد المهر.
- عدم اقتسام الممتلكات بعد الطلاق.
- عدم احتفاظ الأم بأبنائها في حال زواجها بآخر بعد الطلاق.
- عدم احتفاظ الأم بأبنائها في حال زواجها بآخر بعد الطلاق.
(9) التعدد: فقد اعتبر صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA تعدد مجرد (عادة) وطالب بتعديلها، وغير خاف ما يتم طرحه الآن في الدول الإسلامية من مشروعات لقوانين، أو لتعديلات في قوانين الأسرة تضيّق التعدد، وتحصره في أضيق نطاق، إن لم تمنعه بالمرة، مثلما حدث في تونس والمغرب، وجار في سائر دول العالم الإسلامي. وذلك في تحد واضح للأديان والأعراف، والمطالبة الصريحة باستبدال كل تلك المرجعيات بالمرجعية الدولية التي تطرحها لجان الأمم المتحدة المتخصصة مثل لجنتي المرأة والطفل.
تداعيات تبني وتطبيق مفهوم العنف كما ورد في الاتفاقيات الدولية - هدم الأسرة وتفكيكها: يرى واضعو الوثائق الدولية أن الرجل يتسلط من خلال الأسرة على المرأة، ويمارس عليها أشكال القهر، ومن أجل التحرير المزعوم للمرأة، يرون ضرورة التخلص من (الأسرة)، واقتلاعها من جذورها، ولو أدى ذلك إلى التمرد على كل التعاليم الدينية، والأخلاق الاجتماعية، والمبادئ الفطرية الإنسانية التي أرست دعائم الشعوب والأمم على مر التاريخ البشري. وتتبع المنظمة الدولية طريقين لهدم الأسرة وتفكيكها، تسير في كليهما على التوازي:
(1) الطريق الأول: تغيير القيم والثقافات التي تعزز الأدوار الفطرية للرجال والنساء. وذلك عن طريق:
1- الإعلام، الذي يلعب دورًا مهمًّا جدًّا في التمهيد للفكرة، وذلك عن طريق كسر (التابو Tabou)، أي: الخوض فيما كان من (المحرمات) التي لم يكن يجرؤ أي إنسان على الخوض فيها.
2- الاستعانة بالمبادرات الدينية، بمعنى استصدار فتاوى دينية تقر ما سبق، في محاولة لصبغ تلك المطالبات بالصبغة الدينية.
3- التعليم.
4- إنشاء دور لإيواء المراهقات الحوامل الهاربات من أسرهن، والزوجات الغاضبات.
(2) الطريق الثاني: استبدال المرجعية الدولية بالمرجعية الإسلامية في التشريع للأسرة: وقد وصف تقرير قسم الارتقاء بالمرأة DAW لعام 2005 الأديان التي لا تساوي بين الرجل والمرأة مساواة تامة، بأنها (ليست أديان) وإنما هي أصولية (Fundamentalism). وتنص اتفاقية سيداو (CEDAW) واتفاقية حقوق الطفل (CRC) بين اتفاقيات دولية أخرى صراحة على أن الحكومات ينبغي أن تمتنع عن التذرع بالعادات أو التقاليد أو المعتقدات الدينية لتبرير الممارسات الضارة التي تتعارض مع حقوق الإنسان، والتي تشكل أيضًا أشكالاً للعنف وانتهاكات للحقوق الإنجابية للمرأة.
(3) الطريق الثالث: متابعة ومحاسبة الأمم المتحدة للحكومات Monitoring: لا تكتفي الأمم المتحدة بإصدار الوثائق والاتفاقيات الدولية، والضغط على الحكومات للتوقيع عليها، وإنما تقوم بمتابعتها متابعة دورية لتنفيذ بنودها كاملة، عن طريق تقارير دورية تلتزم الدول الموقعة على الاتفاقية بتقديمها بشكل دوري عن مدى ما يتم تحقيقه منها. ولا تكتفي لجنة المرأة بالمتابعة، بل تتعدى حدودها لتطالب الحكومات برفع تحفظاتها عن الاتفاقية بشكل مستمر، وبإلحاح شديد، حتى بدأت بعض الدول بالفعل تستجيب لتلك الضغوط وترفع تحفظاتها واحدة تلو الأخرى.
تعديلات في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية: في نفس التوقيت، وعلى مستوى كل دول العالم، بدأ العمل على إجراء التعديلات في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية، لتتوافق مع ما تم التوقيع عليه من الاتفاقيات الدولية.
الأردن: تم تعديل المادة الخاصة بالقتل دفاعًا عن الشرف بحيث تنص المادة المعدلة على ما يلي: "كل زوجة تجد زوجها في فعل الخيانة أو الزنا في منزل الأسرة وتقوم بقتله، أو تسبب جروحًا مميتة للزوج أو شريكته أو كل منهما، يكون لها الحق في الاستفادة منا لظروف المخففة.
مصر: أعدت إحدى الجمعيات النسوية مسودة لقانون يستحدث عقوبة جديدة تسمى عقوبة (الاغتصاب الزوجي) حيث ينص على عقاب الزوج إذا عاشر زوجته على غير إرادتها مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن 1000 جنيه".
كما تقدم المجلس القومي للمرأة بمشروع قانون للأحوال الشخصية الجديد إلى وزارة العدل يدور حول وضع ضوابط تقيد حق تعدد الزوجات. ويعمل مشروع القانون على إعطاء المشروعية للاقتران السري (والذي يطلق عليه مجازًا الزواج العرفي)، وذلك بمنح العديد من الحقوق للمرأة داخل هذا (الزواج) من أبرزها الحق في النفقة، ونسب أولادها تلقائيًّا لأبيهم وإلغاء الطلاق الغياب. ثم مشروع قانون آخر تقدمت به جمعية نسوية ينص على أن تحصل الزوجة على نصف ثروة الزوج عند الطلاق، وعلى أن تكون طاعة الزوجة مقابل إنفاق الزوج، فإذا امتنع عن الإنفاق فليس لها أن تطيعه.
تونس: أهم التعديلات التي تم إدخالها على (مجلة الأحوال الشخصية التونسية):
- منع تعدد الزوجات.- إلغاء حق الزوج في تطليق زوجته بقرار منه، بل يقدم أي من الزوجين طلب الطلاق للقاضي (التطليق القضائي).
- تحديد السن الشرعية للزواج بـ20 سنة.
- منح الأم في حالة وفاة الأب حق الولاية على أولادها.
- إعطاء البنت الوحيدة تركة أبيها ميراثًا كاملاً.
الجزائر:
- إلغاء شرط حضور ولي الأمر في عقد زواج البنت التي تبلغ سن التاسعة عشرة فما فوق.
- تقييد تعدد الزوجات، فموافقة الزوجة الأولى أسياسية مع منح القاضي صلاحيات واسعة للبت في أحقية الزوج لأكثر من زوجة أو عدم أحقيته.
- منح الأم المطلقة حق الوصاية على أبنائها القصر.
المغرب: وقد أوصت لجنة المرأة بالأمم المتحدة جميع الدول بتعديل قوانينها لتصير مثل القانون المغربي، والذي تم تعديله على 2004م، وبعض تلك التعديلات:
1- التخلي عن مفهوم طاعة الزوجة لزوجها وإلغاء مصطلح رب الأسرة.
2- التخلي عن إشراف المرأة على البيت وتنظيم شئونه، وإحلال المساواة بين الزوجين في تحمل مسئولية الأسرة (بمعنى إلزام المرأة كذلك بالإنفاق على الأسرة مناصفة مع الرجل).
3- التساوي بينهما في اتخاذ القرارات.
4- رفع سن الزواج حتى الثامنة عشرة.
5- إلغاء الولاية على الفتاة البكر الراشدة.
6- تقييد التعدد.
7- تقليص إرادة الزوج في إنهاء الرابطة الزوجية.
8- توسيع حق المرأة في طلب التطليق.
9- إثبات النسب وإلحاق ابن المخطوبة بأبيه في حالة عدم توثيق عقد الزوجية.
10- تخويل الحفيدة والحفيد من جهة الأم، على غرار أبناء الابن، حقهم في حصتهم من تركة جدهم.
تشاد: من أهم القضايا التي تم التركيز عليها في مشروع مدونة الأحوال الشخصية التشادية قضايا مثل: (تحديد سن الزواج، تعدد الزوجات، الطلاق، القوامة، الميراث، تأديب المرأة [كضرب المرأة، والهجر في المضاجع]، شهادة المرأة، الحجاب، حقوق المرأة السياسية [حق الترشح والترشيح للولاية العامة]، إزالة الفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل).
سوريا: - تقديم مشروع قانون في أول مارس/آذار إلى مجلس الشعب يعدل بمقتضاه قانون العقوبات بما يلغي العمل بالمادة (548) والتي تأخذ بالأسباب المخففة لجرائم الشرف.
تداعيات التعديلات التي أجريت في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية: تركزت تداعيات تلك التعديلات، رغم مرور فترات بسيطة عليها، في: ارتفاع مذهل في نسب الطلاق، ارتفاع مخيف في نسب العنوسة، انخفاض ملحوظ في نسب إقبال الشباب على الزواج، ازدياد إقبال الفتيات في المغرب على تزويج أنفسهن تحت حماية القانون الجديد: بخصوص زواج الراشدة، التي تعقد زواجها بنفسها، بلغ عدد رسوم الزواج سنة 2006 ما مجموعه 60 ألفًا و95 رسمًا.
كما يزداد معدل لجوء (الأمهات العازبات) إلى دور الإيواء هربًا من الفضيحة، ومن الإيذاء.
الخاتمة: لا ينحصر تعريف الاتفاقيات الدولية للعنف الأسري داخل إطار الضرب أو الإيذاء الحقيقي، بل تعداها إلى تعريفات غريبة ما أنزل اللَّـه بها من سلطان، فمثلا طاعة الزوجة لزوجها تعد (عنفًا ضد المرأة)، وبالمثال ميراث المرأة نصف الذكر في بعض الحالات، كذلك إباحة التعدد للرجل دون المرأة، وولاية الأب على ابنته في الزواج، وإلزام الزوج بالإنفاق على أسرته، وإلزام المرأة بدور الأمومة والقيام برعاية أسرتها ... إلى آخر تلك الفوارق. فالعنف بشكل عام، والعنف الأسري بشكل خاص، ما هو إلا وعاء كبير غير محدود ولا معلوم الأبعاد، يزيد امتلاء يومًا بعد يوم. والشريعة الإسلامية من منظور الاتفاقيات الدولية تصنف ضمن ما تطلق عليه لجة المرأة في الأمم المتحدة بـ(القوانين التمييزية).
وصار لزامًا على كل حكومات العالم أن تقوم بتعديل قوانينها الوطنية لتتوافق مع تلك الوثائق الدولية التي تعد تلك الفوارق (عنفًا في نطاق الأسرة)، وعدم التذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبار ديني تجنبًا للوفاء التزاماتها التي فرضتها عليها تلك الوثائق والاتفاقيات، وذلك في تحد واضح للأديان والأعراف، والمطالبة الصريحة باستبدال كل تلك المرجعيات بالمرجعية الدولية التي تطرحها لجان الأمم المتحدة المتخصصة مثل لجنتي المرأة والطفل.
إن مصطلح (العنف الأسري) يعد البوابة الذهبية لتذويب الثقافات والحضارات وإلغاء الخصوصيات الحضارية لصالح الطرف الأقوى، والعالم الإسلامي على رأس المستهدفين، ذلك لأن الثقافة الإسلامية التي تشكل هوية الأمة الإسلامية مستمدة بالأساس من دينها العظيم، ومن ثم فإن استهداف الثقافة يعني بشكل مباشر استهداف الدين؛ لأنهما ليسا مفصولين. وهذا يلقي عبئًا ثقيلاً وعظيمًا على علماء هذه الأمة، فالعلماء هم المسئولون عن إصلاح الأمة، وحماية ثوابتها، فهم ورثة الأنبياء.
وأمام هذا الخطر المحدق، الذي يهدد الأمة وهويتها، يأتي دور العلماء في التصدي له، قال سبحانه: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ) [الأحزاب: 39]، ولهم في رسول اللَّـه أسوة حسنة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: 67].
وإن كانت هناك بعض الصور السلبية بحق المرأة فلا ارتباط بينها وبين الشريعة الإسلامية، بل هي مرتبطة بالأساس بسلوكيات فردية غير سوية لأفراد ابتعدوا فهما وتطبيقًا عن روح الإسلامي وتعاليمه.
ولم يدع الفقه الإسلامي تلك السلوكيات بلا علاج .. ولكن .. ليس الحل في الاتفاقيات الدولية .. خاصة بعدما اتضح لنا ما تحتويه من بنود تمثل في جوهرها ثقافة لا دينية لا تتفق بأي حال من الأحوال مع تعاليم ديننا الحنيف، ولا تحمل حلاًّ حقيقيًّا للمشاكل التي تعاني منها المرأة في عالمنا الإسلامي .. إن حل تلك المشاكل جميعًا لن يكون إلا في العودة لنبع الإسلام الصافي.
نبع المودة والرحمة والسكينة. لذا نؤكد على:
1- ضرورة عرض كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة والطفل – قبل التوقيع عليها – وكذلك مشروعات القوانين – قبل إصدارها – على أهل الاختصاص من علماء الشريعة والقانون؛ لضبطها بميزان الشرع، ورفض ما يتعارض منها مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، ويدعو الحكومات الإسلامية إلى مراجعة الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها للوقوف على البنود التي تتعارض مع الأحكام للوقوف على البنود التي تتعارض مع الأحكام الشرعية، ورفض تلك البنود.
2- رفض كل ما يخالف نصوص الشريعة الإسلامية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، والتي تؤدي إلى إلغاء الفوارق الفطرية بن دور الرجل والمرأة في المجتمع كالمساواة التامة في الميراث، وتقييد حق الرجل في إيقاع الطلاق، وقوامة الرجل في الأسرة، وواجب الرجل في الإنفاق على بيته وتربية أولاده وغير ذلك مما هو ثابت في الشريعة الإسلامية. كما يجب رفض كافة البنود التي اشتملت عليها هذه الاتفاقيات، والتي تسعى إلى مخالفة قوانين الشرع والفطرة، كإباحة الزواج المثلي، والعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج الشرعي، والاختلاط بغير عذر شرعي، وغير ذلك من بنود تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- ضرورة تمسك حكومات الدول الإسلامية بالتحفظات التي وُضعت عند التوقيع على الاتفاقيات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، استنادًا إلى أحكام القانون الدولي بهذا الخصوص، ويرفض سلب الدول هذا الحق لأي سبب كان.
4- نتحفظ بشدة على تداول المصطلحات الأممية التي تتسم بالضبابية والمطاطية مثل مصطلح (العنف الأسري) الذي يستخدم بمعانٍ مختلفة بحيث يرمي في النهاية إلى إلغاء جميع الفوارق بين الرجل والمرأة، ويدعو كل الجهات المعنية إلى الانتباه إلى تلك المصطلحات وعدم تداولها لأنها ستتخذ كأرضية لتطبيعها وإدماجها في القوانين المختلفة، ويدعو إلى استخدام مصطلحات إسلامية ذات تعريفات واضحة تقرها الشريعة الإسلامية خاصة في إصدار الفتاوى.
م. كاميليا حلمي
موقع بوابتي