طارق مصباح
فقد مطبخ البيت وظيفته مع تطور الحياة وتسارعها العجيب واتجه الناس إلى وجبات الطعام الجاهزة على الرغم من معرفتهم الأكيدة بمضارها. ''الفاست فود''.. ذلك الغول الذي سيطر على عقول الكثيرين وبطونهم، على الرغم من أن دراسات غربية وشرقية حذرت من مضاره.. في البحرين الآن مطاعم متنوعة الجنسيات في كل مكان، وصل مدها الكاسح إلى جميع مناطق المملكة بلا استثناء. وفكرة الوجبات السريعة انطلقت مع تعقد الحياة اليومية إضافة إلى ساعات العمل الطويلة التي قضت على الناس أن يتناولوا وجباتهم في مواقع العمل. بعد ذلك تم تطوير هذه الصناعة وذلك من حيث تصاميم مطاعمها الجذابة ومواقع عملها سواء في مناطق العمل أم السكن أم على طرق السفر أم المطارات فأصبحت صناعة تغذية متفوقة بجانب مطاعم الوجبات العادية. ولعل أهم ما يميز انتشارها أيضاً رخص ثمنها النسبي قياساً بالوجبات المقدمة في المطاعم الاعتيادية.
ما هي الـ''فاست فود''؟ يصف خبير التغذية البحريني الدكتور عبدالرحمن عبيد مصيقر رئيس المركز العربي للتغذية الوجبات السريعة بـ''أنها أغذية تحضّر وتؤكل خلال مدة قصيرة (بنحو سريع)، ويعني ذلك أن الشاورما والدجاج المشوي والحمص والتبولة والفول والطعمية والسمبوسة وغيرها هي وجبات سريعة، حتى الأرز بأنواع تحضيره أصبح يقدم في المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة خصوصاً في المجمعات التجارية التي ازدهرت مؤخراً''. لكننا نريد أن نعرف من مصيقر ما إذا كان الـ''فاست فود'' مفيداً أم لا؟.. وجواباً عن سؤالنا يقول: ـ لا يوجد غذاء مفيد وغذاء غير مفيد، لأن كل غذاء في الحقيقة مهما كان نوعه له فائدة ما، فمثلاً المشروبات الغازية على الرغم من أنها تحتوي على السكر والغازات وكذلك مشروبات الكولا التي تحتوي على الكافيين تحتوي على الطاقة الحرارية وتوفر السوائل للجسم، لذا يمكن القول إن هناك عادات غذائية مفيدة وعادات غذائية سيئة. وهنا يمكن إدراج تناول بعض الوجبات السريعة في حالة الإكثار من تناولها واتخاذها نمطاً غذائياً سائداً للطفل أو الشخص في أي مرحلة عمرية ضمن العادات الغذائية السيئة. ويضيف أنه من المعروف أن بعض الوجبات السريعة تحتوي على نسبة عالية من الدهون والكولسترول وعنصر الصوديوم ''الملح''، ونحن لا نحبذ الإكثار من تناول هذه العناصر الغذائية، ولكن في الوقت نفسه هناك العديد من الوجبات السريعة غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية والبروتين، وبعضها غني بعنصر الحديد المهم للوقاية من فقر الدم، لذلك فإن النصيحة المثلى هي الاعتدال بتناول الوجبات السريعة. فعندما يكون تناول هذه الوجبات في أحد أيام الإجازة الأسبوعية مثل الخميس أو الجمعة فلا ضير من ذلك، أما إذا كان تناول هذه الوجبات يومياً، فالأفضل أن تترك هذه العادة، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا يتوقف على نوع الوجبة السريعة، فمثلاً الاعتدال والتوازن في تناولها مع بعض التوجيه كأن يكون الدجاج المشوي من دون جلد مع الخبز الأسمر، إضافة إلى أنواع مختلفة من السلطات الخضراء الطازجة وعصير البرتقال الطازج وهذه كلها أغذية صحية ومفيدة. إذاً انتقاء نوع الغذاء من مطاعم الوجبات السريعة أمر مهم للحصول على وجبات صحية وقد تكون فرصة لتعويد أطفالنا على العادات الغذائية المفيدة. نساء الـ''الفاست فود'' متسوقات وموظفات يفضلن وجبات الأكل السريع وذلك أمر طبيعي إذا ما لاحظنا إقبال النساء أيضاً على هذا النوع من المحال ففي أحد المطاعم التقيت أثناء تجوالي عصراً في شارع المطاعم بالعدلية امرأتين من العاملات وتحدثت معهن بإسهاب في هذا الموضوع. قالت أم ناصر (45 سنة- موظفة في بنك): ''انتهى دوامنا منذ مدة وأبوالعيال أكيد الحين راقد فصحبت زميلتي في العمل لتناول وجبة الغداء''. ووافقتها زميلتها في الرأي. وأثناء حديثي معهن خرجت من المطعم امرأة وهي تحمل ما قالته أم ناصر جعلني أتوجه إلى بعض محال ''الفاست فود'' المنتشرة في شوارع العاصمة في محاولة لاكتشاف مدى العلاقة بين هذا النوع من الغذاء والإنسان في هذا الزمان! كان الإقبال منقطع النظير على هذه المحال، ويبدأ هذا الإقبال بالوصول إلى الذروة ابتداء من الساعة السادسة مساءً، فالمأكولات المعروضة في هذه المحال كما بدا لي أصبحت تشكّل الوجبة الأساس لدى الكثيرين، خاصة الموظفين والطلبة الذين تعوّدوا عليها وأصبح وقت الغداء في هذه المحال مقدساً بالنسبة إليهم، ولا يمكنهم الاستغناء عنها! قال لي محسن سالم (35 سنة) إنه لا يمكنه الاستغناء عن ''البيتزا والشوارما''. أما علي محمد (34 سنة) فأخبرني بالحرف الواحد: ''لا يمكنني مقاومة رائحة البيتزا الساخنة، أو تذكر شكل البورجر إلا وأذهب إليه في مطعمي المفضل''! هذه روايات ليست من نسج الخيال، ولكنها واقع أثبتته بعض الدراسات الغربية التي أشارت إلى أن الإقبال على تناول الـ''فاست فود'' أصبح أشبه بالإدمان على التدخين.. مع فارق التشبيه طبعاً.. ربات بيوت و''الهوم دليفري'' ربات البيوت أصبحن أيضاً يفضلن هذا النوع من الغذاء لسرعة تحضيره متذرعات بحجة أن الأطفال يقبلون على أكله بشراهة.. ''هذا ليس تهرباً طبعاً من أعمال البيت'' كما أوضحت لنا ذلك أم الجمال التي عندها 5 أطفال أكبرهم في المرحلة الثانوية وكلهم يتناولون الفاست فود. قائمة تطول من المطاعم الأمريكية والأوروبية والهندية والصينية وما إلى هنالك من مسميات وجنسيات، تنتشر وتتضاعف أعدادها على طول المملكة وعرضها لتلبي أذواق الناس ورغباتهم، وإذا كنت متعباً أو ليست لديك سيارة فخدمة الـ''هوم دليفري'' جاهزة وبالمجان أيضاً. قال فايز الشمري مثنياً على هذه الخدمة: ''في أي وقت يمكنني الحصول على وجبتي من أي مطعم وهذه الخدمة حفظت أوقاتنا''. وفايز طالب في إحدى الجامعات الخاصة وشغفه بالدراسة يمنعه أحياناً من الذهاب للمطاعم لتناول وجبة عشائه المفضل أو وجبة الغداء، ووجود هذه الخدمة كان من ''حسن حظه'' كما يقول! تلبية الشهية.. هي الأهم! بعد قراءة مستفيضة لبعض الدراسات التي تزخر بها مواقع الأبحاث عبر المواقع الإلكترونية تيقنت أن هناك شبهة علمية، بل ومعلومات أكيدة حول تلك المطاعم تشير إلى ضررها، ولكن هل هذا الأمر لا يقنع بعض ''الجوعى''، ففي غالب الأحيان تكون الإجابة وللأسف الشديد عدم التصديق بما تأتي به تلك الدراسات، واتضح لي ذلك عندما قصدت المحافظة الجنوبية وأثناء تجوالي فيها التقيت مجموعة لا تقل عن 10 من الصبيان تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 14 سنة وكانت إجابتهم ''المهم أنه طعام لذيد وطيب ويلبي شهيتي عندما أجوع''.. فهل يحتاج المجتمع إذن إلى مزيد من التوعية ليقتنع بمضار هذه الوجبات السريعة؟ (على الرغم من أنني غالباً ما أستمع إلى خبراء التغذية يتحدثون على شاشات التلفزيون عن مساوئ الـ''فاست فود''، إلا أنني فقدت المقاومة أمام مغريات الأطباق المزخرفة بألف حلة ولون.. كل شهر وجبة جديدة.. من وين نقدر نقاوم؟) هذه الإجابة سمعتها من طالب جامعي يدرس في جامعتنا الوطنية، وأعتقد أنها تمثل رأي غالبية الطلبة ومن يزر مطاعم الجامعة سيتوصل إلى النتيجة التي توصلت إليها. مساحة الأكل الصحي ولكن هل يُرضي هذا الأمر أولياء الأمور؟ ''بوجاسم'' أحد أولياء الأمور التقيت به وعلى الرغم من أنه رفض الإفصاح عن اسمه لكن كلامه كان مفيدا، إذ قال: ليس مستغرباً أن يتجه الشباب في يومنا هذا إلى المأكولات الجاهزة، ذلك أن التربية الغذائية البيتية -للأسف- مفقودة عند بعض عائلاتنا البحرينية، وما هو مؤسف أكثر أن بعض العائلات لا يوجد الطبخ في قاموسها من الأساس، ما يضطر الأبناء إلى التوجه إلى المطاعم، لتكبر الحلقة وتضيق مساحة الأكل الصحي. أما تركي محمد (رب أسرة وموظف حكومي) فقد أبدى استياءه من طريقة تحضير تلك الوجبات موضحاً أنه من خلال احتكاكه بالأطباء اكتشف أن الدهون المشبّعة في هذه المأكولات تشكل وحدها سبباً رئيساً للعديد من الأمراض مثل الكولسترول والتريغليسريد وهما عاملان أساسان في مشكلة انسداد الشرايين، هذا إلى جانب الأمراض السرطانية وأمراض أخرى مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم والبدانة المفرطة التي تنتشر كثيراً في يومنا هذا في صفوف الشباب ممن يعانون من تراكم الدهون خصوصاً عند منطقة البطن. وقفة مع مأكولات المقاصف وعلى الرغم من بعض التصريحات التي تنشرها وزارة التربية إلا أنها لم تشفع لأكثر من ولي أمر التقيت به أثناء إعداد هذا التقرير أن يرفعوا شكاواهم من بيع ''الشيبس'' والعصير الملون و''الهمبورجر والبيتزا'' وغيرها من الأغذية التي تشكل خطراً على صحة الأبناء وعقولهم. ''إن ما تأكله ينعكس عليك''.. قاعدة علمية صحيحة، فالطعام يعد الوقود الأساس لأجسامنا وعقولنا ومظهرنا، وكانت باحثة كندية عملت في عدد من سجون ومراكز إصلاحيات الأحداث ذكرت أن ما يتناوله الطفل من طعام ينعكس على سلوكه وذكائه في المدرسة وفي علاقته الاجتماعية بأصدقائه. السمبوسة.. ''فاست فود''! وقفت بانتظار دوري لشراء سمبوسة من إحدى محال مدينة عيسى، تجاوزت الطابور معتذراً للإخوة والأخوات والواقفين.. دخلت المحل فصدمني الوعاء الزيتي الذي كان أشبه بالـسم الزعاف!! فأين الرقابة على تلك المحال؟ هذا المشهد جعلني أعدل عن طلبي وأتصل برئيس جمعية حماية المستهلك ماجد شرف الذي قال لي: ''زين سويت''، ووجه نصيحة للقراء من واقع عمله أكد فيها أن على المستهلك أن يراعي وجود الاشتراطات الصحية في مطاعم الوجبات السريعة المحلية. وقال: إن هذه الاشتراطات هي لبس العامل للقفازين وغطاء الرأس وعدم لمس الأموال بيده التي يجهز فيها الطعام ونظافة المحل وسلامة الزيت المستخدم في الطبخ. تقديم المعلومات الغذائية قد تفتقر الوجبة السريعة إلى الفيتامينات والألياف المقللة من امتصاص الدهون والمتوافرة في الخضر إلا أن كثيراً من المطاعم اليوم توفر السلطات الغنية بهذه الخضر مع تلك الوجبات لتقليل مخاطرها، كما إن بعض المطاعم يتبع عملية ''الطبخ الصحي'' وليس السحري! ففي زيارة لي إلى مطاعم للمأكولات في محافظة المحرق التقيت مدير الشركة نيكاث عبدالكريم الذي رحب بنا وجال بنا أركان المطعم الذي يحضر الأكلات السريعة باستخدام الزيوت منزوعة الدسم وباستخدام الماء. وقال: منذ تسعة أشهر تقريباً ونحن نتعاون مع وزارة الصحة في مشروعها الذي حثنا على التأكد من صحة المأكولات التي نعدها إضافة إلى ضرورة تقديم جانب ثقافي صحي للزبون بتزويده بالمعلومات الصحية بكل وجبة من وجباتنا، وهي نسب الأملاح والدهون والكولسترول وغيرها من الإضافات في الغذاء. خرجت من المطعم مسروراً وسعيداً، بعد أن علمت أن المسؤولين في وزارة الصحة بمملكتنا العزيزة يؤكدون لنا أنهم حريصون كل الحرص على صحة المواطنين عبر مشاريع راقية. ولم أبعد كثيراً عن هذا المطعم حتى اقتربت من مطعم آخر يقدم الوجبات السريعة لأتأكد ما إذا كان يطبق هو أيضاً هذه الاشتراطات الصحية نفسها ويقدم هذه الخدمة التثقيفية؟.. فوجدت هذه المعلومات الغذائية مطبوعة على الجدران في لوحات لافتة، وموزعة على صحون الزبائن، وحرصاً مني على الاستزادة من تفاصيل هذا المشروع التقيت في اليوم التالي رئيسة قسم التغذية بوزارة الصحة الدكتورة نادية الغريب، التي أوضحت أن قسم التغذية أجرى دراسة حول أطعمة الوجبات السريعة.. ولما سألتها عن أهم أهداف هذه الدراسة ونتائجها؟. أجابت: إن الهدف هو تشجيع المطاعم على إيضاح المحتويات الغذائية لما تقدمه من وجبات. وأضافت: لفت انتباهنا أن عدداً كبيراً من هذه المطاعم توجد لديها تفاصيل المحتوى الغذائي لوجباتها المقدمة وهو أمر مشجع إلا أن طريقة إعلانها للجمهور تحتاج إلى شيء من التطوير، وأن الاستجابة الواسعة من هذه المؤسسات في مملكة البحرين كانت طيبة ومشجعة باتجاه تطوير عملها بما يتلاءم مع المواصفات الصحية الغذائية بما تقدمه من وجبات. رد الشبهات انتهزت فرصة وجودي مع رئيسة قسم التغذية لأطرح عليها مجموعة من التساؤلات بدأتها عما يثار دائماً حول وجبات المطاعم السريعة وأنها قد لا تكون صحية مقارنة بالمطاعم العادية أو الوجبات المنزلية، فأوضحت الغريب أنه بنحو عام فإن وجبات الأغذية السريعة تتميز بأنها ذات محتوى دهني عالٍ وخاصة الدهون المشبعة والكولسترول إضافة إلى ارتفاع نسبة الصوديوم بها وكذلك فإنها عالية السعرات الحرارية. وقالت: إن الشيء نفسه يسري على قائمة الحلويات المقدمة فهي عالية السكر، وكذلك فإن أغلب المشروبات المقدمة هي المشروبات الغازية والتي بدورها تعدّ عالية السكر والكافيين. بينما الأكلات المنزلية تتيح للفرد التحكم بنوعيتها ومحتوياتها الدهنية والسكرية وسعراتها بنحو عام، وكذلك التحكم بطريقة تجهيزها وإعدادها. خيارات صحية سؤال مشاكس راودني في هذه اللحظة: كيف يمكن عمل خيارات صحية لوجبات الأغذية السريعة؟. وعثرت على الإجابة لدى رئيسة قسم التغذية التي شرحت ذلك بالقول: يمكن أخذ خيارات صحية في مطاعم الوجبات السريعة فمنها تفضيل تناول سندويشات اللحوم المشوية مقارنة بالمقلية ويفضل دائماً إضافة الخضر، والحرص على طلب السلطات على أن يكون جزءاً من الوجبة، تناول العصائر والماء بدلاً من المشروبات الغازية، والتقليل من تناول الحلويات المعروضة. وعليه فإننا نعتقد على الرغم مما لدينا من ملاحظات على ما يقدم من أغذية في مطاعم الوجبات السريعة فإنه يمكن عمل الكثير من الخيارات الصحية في هذه المطاعم. قيمة التغذية الصحية ولكن هل يفهم من ذلك أنه يمكن تشجيع الناس على الإقلال من التردد على مطاعم وجبات الأغذية السريعة؟ تجيب الغريب: لا أعتقد ذلك فإنه مع التغير الكبير والسريع في أنماط الحياة والنجاح الباهر في تسويق هذه الأغذية السريعة فإننا على العكس نلاحظ المزيد من الانتشار والتوسع بهذه المطاعم ومن ثم فإننا ندعو إلى تطوير القيم الغذائية لوجبات الأطعمة السريعة وذلك بتخفيف كميات الدهون وأملاح الصوديوم والسكريات من جهة والإبداع في تصميم وجبات عالية في الألياف والفيتامينات والمعادن وتسويقها، أي بنحو عام تطوير فوائدها الغذائية مع المحافظة على مذاقها بحيث تكون مقبولة للعامة، وعلى العموم فإننا نلمس هنا الحرص لدى عدد لا بأس به من مؤسسات مطاعم الوجبات السريعة الكبيرة. ماذا عن التكة والشوارما؟ بقي يشغلني سؤال هو: هل يمكن تصنيف بعض الوجبات المحلية مثل مشويات التكة والشاورما والمعجنات على أنها ''فاست فود''؟ قالت الغريب: من حيث التعريف نعم تعد وجبات أغذية سريعة، ولكننا نود الإشارة إلى الملاحظات نفسها التي ذكرناها إذ لابد من مراقبة محتوى الدهون وكميات أملاح الصوديوم بها، ولكن الملاحظ أن متوسط تناول هذه الوجبات كبير من حيث الكمية مثل مشويات التكة، وعليه فإن كمية الدهون في الوجبة الواحدة عالية ولكن إذا كان شيّها جيداً وتناولها المرء باعتدال فإنها ستكون وجبة صحية نسبياً. لماذا يفضلها الأطفال؟ وجدت أن الحاجة تفرض عليّ العودة إلى خبير التغذية البحريني الدكتور عبدالرحمن مصيقر لأسأله عن مضار هذه الوجبات على الأطفال. قال: إن هناك بعض الأسباب الاجتماعية والنفسية التي تجعل الأطفال يحبون الأطعمة السريعة، منها أن مطاعم الوجبات السريعة تشكل فرصة للطفل للتخلص من الروتين اليومي وتكرار الأغذية نفسها في المنزل، فالخروج إلى المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة يساعد على فتح شهية الطفل وزيادة تقبله للطعام، وهذا يعود إلى أن العديد من الأطفال يفرض عليهم طعام المنزل ويكون الجو النفسي عند تناول الوجبات اليومية خصوصاً وجبة الغداء غير مريح، ولقد وجدنا من خلال الدراسات أن الأطفال والمراهقين يرفضون تناول الحليب وبعض الأغذية مثل البيض عند وصولهم سن البلوغ وذلك كنوع من إثبات الوجود ورفض أوامر الأسرة لإجبارهم على تناول هذه الأغذية، كما إن المشاحنات التي تحدث أثناء تناول وجبة الغداء في المنزل مثل توبيخ الطفل لتصرفات معينة تجعل الطفل لا يرتاح كثيراً للجلوس على مائدة الطعام مع أفراد العائلة ويحاول إنهاء طعامه بسرعة. وختم قوله: إن بعض الأغذية السريعة تحتوي على نسبة لا بأس بها وأحياناً نسبة عالية من الدهون، والمعروف أن الغذاء الذي يحتوي على الدهون يكون مقبولاً ومستساغاً بنحو أفضل من الأغذية قليلة الدهون أو عديمتها، وأقرب مثال على ذلك الحليب كامل الدسم والحليب منزوع الدسم إذ نجد أن أغلب الناس يرفضون الحليب منزوع الدسم ولا يستسيغونه، فمن وظائف الدهون تحسين طعم الطعام. ''الفاست فود'' والروابط الأسرية! حسب مجلة ''الأسرة'' الخليجية في عددها رقم 148 فإن مطاعم ''الفاست فود'' أسهمت بتفكيك روابط الأسرة، إذ تقول ''نجد أن الأم مع صاحباتها في مطعم، والأب مع الشلة في آخر، والأبناء وأقرانهم في ثالث، ولا تجتمع الأسرة إلا عند المنام، وقد يرون بعضهم بعضاً في الأحلام وقد لا يحصل''. وتضيف المجلة ''أدخلت تلك المطاعم على ميزانيات الأسرة بنوداً جديدة، وحملتها أعباء إضافية، الأسرة في غنى عنها، فأصبح رب الأسرة يحسب حساب تلك المطاعم قبل حساب فواتير الخدمات والعلاج والدراسة وغيرها، وكأن الحياة لا تقوم بدونها، والمشكلة الأدهى أن الرغبة تحولت إلى عادة وأصبحت العادة طبعاً، ولم يعد الشخص يستطيع أن يتخيل حياته من دون الأكل بسرعة''.
(الفاســـــت فـــود) يهــزم مطــابـخ البيــوت ويفكك روابط الأسرة!
- التفاصيل