ناصر الجاروف
الشيخ حسين المصطفى يقول ربما لا يمكننا أن نأتي على معرفة حقيقة ذلك بصورة حاسمة، بل في كل سؤال يطرح عن دور الأسرة، لا يمكننا الإجابة عليه إلا بعد وقوفنا على العوامل المؤثرة في بناء الأسرة واستقرارها. ويمكن أن ندرج هذه العوامل تحت عنوانين رئيسيين:
أحدهما: عوامل من داخل الأسرة:
1 - إنّ أساليب التنشئة التي تتبعها الأسرة لها علاقة وثيقة بالسلوك ألانحرافي للأبناء ؛ فالسلوكيات المنحرفة التي تصدر عن بعض الأبناء تعد نتاج للقصور في التنشئة السوية للأبناء، وكثيراً ما يؤدي عدم اتفاق الوالدين على أسلوب معين للتنشئة إلى انحراف الأبناء، كما تؤثر طموحات الآباء الزائدة على مستقبل أبنائهم، ومن أهم مظاهر سوء التنشئة داخل الأسرة وآثارها السلبية على الأبناء هي:
• النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات والخلافات والمشاجرات المستمرة تؤدي إلى سوء تكيّف الصغار وإلى كثير من ألوان السلوك الخاطئ ودفعهم للبحث عن رفاق خارج البيت. • الطلاق وما يصحبه من تشرد وضياع، وتشتت وفراق وفقدان الأبناء لحنان ورعاية الأسرة، ولا شك أنّ الأسرة المفككة القائمة بين أب وأم أحدهما غائب أو كلاهما أو دائمي الخصام والنكد تلقى بظلال قاتمة على سلوك ومستقبل الأبناء.

• سوء استثمار الوالدين لوقت فراغ الأبناء وعدم استثمار طاقاتهم من العوامل الأساسية التي تؤدي غالباً إلى انحراف الشباب.

• سوء معاملة الوالدين للأبناء مثل: المعاملة القاسية، والضرب الشديد، والتوبيخ القارع، والسخرية، لها ردود فعل  سيئة في سلوك وخلق الأبناء ، وتزرع فيهم مشاعر الخوف والانكماش وترك المنزل وغالبا ما يكونون عرضه لتيارات الانحراف والتشرد والجريمة.

• مشاهدة أفلام الجريمة والعنف والجنس في دور السينما وعلى شاشات التلفاز من روايات بوليسية، ومواد مثيرة، تشجع على الانحراف والإجرام والرزيلة والفساد.

• تهاون الأبوين وتخليهم أحياناً عن تربيته التربية الصحيحة للأبناء فإنّ تقصير الأم في واجبها التربوي لانشغالها مع معارفها أو صديقاتها وخروجها من بيتها، وإهمال الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانشغاله بمطالب الحياة أو غيابه المستمر عن المنزل.

• التفكك الأسري وغياب القدوة وانعدام الرقابة هي أهم أسباب تعاطى الأبناء للمخدرات فالأسرة مسئولة عن تكوين أخلاقيات الفرد وتغذيته بالأمن والطمأنينة، وتجنيبه عوامل القلق والاضطراب، وتمكنه من الحصول على حاجاته أما الأسرة التي يغيب فيها دور البيت، وتضيع فيها السلطة الأبوية بفقدان الأبوين أو أحدهما بالموت أو السجن أو المرض أو الطلاق، كثيراً ما يؤدى إلى نتائج سيئة تهيئ للانحراف والإدمان. كما يعد الانحراف الخلقي في الأسرة في مقدمة العوامل البيئية التي تدفع إلى الإدمان لاسيما انحراف الوالدين أو أحدهما، وانعدام القيم الخلقية، وفقدان المثل العليا كما إنّ إغراق الأبناء بالمال والسماح لهم بالسفر للخارج بمفردهم أو بصحبة رفاق سوء من الأسباب التي تجر الأبناء إلى تعاطي المخدرات.

2 - الغلو في الدين (التطرف): فقد دعا الإسلام إلى الوسطية وهى من أبرز خصائص الإسلام. قال تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً﴾ (البقرة: 143).

3 - افتقاد الأبناء للاهتمام الأسري: حيث بينت الدراسات أن فقد الطفل لرعاية واهتمام أبويه له آثار بالغة على شخصية الطفل مثل: (الجوع الوجداني -  الشخصية عديمة المودة ذات الميول العدوانية-  الانطوائية والاكتئاب) وقد توصلت الدراسات إلى أنّ الحرمان الشديد الطويل الذي يبدأ مبكراً في السنة الأولى من العمر والذي يستمر لفترة تصل إلى ثلاث سنوات يؤدي إلى نقص شديد في الجوانب العقلية وجوانب الشخصية المختلفة كما يكون الطفل أقل قدرة على تحمل نتائج الانفصال بين أبويه قبل بلوغه سن الخامسة.

4 - استخدام الوالدين لأساليب: (القسوة والحرمان والإهمال والتدليل ..الخ)، وانخفاض الوعي الثقافي للوالدين بما قد تحدثه هذه الأساليب في سلوكيات الأبناء من آثار غير سوية ، ولعل هناك علاقة وثيقة بين الأسلوب الذي نشأ عليه الأب وطريقته في تنشئة الأبناء ، حيث أن معظم أرباب الأسر يربون أبنائهم بنفس الأساليب التي نشأوا كما أنّ البعض يرفضون ذلك إما لشعورهم بعدم الرضا عن تلك الأساليب، أو لإدراكها أنها أصبحت لا تتلاءم مع الحياة المعاصرة.

ويتبين ذلك من بعض الأنماط التربوية الخاطئة مثل:

التنشئة القاسية: كالتهديد والضرب والطرد من المنزل، وعدم إدراك الأسر لآثار تلك الأساليب على شخصيات الأبناء.

الإهمال وعدم محاسبتهم على السلوكيات غير المرغوب فيها وعدم متابعتهم أو عدم التدخل في اختيارهم لأصدقائهم سواء بالرقابة أو التوجيه ويؤدي ذلك إلى تعرض الأبناء للانحراف.

العقاب بأسلوب الزجر والتهديد وتوجيه الشتائم البذيئة وممارسة العقاب البدني والضرب البدني وطرد الابن من المنزل في حالة صدور أفعال غير سوية من الأبناء.

أتباع أسلوب الحرمان في تنشئة الأبناء كعدم إشباع احتياجاتهم الأساسية مما يؤدي إلى العديد من الاضطرابات في  شخصية الأبناء والتي تظهر في صورة أفعال انحرافية كالسرقة والاعتداء على الآخرين أو الهروب من المدرسة.

تعرض بعض الآباء لأساليب تنشئة قاسية مما يدعوهم إلى استخدام أسلوب  التدليل في تنشئة الأبناء فيترتب عليه نمو شخصيات الأبناء ضعيفة لا تعتمد على نفسها، ولا تقوى على تحمل المسئولية.

التفرقة في المعاملة بين الأبناء (كتفضيل الذكور على الإناث أو تفضيل الإناث على الذكور، أو التفرقة بين أفراد الجنس الواحد) تؤدي إلى العديد من الأنماط الانحرافية.

عدم الاتفاق على أسلوب معين في تنشئة الأبناء، كإثابة الأبناء من قبل الأم وعقابهم من قبل الأب في ذات الموقف، أو  تعرض الأبناء للقسوة من جانب الأب وتدليله لهم دون توجيه أو تصحيح الخطأ في نفس الموقف، فإنّ ذلك يؤدي إلى أن تنمو شخصيات الأبناء غير متوافقة اجتماعياً، وتعرضهم للعديد من مظاهر الانحراف كالفشل الدراسي وارتكاب أفعال انحرافية يعاقب عليها القانون.

ثانيهما: عوامل من خارج الأسرة:
من الثابت لدى الدارسين والباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية أنّ الأسرة المعاصرة قد فقدت كثيراً من وظائفها وآثارها وذلك حسب درجة تطور المجتمع، وهي لم تفقد وظائفها جملة واحدة بل كان ذلك على مراحل متعددة وبشكل تدريجي، كما أنّ هذا الفقدان لم يحدث بدرجة واحدة في جميع الأمم والشعوب، بل اختلفت أشكاله وأدواره باختلاف الأمم والشعوب في ثقافاتها وعقائدها بعدما كانت الأسرة في الماضي أهم مؤسسات التوجيه والتربية، أما اليوم فتنافسها بقوة العديد من مؤسسات المجتمع مثل: (المدرسة والجامعة والإعلام بوسائله المختلفة من إذاعة وفضائيات مفتوحة وجرائد ومجلات ومراكز البحوث والدراسات) في توجيه الأبناء وأصبحت ربما أكثر وأخطر تأثيراً.

وفي الربع قرن الأخير ظهرت مجموعة من المعوقات المؤثرة في وجود الأسرة وقيامها بدورها؛ بعض هذه العوامل مرتبط بتطور النهضة الصناعية وضغوط الحياة المعاصرة، وبعضها مرتبط بانتشار العديد من الانحرافات الاجتماعية التي انتقلت إلى المجتمعات المحافظة، لاسيما بعد انفتاح العالم شرقه على غربه وغربه على شرقه، وانتشار وسائل الاتصال العالمية، واتجاه العالم نحو مفاهيم العولمة والعالم الواحد أو >القرية الصغيرة<، وانتشار النزعات الفردية والمادية، وضعف الرغبة في تكوين أسرة، كما لعبت الثقافات الواردة مع العمالة الوافدة، دوراً كبيراً في تغيير الثقافة الاجتماعية والأسرية، ليس في منطقتنا الخليجية فحسب بل في مختلف الأقطار العربية والإسلامية؛ حيث تتعرض لكثير من المؤثرات الخارجية، التي أثرت على المعايير والقيم الاجتماعية، والعادات والتقاليد، وبالتالي على سلوك الأفراد والجماعات، بما في ذلك الأسرة، ولعل أبرز العوامل المؤثرة في بناء الأسرة واستقرارها (من خارج الأسرة).

ويحجم الكثير من العلماء والباحثين عن الخوض في بحث الأسباب التي تقف -مثلاً- وراء الخيانة الزوجية، سواء كانت من قبل الرجل أو المرأة. وظلت المعلومات التي يحصل عليها العلماء حول الموضوع لسنوات طويلة تأتي فقط من المختصين بالمعالجة الزوجية والمقابلات التي يقومون بها مع مراجعيهم أو من علماء النفس الذين يطلبون من الرجال والنساء الإجابة على أسئلة حول علاقات حب افتراضية خارج نطاق الزوجية.

لكن الباحثين قاموا مؤخراً بإجراء دراسات واسعة وأكثر قوة موجهين أسئلة حول تجارب حقيقية في الحب. وقد ساهمت الدلائل التي حصل العلماء عليها في ظهور نوع من التفكير حول من يخدع من، متى ولماذا؟

وبعكس ما كان يعتقد سابقاً، فإنّ كثيراً من الأشخاص الذين يقولون إنهم سعيدون في حياتهم الزوجية يقدمون على الخيانة. فتوق هؤلاء نحو التنويع يحدد قراراتهم وحكمهم على الأشياء حتى حين يدركون تماماً أخطار الخيانة الزوجية. ويقول المختصون أنّ نتائج الخيانة تكون (كارثية) حين يتم كشفها.

قالت (بث ألن)، باحثة في جامعة (دنفر) والتي قامت مؤخراً بالتعاون مع زميليها (ديفيد أتكينز) والراحلة (شيرلي غلاس) باستكمال بحث معمق حول الخيانة الزوجية، >أنّ الأشخاص الذين يفترضون أنّ الأناس السيئين الذين يعانون من زيجات سيئة هم فقط الذين يقدمون على الخيانة هم في الحقيقة يوهمون أنفسهم ويبعدونها عن إدراك الخطر الذي يحدق بهم<. وأضافت أنّ هؤلاء غير مستعدين للأوقات والمواقف الخطيرة في حياتهم حيث إذا لم يكونوا حريصين فإنهم قد يقعون فجأة فريسة للإغراء.

يركز الباحثون حالياً بصورة أكبر على مدى انتشار الخيانة الزوجية. فقد أشارت دراسات جديدة ومتعددة إلى أنّ معظم الأشخاص لا يقدمون على الخيانة الزوجية إما بسبب أنهم لا يستطيعون تحمل التفكير في هذا الأمر أو بسبب إدراكهم للألم الذي قد تسببه خسارة علاقة مهمة في حياتهم. ومع ذلك كشفت دراسات أنّ أكثر من واحد بين كل خمسة أمريكيين سواء كانوا إناثا أم ذكورا أقام أو أقامت علاقة حب مرة واحدة على الأقل خارج نطاق الزوجية. ووجدت الدراسات أيضا أن الأمريكيات شأنهن في ذلك شأن الرجال.

أظهر بحث جديد في الولايات المتحدة أنّ السنوات القليلة الأولى من الزواج تعتبر بوضوح خطوطا حمراء. فقد كشف بحث أجراه علماء اجتماع في نيويورك عام 2000 نمطين من توقيت العلاقات المحرمة خارج الزوجية. ووفقاً لدراسة شملت 3432 بالغاً من الأمريكيين والأمريكيات، فإنّ احتمال ضلال امرأة متزوجة تكون في أوجها في السنوات الخمس الأولى من الزواج وتأخذ في الانخفاض تدريجياً. أما بالنسبة للرجال فإنّ هناك مرحلتين خطرتين جداً حيث أنّ الأولى في السنوات الخمس الأولى من الزواج والأخرى بعد عشرين عاماً.

قالت (جويل بلوك) عالمة نفس في نيويورك، >إنّ أحد أسباب بدء علاقة وخاصة بالنسبة للأزواج صغار السن هو التمرد على القسم الذي آخذوه على عاتقهم بعدم الإقدام على إقامة علاقة حب مع شخص آخر<. وحتى حين يقبل الناس التضحية والقسم دون تحفظ فإن الوعود قد تقدم شعورا زائفاً بالأمان. إنّ الالتزام صارم ولكن الخيال يمكن أن يكمن خلفه. ففي إحدى الدراسات الجديدة استعرض علماء النفس في جامعة فيرمونت 180 زوجاً. قال 98% من الذكور و80% من الإناث إنهم تخيلوا إقامة علاقات جنسية خارج نطاق الزوجية مرتين على الأقل في الشهرين الذين سبقا الدراسة.

وكلما مر وقت أكثر على الزواج، كلما أفاد الأزواج الذين استطلعت آراؤهم بزيادة تخيلاتهم العاطفية. ولكن هذه التخيلات موجودة أيضاً لدى الصغار من المتزوجين الذين يفترض دائما بأن يكونوا محصنين. ويقول الباحثون أنّ كل واحد تقريباً يفكر في ذلك على الأقل في مخيلته. وفي العادة لا يتحدث الأشخاص حول ذلك، وخاصة إذا كان الواحد قريباً منهم. ويعيش بعض الأزواج في هذه التناقضات ويفهمون أنها دراما داخلية لا تنذر بأي حال من الأحوال بعلاقة حب حقيقية أو تعكس أية حاجة للخيانة. ومع ذلك فإن أزواجاً مضت سنوات طويلة على زواجهم يدركون جيداً هذه الحياة المزدوجة ويمزحون مع أنفسهم بشأن عدم قدرتهم على التخلص من التوتر الذي أصابهم(112) وبشكل سريع يجمل الدكتور أسامة محمد قنديل أبرز أسباب الخيانة الزوجية كما يلي:

أ ) أسباب الخيانة الزوجية بالنسبة للرجال:

1- روح التجربة والمغامرة.

2- الصحبة السيئة.

3- تحقيق رجولته في إعادة الشباب وهي ما تسمى فترة منتصف العمر في فترة 38-60 سنة.

4- الظروف النفسية أو ما يسمى الإدمان على الجنس.

5- الملل في الحياة الزوجية أو أن يكون غير سعيد في حياته.

6- تلبية الحاجة بدون مسؤولية.

7- سهولة الخيانة لدى الشخص ويعتمد هذا على نفسيته ومجتمعه.

ب ) أسباب الخيانة الزوجية بالنسبة للنساء:

1- الانتقام من خيانة الزوج وهذه نسبة كبيرة.

2- فقدان المحبة أو الحرمان العاطفي.

3- سوء جهاز المناعة النفسي، كالروح المعنوية الهابطة مثلاً.

4-الإدمان على الجنس.

5-المرأة التي تمر باضطهاد جنسي في علاقتها الزوجية.

6-الحاجة المادية.

7-التي لا تحب زوجها ولا تريد أن تكون مطلقة وهذه الحالة تنم عن خلل في الاختيار منذ البدء.

ج ) السبب الأساسي للاثنين أي الرجل والمرأة معاً:

• عدم الالتزام باحترام الحياة الزوجية، أي عدم الالتزام بالتعاليم السماوية.
يرى الأستاذ أسعد بأن هناك عدد غير محصور من العوامل المسببة للانحرافات والخيانات الزوجية، أهمها من وجهة نظره ....

1. الافتقاد للحب. فالحب انفعالات ضرورية للاستقرار الوجداني وركيزة أساسية في بناء الوجود الإنساني سواء في علاقة المرء بذاته أو بالآخرين. إن الشعور بالحرمان من الحب، سواء عند الرجل أو المرأة، قد يدفع للبحث عن الحب في أماكن أخرى .

2. عدم التكافؤ في العمر بين الزوجين. كالانخفاض الشديد في الإشباع الجنسي بين الزوجين. فقد نجد زواجاً غير متكافئ في العمر مع زوجته ( كأن تكون الزوجة في العشرين والزوج في السبعين ). هذا عامل ربما يدفع الزوجة للإشباع الجنسي لدى رجل مقارب لها في العمر في سياق علاقة غير شرعية.

3. الاضطرابات الجنسية المتعلقة بالزوج أو الزوجة. فالبرودة الجنسية عند المرأة مثلاً قد تدفع الزوج لتلقي الإشباع الجنسي عبر علاقات جنسية غير شرعية أو عبر ممارسة العادة السرية. كذلك العنّة المزمنة عند الزوج قد تدفع الزوجة في الاتجاه الجنسي الخاطئ ( كالعادة السرية أو علاقات جنسية منحرفة أخرى ).

أما وجهة نظر الأستاذ عبد القادر فتشير إلى أن كثيرا ما يؤدي  فقر الأسرة لسوء الأخلاق و عدم الالتزام بالتعاليم الدينية، وبالتالي عدم الإشباع الجنسي و العاطفي الطبيعي  عن طريق (الزواج) نتيجة لذلك  ، فوجود بيئة محفزة على ذلك تحتاج فعالية أكبر في التربية  لبناء شخصية قادرة على مواجهة التحديات المحيطة بها  .

بينما الشيخ مجيد يرى بأن التساهل من قبل الأسرة في مراعاة الحدود الشرعية سيما في العلاقة بين الجنسين تؤدي إلى الوقوع في الانحرافات، وعدم الإشباع العاطفي والجنسي قد يؤدي لدى البعض إلى الوقوع في الخيانات الزوجية،وكذلك عدم فهم الطبيعة المكونة لكل واحد من الجنسين فيما يتصل بالجانب الجنسي ، حيث أن الرجل متعدد بطبعه الأولي والمرأة أحادية إلا في حالات شاذة.

يضع الأستاذ أحمد ابن عابد الغياب التام للأب أو إلام وضمور الوازع الديني من الأسباب الرئيسية التي تدفع الأبناء للانحرافات كما أن الحالة الاقتصادية للأسرة من حيث (الفقر والفاقة) كثيرا ما تدفع الفرد للانحراف لإشباع حاجة ما في نفسه , إضافة إلى العلاقات المشبوهة التي تشكل خطر كبير في انحراف الأبناء في ضل غياب الأبوين

ويرى الأستاذ الشيوخ بأن الانحراف الجنسي عنوان والخيانات الزوجية عنوان أخر. ولكلى العنوانين أسبابهما الخاصة.فيما يتعلق بالعنوان الأول هنالك مجموعة أسباب تدفع بأفراد الأسرة أو بعضهم للانحرافات الجنسية أبرزها أجواء الأسرة الداخلية، وسوء التربية، وضعف الالتزام الديني، وفقدان القدوة الصالحة. في حين أن أسباب الخيانات الزوجية فهي الأخرى راجعة أيضا إلى جملة من الأسباب من بينها الانحراف السلوكي لكليهما أو احدهما، وعدم الإشباع العاطفي أو العجز الجنسي، أو الإهمال المتبادل في العناية بهذين الجانبين، وفي الغالب تحدث الخيانات الزوجية في أجواء يسودها عدم الألفة والانسجام والتوافق والقطيعة

ومن وجهة نظر الأخت أم أحمد .. أن العلاقة بين الأبوين ضمن منظومة المودة والرحمة وما يندرج تحتهما من الاحترام والتضحية والعطاء والاحتواء يخلق في الأبناء الثقة بالنفس وبالتالي أيجاد الإنسان المتوازن الصالح

وتضيف بأن نسبة الانحراف في العالم العربي يتراوح بين 60% ــ 80% وسببها عدم وجود أسرة حاضنة متماسكة ويكون ذلك بسبب عدة عوامل منها

• النزاع الدائم بين الأبوين .. غياب أحد الأبوين بسبب الطلاق .. أو الانفصال وما ينتج عن ذلك من حرمان عاطفي

• التعرض للقسوة أو العنف(211) أو التحرش من قبل زوج أو زوجة الأب

• إطلاع الأبناء على انحراف أحد الأبوين ومشاهدة ذلك يومياً

• ضعف شخصية أحد الأبوين أو الجفاء العاطفي .. الانشغال والصمت عند أحدهما ..  قد يدفع  للخيانة الزوجية وخاصة إذا وجد من يقدر ذلك من خارج الأسرة

• العامل الاقتصادي وضيق ذات اليد مع وجود الحاجة

• عدم التكافؤ بين الزوجين من حيث السن والقدرات العلمية والثقافية وفي كثير من الأحيان القدرات الطبيعية الجنسية 

• إهمال المظهر العام للزوجة أو الزوج

• كثرة السفر أو الغياب عن البيت لساعات طويلة

أما الشيخ عبد الله اليوسف فيرى بأن من أهم العوامل التي تدفع نحو الانحرافات والخيانات الزوجية غياب التجانس بين الزوجين، سواء كان انعدام التجانس لأسباب ثقافية أو اجتماعية أو عاطفية أو أخلاقية، فالنتيجة واحدة وهو وجود اختلال في الحياة الزوجية؛ مما قد يؤدي إلى الخيانة الزوجية وهو من أعظم الذنوب والمعاصي.

كما أن غياب الإشباع الجنسي والعاطفي، أو عدم الرضا ألزواجي، أو الشذوذ عند الزوجين أو أحدهما، كلها عوامل تدفع نحو الخيانة الزوجية، وحتى لا يحدث مثل ذلك، يمكن معالجة المسببات لمنع الوصول للانحرافات والخيانات الزوجية.

وترى الدكتورة سمية العوامل الأساسية هي ضعف الوازع الديني – تفكك الأسري – الجهل بالحقوق و الواجبات للطرفين – عدم تلبية الاحتياجات النفسية – فقدان القيم الأخلاقية -   طغيان المادة و الجنس

يرى الأستاذ الحاج علي أمان أن العوامل المتعلقة بالأسرة والتي ندفع نحو الانحرافات والخيانات الزوجية من الطرفين عديدة وكثيرة، فمنها ما هو قائم منذ التأسيس لهذه الأسرة، ومنها ما هو طارئ، أما ما هو من التأسيس فيرجع بالأصل إلى عدم وجود توافق من جهة المرأة، فهي اليوم غير مؤهلة لتكوين الأسرة من حيث فهم الواجبات والحقوق وإعطاء العائلة الدفء والعاطفة والحنان الكافي، وإنما تريد من يخدمها، بل أن تقدم هي هذه الخدمة من خلال قناعتها بأهمية هذا العطاء وليس من باب الواجب المؤصل عليها، وإنما من باب تفعيل الطاقات الداعية لبناء الأسرة ، ولعدم فهم حاجات الطرف الآخر وعدم توفير بيئة حاضنة له، مما يسبب له العذر أحياناً للانسلاخ عن الأسرة من حيث الحاجة إلى حضن دافئ مجرب مريح لا يكلفه سوى المال والتواصل، مما يسبب له الراحة الجسدية والنفسية وإهدار المال في مقابل عدم قدرته على تربيته وتنشئة المرأة في اتجاه التوافق، وإجادة إدارة المناطق لكل منا في العائلة.

والزوج غير الناجح هوالمطلق العنان لشهواته خارج العائلة الأمر الذي يسبب القصور وعدم سد النقص الحاصل عندها داخلياً، فتطمع لتعويضه خارج المنزل جنسياً وعاطفياً مالياً.

ومن العوامل كذلك هو الحاجة المادية الضاغطة في مقابل بخل الرجل في أداء الدور المالي العاطفي المسئول لإحداث التوازن وإشباع الرغبة والحاجة ممهداً لخلق بيئة حاضنة.

وقد يكون انحراف أحد الطرفين لعادات سيئة كالمخدرات والانحراف الدائم لها. وعندما لا يتوفر المال لها يبدأ الإنسان المدمن ببيع نفسه متجاهلاً الدين القيم المبادئ ...الخ

لأن في هذه الحالة تحول إلى الحالة المرضية.
ومنها عدم المراعاة لكثير من القيم والمبادئ المحافظة على السلوك العام والدّين مما يؤدي إلى التساهل والقبول، فيدفع باتجاه الخيانات الزوجية من الطرفين.

ومنها عدم الالتفات في بعض الأحيان لمن يتربصون بنا وهم كثر من خلال ممارسة دور الموجه الثقافي لدفعنا اتجاه الانحراف وذلك معد سلفاً في برامج تتفاعل معها العائلة والوسط والمحيط العائلي العام من غير الرفض والتعليق، ومنها على سبيل المثال عدم ارتداء النساء الحجاب داخل المنزل عن المحارم مما يدفع بالآخرين للإعجاب والتقرب ومحاولة إنشاء العلاقة فيقع المحذور .

ومنها تغليب أفكار التعامل الإنساني العام والمساواة بين الرجل والمرأة ومسميات آخرى مما يضفي شرعية وسهولة اللقاء، لا سيما اليوم مع تطور الوسائل وإمكانية توظيف الطاقات عبر المال وحرية التنقل والاتصال والفراغ كلها تدفع بشكل سريع لإنشاء العلاقة.

ومنها المبادرة تحت مسميات تحقيق الطموح والوصول واكتشاف الذات وتطوير الهوايات تجر إلى المصائد، وأهم عامل في ذلك كله رفقاء ورفيقات السوء وهم الذين يزينون لنا ذلك . ولكن الأصل يرجع إلى البناء الأساس المعتمد على الزوج والزوجة في طريقة البناء لهذا الكيان الأسري، فما هي قواعده وطرقه وأساليبه؟ وعلى أي فلسفة يعتمد؟ وهل يحترم ذلك كله مما يؤدي إلى نتاج طيب أم البحث عن الضمانة في ساحة الرذيلة والعياذ بالله؟.

فبعد هذا ننظر إلى المستقبل، لعل نكاح المرأة غيرالشرعي وزنا الرجل يكون ضمن موازين البزنس ( العمل والمصلحة ) وهناك الطامة الكبرى، رغم أنها تحدث حالياً لكن تحت غطاء يحجب النار وشررها لكنها بدت لنا في أشكال معاصرة لا بد لنا من خلال دعوتهم لنا أن نرتقي حسب نظرهم لنكون عن يمارسون الرذيلة لكن بطريقة الكبار في هذا المضمار، وهم لا يعلمون أنهم من أصحاب الشذوذ والنقص والدعة وهم حاملين معاول الهدم الحقيقي.

ولا ريب أن كل تلك الأسباب داخلة في إحداث الكارثة، ورغم كل ذلك علينا أن لا نتجاهل ضعف الوازع الأخلاقي  لدى كل فرد، فالمسألة لا ترتبط فقط بنا كمسلمين، إنما هذا شأن أي إنسان يحترم العلاقة القائمة بينه وبين شريكه.

JoomShaper