التلخيص/ سعاد البياتي
يسعى هذا البحث الى التعرف على اتجاهات الشباب الجامعي نحو ظاهرة الزواج المبكر من خلال اجابات بعض طلبة جامعة بغداد والمحصورة اعمارهم بين (20- 25) سنة مستعرضا قبل ذلك الابعاد النظرية والفكرية لفكرة البحث ( الزواج المبكر).
فقد رصدت الدراسات والبحوث المتخصصة في مجتمعنا العراقي المعاصر ونتيجة لظروف ومتطلبات داخلية وخارجية عديدة الاتجاه نحو تأخير سن الزواج او العزوف عنه عند كلا الجنسين، وهذه الظاهرة اضافة الى تأثيراتها على المجتمع وعلى الفرد، لان الزواج ليس مجرد ظاهرة فردية بل هو ظاهرة اجتماعية وذات معان تتجاوز الفرد الى المجتمع، وكل تغيير اجتماعي يطرأ على اقبال الشباب نحو الزواج او الاعراض عنه يؤدي الى آثار سكانية قد تكون سلبية او ايجابية اضافة الى ان سكان العراق قياسا الى مساحته وموارده مازال قليلا وخوضه لمعارك عديدة وتعرض ابنائه لحوادث التفجيرات، كل ذلك يعني ان هناك حاجة موضوعية الى زواج مبكر للشباب لرفع معدلات الولادات من جهة والاهتمام بالتنمية البشرية والتطور في جميع مجالات الحياة من جهة ثانية.
سن الزواج
وتشير ( رجاء محمد قاسم) الى ان هناك شروطاً جسمانية اساسية تتعلق بالنضج لابد من توافرها لكي يكون كل من الفتى او الفتاة مؤهلاً للزواج الى جانب الشروط الاجتماعية والدينية والقانونية.. بيد ان هذا لايكون ثابتا في المجتمعات جميعها، ومنها المجتمع العراقي فان للقيم الدينية والاجتماعية اثراً كبيراً في تزويج البنات والاولاد دون ان يكون للنضج البايولوجي الشرط الاساس، وانما يكون ثانويا باعتبار الزواج من وجهة نظر البعض من الاسر بمثابة حصانة لكلا الزوجين وضمان لمستقبلهما، وهذا المفهوم الاجتماعي لسن الزواج لايتطابق مع مفهومه القانوني ولكنه لاينفصل عنه كليا.. فالفتاة دون سن (18) سنة لاتملك بموجب القانون سلطة تقرير مصيرهافي الارتباط الزوجي بدون موافقة ولي امرها.. وهناك افتراض مفاده وجودثلاثة مستويات عمرية للزواج ،زواج مبكر جدا ويقع مابين (مابعد البلوغ) بقليل وسن (20) سنة اي يقع مابين (14-20) سنة.. وزواج مبكر ويقع مابين (20- 25) سنة.. وزواج متأخر ويقع بعد سن (25 – 30) سنة فاكثر.. لكن بعض المجتمعات تضع حدا ادنى لسن الزواج وتمنع الزواج دون هذ السن الا انها غالبا ماتتراوح مابين سن (16- 18) سنة للفتاة ومابين ( 18-21)سنة للفتى.
الزواج المبكر وآثاره الاجتماعية
وبصدد الاثار الاجتماعية للزواج المبكر تؤكد ان الاثار الايجابية للزواج المبكر من وجهة النظر الاجتماعية.. فهو يعوض الاثار السكانية السلبية التي ترتبت على الظروف القاسية التي مر بها العراق، حيث ان المرأة يمكن ان تنجب اكثر وعلى نحو لايؤثر على وضعها الصحي لان سنوات قدرتها على الانجاب طويلة بحسب الدراسة.. وفي الزواج ايضا حصانة اخلاقية عظيمة وفرصة للزوجين الشابين ان يتمتعا بحريتهما اكثر مما لو كان في اسرتيهما وضوابطهما.. وهذا ينعكس ايجابيا على شخصيتهما ويعمق دورهما الاجتماعي.. كما انه يتيح فرصة للشباب لتحقيق الامال المترتبة على زواجهم وهم في عمر يتيح لهم التمتع بمزايا تلك الامال .. فضلا عن ان عزوف الذكور عن الزواج او تأخيره يؤدي الى بقاء الاناث بدون فرص زواج وفي ذلك مخاطر سلوكية ونفسية واجتماعية كبيرة ومعروفة .
وفي ضوء هذا فان قطاع الشباب العنصر الحيوي في قطاع مجتمعنا هو الذي يغذي ميادين التنمية، لذلك فان الكشف عن اتجاهاته نحو الزواج المبكر يعد من الوسائل المهمة التي تقود الى وضع الاسس والبرامج التي ترمي الى بناء وتعديل هذه الاتجاهات في صيغ تناسب اهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية عن طريق توفير المستلزمات المادية والمعنوية.. وعليه فان الضرورة تقتضي اعتماد فكرة التغيير الاجتماعي والثقافي للشباب وذلك بترقيتهم عقلا وعاطفة وروحا ومنذ سن مبكرة.. ويعد هذا مؤشرا ايجابيا للزواج المبكر على انه النموذج الطبيعي للحياة وحفظ النفس والنوع، فضلا عن انه المرحلة الشرعية الاولى لتكوين الاسرة بصورة مبكرة وبذلك تتيح الفرصة لتنقل الى الابناء والاحفاد جميع المعارف والمهارات والقيم لتصريف شؤون حياتهم الخاصة والعامة.
الاختيار
اما عن عملية الاختيار ودورها في نجاح الزواج فقد اوضحت الدراسة اهميتها حيث يبدو من التحليلات المختلفة التي وضعت لظاهرة الطلاق هي لسوء الاختيارللزواج.. وفي الواقع ان التقاليد وربما الطبيعة قد جعلوا الرجل هو البادىء في عملية التودد للمرأة بيد ان ذلك لاينفي دور المرأة في تطوير العلاقة وربما في عملية اختيارها لشريك المستقبل كالتأنق في الملبس والتلميح والحركات والافعال من جانب المرأة.. اذن فأن عملية الاختيار ليست عملية عشوائية او نشاطا عفويا بل محكومة بقيود تضمنتهاعملية الاختيار، وان رابطة الزواج اليوم اصبحت تقوم على الارادة الحرة لطرفي تلك العلاقة وليست هي مجرد علاقة مستحدثة.. ويمكن القول ان الاختيار للزواج سلوك اجتماعي لايتحدد فقط برغبات الشخص بل على وفق معايير المجتمع.
دعم وتوعية
اما ابرز الاتجاهات الايجابية للشباب نحو الزواج المبكرفقد جاء في بحث ودراسة (رجاء محمد قاسم) انه يعصمهم من الانحراف ومن اللجوء الى طرق الاشباع الجنسي غير المشروع سواء كانوا ذكورا ام اناثا وسواء كانت اصولهم ريفية ام حضرية، وايضا باختلاف تخصصاتهم الدراسية العلمية منها والادبية.. لكن الوضع الاقتصادي وقلة فرص العمل تعد عائقا كبيرا للزواج.. لذلك يتحتم عى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من وزارات وشركات ومعامل بتوفير فرص عمل للشباب وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، وتسهيل الدعم المادي للعرسان من الشباب باقامة حفلات الزفاف الجماعية وتجهيز المتزوجين باثاث الزوجية والسلع المعمرة.ومن المؤشرات الايجابيةلنجاح الزواج المبكر يتم في توعية الناس وتبصيرهم بمعنى الزواج المبكر واهميته وشروطه التي يمكن تحديدها بالشكل الذي يبعده عن الماديات والمظاهر الزائفة والمهور المبالغ فيها، عن طريق التلفاز ووسائل الاعلام المختلفة وعقد الندوات الخاصة بالموضوع.
* البحث مقدم من قبل ا.م رجاء محمد قاسم
دراسة اجتماعية عن اتجاهات الشباب الجامعي نحو الزواج المبكر
- التفاصيل