عمر الســــاكت
الأسرة هي مجتمع مصغر قائم بذاته وهي عماد المجتمع ونواته وأساس ترابطه، والترابط الأسري الذي يجمع أفراده بالدم والعاطفة والمصالح المشتركة لمواجهة الظروف الخارجية التي قد تؤثر سلبا أو إيجابا، وقد جاءنا من الأحاديث النبوية الشريفة ما ينظم ويحدد ويرسم قواعد وحدة المجتمع السليم المترابطة، فعن أبو موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعيه متفق عليه، وهذا يحض على معاونه أفراد المجتمع بعضهم لبعض حتى تسود المودة والرحمة بين أفراده ولا يكون ذلك إلا من خلال ترابط الأسرة أولاً، والذي ينعكس على المجتمع بالأمن والأمان وقلة الإنحرافات والجرائم والمشاكل والتصرفات اللا أخلاقية . وبالتالي فإننا أمام موضوع مهم يتوجب علينا التوقف عنده للمناداة بأهمية التركيز الحثيث على الترابط الأسري الذي يولد الشعور بالدفء والآمان لدى أفراد العائلة ويشترك الجميع في المساعدة لحل المشكلات العالقة لأحد أفرادها، أو الحيلولة دون وقوع مشاكل وكوارث نتيجة القطيعة والتفكك الأسري فمدمن المخدرات لم يصل فجأة لهذه الحالة فلا بد من وجود بوادر ومؤشرات ورفاق سؤ سبقت ذلك في ظل غياب الأهل نتيجة لتفكك الأسرة بشكل مباشر أو غير مباشر، والتفكك المباشر الناجم عن الطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما، وغير المباشر ما نتج عن إنشغال الوالدين بأمور مختلفة كغياب رب الأسرة لأوقات طويلة بسبب طبيعة العمل والسفر وما إلى ذلك، وغياب المثل الأعلى للأولاد سواءاً الأب أو الأم أو كليهما مما يدفع الأولاد للبحث عن مثل أعلى أخر والذي قد لا يصلح لذلك، وصراع الأدوار بين الأم والأب ليذهب ضحيتها الأولاد من خلال تفكك الأسرة وإنعدام الترابط بينهم، أو انشغال ربة البيت بالعمل أيضاَ أو بأهتماماتها الشخصية كالصالون والرياضة والجمعيات النسائية والأنشطة المختلفة، علاوة على ازدياد ظاهرة الخدم واللواتي أصبحن أمهات يربين الأولاد على أمزجتهم ويزداد تعلق الأطفال بهن، وبتنا نرى حرقة بكاء الأطفال عند وداع الخادمات في المطار، بالإضافة إلى انشغال الأسر عن الواجبات العائلية  وصلة الرحم، مما يتسبب في نتائج وخيمة تؤثر سلبا على الأسرة جمعاء ، كما ويعتبر الوضع الاقتصادي للأسرة من العوامل الرئيسية التي تساعد على تفككها سواءاً كان فقراَ أو غنى ليعم الخصام والجدال ليدفع الأولاد الهروب من هذا الجو إلى أخر قد يكون أرضا خصبة لتنمي روح الإنحراف والجريمة لديهم، ولا ننسى التفكك الأسري الناجم عن الخلافات والصراعات على الميراث نتيجة لعدم تطبيق شرع الله، بالإضافة إلى وسائل الاتصالات الإلكترونية الحديثة كالمحطات الفضائية والإنترنت وغياب رقابة الأهل عن أبنائهم للمواقع والمحطات غير الأخلاقية ليجعل من  تفكك الأسرة نتيجة حتمية رغم أنهم يجتمعون تحت سقف واحد، وأخيرا وهو العامل الرئيسي والأهم في حين غيابة يتسبب في تفكك وتشرذم الأسرة وهو العامل الديني فضعف الوازع الديني هو السبب الرئيسي لكل تلك الأسباب سالفة الذكر فقد ركز الإسلام على الفرد والأسرة لبناء مجتمع متين مترابط خالي من الجرائم والمشاكل إلى حد كبير.

لقد أصدعنا إعلامنا بالتركيز على السياحة والاقتصاد والسياسية و تنظيم النسل وحقوق المرأة ودعمها ولم يتطرق بشكل مؤثر إلى القضايا الإجتماعية  كالتفكك الأسري وغيرها من المشاكل التي تهدد أمننا الإجتماعي، فالتفكك الأسري إذا ما أنتشر في مجتمعنا الأردني (لا سمح الله) فإنه سيتسبب حتماً في زيادة الجرائم والإنحرافات لدى الشباب كتناول المشروبات الروحية والمخدرات والإنحلال الخلقي وهذا لم يحدث فجأة هكذا دون مقدمات وهنا لا بد من التذكير بأهمية وعي الأهل لمتابعة أبنائهم ولا يتحقق ذلك إلا من خلال أسرة مترابطة متراحمة على تواصل مع بعضها البعض، لذا فانه يتوجد على أرباب الأسر أولاً التركيز على الترابط الأسري والمحافظة على التحاور بشكل مستمر متواصل وتبادل أطراف الحديث بين الآباء والأبناء لمعرفة الحالة النفسية لكل فرد في العائلة وإيجاد جو من الصراحة والمصداقية بين أفراد العائلة،  بالإضافة إلى متابعة دراسة الأبناء من خلال سؤال معلميهم ومصاحبة أصدقائهم ومعرفتهم معرفة جيدة، ومتابعة ما يشاهدون من برامج على التلفاز والإطلاع على مواقع الإنترنت المستخدمة منهم  وحتى الأغاني التي يفضلونها، على أن يكون التخاطب فيما بين الآباء والأبناء كأصدقاء لا كوعاظ تثقل عليهم ليصموا آذانهم، وعلى الحكومة وهي المربي الأكبر التركيز على الأسرة وترابطها من خلال الحملات التوعوية الهادفة والموجه والمفهومة من قبل جميع الفئاءات العمرية على اختلاف مستوياتها الفكرية والثقافية، عن طريق الإعلام المرئي والمسموع وفي المدارس والجامعات

JoomShaper