الدستور - جمانة سليم
لا يفضل الكثيرون أن يكون هناك فرق كبير في العمر بين الزوجين سواء كان هذا الفرق من قبل الرجل أو المراة ، حيث يجد البعض أن المسافة بين العمرين يجب الا تتعدى ثلاث او خمس سنوات على الاغلب ، حيث إن تباعد العمر يشكل اختلافا في الفكر والسلوكيات والعادات لكليهما وذلك لان كلا منهما يمثل مرحلة خاصة وجيلا مستقلا.
لكن هناك حالات قد تفند وجهة النظر هذه من خلال تجارب اصحابها الشخصية عبر ارتباطهم بأزواج او زوجات يكبرونهم في العمر ، وقد أثبتت تجاربهم الشخصية مع شريك حياتهم بان العمر لم يكن عائقا في سير ونجاح تلك العلاقة والتي اثمرت عن أبناء وجو اسري مفعم بالحياة المستقرة. وفي حالات اخرى نجد ان فرق العمر كان عائقا في حياة آخرين وذلك لاختلاف المزاج والافكار وطريقة ادارة شؤون البيت وتربية الابناء وكذلك تلبية الاحتياجات التي تفرضها العلاقة الزوجية.
فارق كبير
ويفند "شريف"53 عاما ، فكرة عدم التوافق الفكري والاجتماعي او العاطفي بين الرجل والمرأة في حال كان هناك فارق في العمر بينهما ، حيث انه كان متخوفا من هذا الامر عند ارتباطه بزوجته قبل سنوات و كان يكبرها بـ15 سنة ، وشعر وقتها بانه يجازف بهذا الزواج الا ان ما شجعه كان الاندماج الفكري والتوافق الشخصي الذي وجده في شريكة حياته قبل زواجهما ، وبالرغم من تخوف الاهل والاقارب من هذا الفارق العمري بينهما الا انهما اثبتا بالتجربة الحياتية نجاح زواجهما والذي اثمر عنه اسرة جميلة متفاهمة وجميع افرادها يعيشون في سلام نفسي واجتماعي.
وأضاف أن العلاقة بينه وبين زوجته لم تتغير منذ زواجهما حتى الان ولم يشعر للحظة انه من جيل يسبقها او ان افكارهما مختلفة حيث كان يستغرب في كثير من المواقف انها تتصرف بحكمة أكثر منه حتى انه كان وما زال يستشيرها في كثير من الامور العامة والخاصة ، حتى أن معظم افراد الاسرة لا يتخذون اي قرار او خطوة الا باستشارتها او بإشراكها في الرأي.
وكذلك الامر ايضا بالنسبة للسيدة"نعيمة "التي اكدت بأن فارق العمر بينها وبين زوجها الذي يكبرها بعشر سنوات وهو ما يشكل جيلا باكمله لم يكن معضلة في استمرارية حياتهما بالشكل الطبيعي ، بل على العكس كانت تشعر بأن زوجها يدللها كما لو كانت ابنته.
وتنصح نعيمة المقبلات على الزواج بالارتباط بازواج يكبروهن في العمر بما لا يقل عن خمس سنوات لان من فوائد ذلك توفر الحكمة والخبرة من قبل الزوج والذي هو عادة المسؤول عن الاسرة والذي يدير شؤونها العامة وفق رؤيته وما يراه من مصلحة للجميع.
تجربة سلبية
ومن جهة اخرى لم تؤيد فاطمة تلك الرؤية السابقة حيث ان تجربتها لم تكن ناجحة لوجود الفارق العمري بينها وبين طليقها الذي كان يكبرها بخمسة عشر عاما وقد كانت وقتها غير ناضجة فكريا وقد وافقت بناء على طلب اهلها الذين اقنعوها بأن فرق السن لصالحها وهو ما ثبت عكسه بعد التجربة وخاصة بعد مرور اول سنة من زواجهما.
تقول: لم اكن اشعر بانني ربة منزل فقد كان زوجي وقتها يتدخل في كل شؤون البيت وذلك لعدم ثقته بي ولظنه بانني ما زلت صغيرة على ادارة المنزل. وكانت المشكلة الكبرى هي بعد أن انجبنا طفلنا الاول وقد كان يراقب كل تصرفاتي مع الطفل ويشرف عليها خوفا من عدم قدرتي على رعايته وتوفير الحنان له.
وقد تفاقم الامر فيما بعد حيث اصبح يمنعني من الخروج من المنزل وزيارة اهلي من باب الغيرة.
وأضافت :اذكر انه في اكثر من مرة كان يحكم علي بعدم الخروج من غرفتي في حال استقباله للضيوف حتى لا يراني احد منهم ولكي لا يتعرض للحرج كوني اصغر منه في العمر.
وبعد التجربة لا تنصح فاطمة اي زواج يكون فاصل العمر فيه كبيرا حيث انها اتخذت قرار الانفصال عن زوجها بعد ان شعرت بان استمرار الحياة بينهما مستحيل.
ومن جهة محايدة تجد" اكرام"ربة اسرة أن هذه الظاهرة لها ابعاد مختلفة وكذلك وجهات نظر تعتمد على طبيعة الحالة ومدى التفاهم بين الطرفين.
فإن كانا قد تزوجا عن قناعة وحب بعد ان وصلا لقرار شخصي بأن زواجهما سيكون ناجحا ففي هذه الحالة يصبح الزواج مجديا. اما اذا جاء هذا الزواج نتيجة الصدفة او الاكراه من قبل اي منهما فتكون النتيجة سلبية ومليئة بالمشاكل والمتاعب.
ضرورة التفاهم
الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع بالجامعة الاردنية يؤكد ما ذهبت اليه السيدة إكرام فيما سبق حيث إن هذه الظاهرة تعتمد على مدى التفاهم والتوافق والانسجام بين الزوجين وهنا قد لا يشكل الفارق العمري اي عائق. بشرط ألا يكون هناك فارقا كبيرا في العمر يزيد مثلا عن خمسة عشر عاما مشيرا ان المشكلة الحقيقية تكمن في اجبار احد الطرفين سيما المرأة على الزواج من شخص يكبرها بسنوات كثيرة إما طمعا بالمال او للتخلص من وضع اجتماعي خاص بها.

JoomShaper