الإسلام اليوم
يعدّ الطلاق واحدًا من أشدّ التجارب إيلامًا للمرأة، خاصة في المجتمعات العربيَّة الَّتي تفرض قيودًا على المطلَّقة, وتزداد حدة التجربة كلما كانت المرأة أصغر سنًّا. وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر عن ارتفاع عددهن حتى وصل إلى مليون و495 ألفًا. وفي محاولة لمساعدة المتضررات من الطلاق على بدء حياة جديدة, أعدت هيئة كير ـ مصر ومنظمة بلان (أسيوط) دليلًا لكل مطلقة عنوانه "بداية جديدة" وشعاره: "إن الطلاق ليس نهاية الطريق؛ بل بداية جديدة نستطيع من خلاله تجنُّب الصراع الأسري الذي يتجرع مرارته الأبناء!".
ووضَّحَت فيفيان مختار (مديرة برنامج حقوق المرأة بهيئة كير ـ مصر) أنَّ: "الدليل يتضمن الأسباب الشائعة للطلاق، ومنها الأنانية والهروب من المسئولية وضعف القدرة على التعامل مع الطرف الآخر والزواج المبكر, وأن المطلقة بعد طلاقها تمرُّ بعدة مراحل، هي الصدمة، وتشعر فيها بالقلق الشديد وعدم تصديق ما حدث ويتملكها إحساس بأنها مرفوضة من المجتمع, ثم التوتر، حيث الشعور بالظلم والوحدة وعدم الرضا عن الحياة, ثم مرحلة الاستقرار, وينصحها الدليل لاستعادة حياتها ألا تخجل من نفسها وتعبِّر عما بداخلها بحرية مع الأهل والأقارب وإبداء الرغبة في تكوين أسرة جديدة".
نسب متقاربة
وفي دول الخليج العربي لا تختلف النسبة كثيرًا عن مصر, ففي السعودية تشير أحدث الإحصائيات الرسمية لوزارة العدل إلى أن نسبة الطلاق السنوية تصل إلى 21 %، بمعدل 2000 حالة طلاق شهريًّا، و 69 حالة طلاق يوميًّا، و3 حالات كل ساعة، وذلك بحسب دراسة حديثة قامت بها أكاديمية سعودية حول الطلاق والتغير الاجتماعي في المجتمع السعودي، حيث خلصت إلى أن التغيرات الاجتماعية انعكست سلبيًّا على الاستقرار الأسري.
وأشارت الدكتورة سلوى الخطيب (من جامعة الملك سعود قسم الدراسات الاجتماعية) في دراستها إلى أنَّ أسباب الطلاق - من وجهة نظر المطلقات - تكمن في سوء الأخلاق، واختلاف طباع الزوجين، وتدخل الأهل، وظهور أنواع غريبة من العلاقات الزوجية، مثل المسيار والمسفار، فضلًا عن تأثيرات الإدمان والجفاف العاطفي والخيانة الزوجية وعدم الإنجاب.
وفي العراق ذكرت إحصائيات رسمية أنَّ نسبة الطلاق والتفريق تزايدت مؤخرًا، حيث تشير سجلات إحدى أكبر محاكم بغداد إلى زيادة هذه الحالات بنسبة 20% عن السنة التي سبقتها في غياب إحصاءات رسمية على مستوى العراق.
تخيروا لنطفكم
ويُرجع الشيخ مؤمن محمود (مسئول الفتاوى بوزارة الأوقاف المصرية) أسباب زيادة معدلات الطلاق إلى زيادة الأمراض الجنسية، وصمت كلا الطرفين خجلًا من البحث عن حلّ، وهذا ناتج عن إهمال الفحص الطبي قبل الزواج.
ويؤكد الشيخ مؤمن أن غالبية المشاكل الزوجية التي تأتينا في المساجد الآن بسبب الأمراض الجنسية، وانخداع أحد الزوجين قبل الزواج، حيث لم يخبره الطرف الآخر بعلته، فالفحص الطبي سيعطي كلا الطرفين الحرية في بداية الحياة مع شريك به علة ما واستكمال رحلة العلاج سويًا إذا قبل بالأمر ومن حقه أن يرفض، فكثير من الحالات تعاني المرأة من داء في الجهاز التناسلي كمرض في المبيض أو أشياء من هذا القبيل، وهنا يحق للرجل أن يعلم ويقرر إن كان يريدها شريكة لحياته أم لا، والعكس صحيح، فهناك مشاكل أخرى تعيق الرجل من الإنجاب، فعليه إخبار شريكة مستقبله أولًا، لذا أجازت المذاهب الفقهية التفريق للعيب.
الأفلام العربية
أما الدكتورة هدى زكريا (أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية) فتُرجع أسباب الطلاق المبكر إلى تدليل الشباب وعدم قدرتهم على تحمل المسئولية، وإلى صورة الرومانسية الوهمية التي رسمتها الأفلام العربية القديمة في عقول الشباب، فاعتقدوا أن الحب هو السعادة التي تنتهي بزواج هادئ، وبناءً عليه ينفصلان مع أول مشكلة حقيقية.
وتضيف أستاذ علم الاجتماع: "لذا على الزوجين أن يفهما جيدًا أن الحب ليس معيار نجاح الزواج، فنحن لا نزوج شابًا لفتاة، وإنما أسرة لأسرة بكل عاداتهم وتقاليدهم، مع مراعاة أن يضع كلا الزوجين على الخلفية الدينية والفكرية والثقافية والقيمية في اعتباراتهما، حتى تقلَّ نسبة المشاكل والخلافات المتوقعة في المستقبل".
الطلاق.. عندما يتخطى حاجز المليون!
- التفاصيل