* القاهرة ـــ دار الإعلام العربية
لماذا يخون الزوج في العالم العربي؟ وهل هناك أشكال للخيانة الزوجية بخلاف الخيانة التقليدية التي نعرفها؟ وكيف تشعر المرأة أن زوجها يخونها؟ هل لديها ترمومتر للمشاعر تشعر من خلاله أن زوجها يخونها مع امرأة أخرى؟ وإذا عرفت.. كيف تتصرف حيال ذلك؟ هل تصفح عنه؟ هل تثور وتغضب وتطلب الطلاق؟ أم أن في بعض الحالات تلجأ المرأة للانتقام من زوجها بشكل أو بآخر؟.. كل هذه الأسئلة بالإضافة إلى موقف الدين من الخيانة الزوجية وتفسير خبراء الطب النفسي وعلم الاجتماع لهذه الخيانة نجيب عليها من خلال هذا التحقيق.
في البداية يقول د.عبدالله السعيد، أستاذ علم الاجتماع، إن الخيانة الزوجية لها أسباب كثيرة وهذه الأسباب تختلف من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر، ولكن السبب الاساسي وراء أي خيانة زوجية هو وجود خلل ما في العلاقة بين الزوجين وعدم شعور الزوج بالرضا، إلا أن د.السعيد يشير إلى أن هناك علاقات زوجية تبدو ناجحة ويظهر كل طرف في هذه العلاقة سعادة بالغة، ولكن رغم ذلك ينحرف أحد الزوجين إلى طريق الخيانة، وفي هذه الحالة يكون التعامل مع الطرف الذي يمارس الخيانة الزوجية على أنه مريض نفسيا ويحتاج إلى العلاج.
يؤكد أستاذ علم الاجتماع أنه لا يمكن أبدا توقع رد فعل المرأة التي خانها زوجها؛ لأن ردود الأفعال في مثل هذه الحالات تكون متباينة وغير متوقعة، مشيرا إلى أن رد الفعل الإنساني دائما متقلب؛ لذا يصعب تحديده، إلا أن المرأة تشعر بالاكتئاب الحاد إذا اكتشفت خيانة زوجها، ويكون الاكتئاب عميقا يصل بها أحيانا لحد الانتحار، خاصة عندما تشعر أنها فقدت رمز الأمان والحب بالنسبة لها..
ويضيف أن رد فعل الزوجة يختلف من حالة إلى أخرى، ويتوقف هذا على عامل التنشئة الاجتماعية، فإذا نشأت المرأة في بيئة هادئة تدير الأزمات بشكل عاقل وجيد، فإنها سوف تتجاوز عن خيانته لها بمجرد أن يعترف بخطئه ويعود إليها نادما، أما إذا نشأت في بيئة مضطربة تدير الأزمات بشكل عنيف، فسيكون رد فعلها عنيفًا للغاية ومندفعًا، كما أن هناك ردود أفعال تصل إلى حد القتل وهناك من تكتفي وتصر على الطلاق، وهناك سيدات يلجأن إلى الانتقام والثأر، وكل هذا يتوقف على شخصية المرأة ونشأتها الاجتماعية.
أنواع الخيانة
ويوضح د.علي محمود، أستاذ الصحة النفسية، أن هناك أنواعًا كثيرة من الخيانة، وعلى أساسها يتحدد رد فعل الزوجة الضحية، فهناك زوج يخون بالكلمة وآخر يخون بالنظرة، وهناك من يمارس الخيانة بالجسد، وهناك من يخون بعاطفته أي يحب فتاة أخرى غير زوجته، ويضيف قائلا: «في رأيي أن خيانة العواطف هي أصعب وأخطر أنواع الخيانة؛ لأن الزوج إذا مال قلبه لامرأة أخرى فسوف ينشغل تماما عن زوجته، مما يسبب الخلافات الحادة والاضطراب الزوجي، لكن الخيانة بالجسد فقط دون مشاعر غالبا ما يعقبها ندم الزوج أمام زوجته، وسرعان ما يعتذر لها عن خطئه ويعود إليها نادما».
ويؤكد أن لكل نوع من أنواع الخيانة رد فعل يختلف من امرأة لأخرى، فهناك امرأة قوية وهذه يكون رد فعلها ضعيفًا تجاه خيانة زوجها، وهناك امرأة ضعيفة ويكون رد فعلها قويًا وعنيفًا، كما أن رد الفعل يتوقف على مفهوم الخيانة لكل واحدة منهن.
سلوك بشري وانساني
بدورها تكشف د.هبة قطب، بصفتها متخصصة في الإرشاد الزوجي والثقافة الجنسية، عن أن الخيانة الزوجية أكثر شيء يشتكين منه السيدات اللاتي يذهبن إليها، وتصف الخيانة الزوجية بأنها سلوك بشري وأنساني يبادر به أحد الطرفين لتأسيس علاقة أخرى غير شرعية، ومن هنا يبدأ هذا الطرف في الانشغال عن الطرف الآخر؛ لذلك يلجأ الرجل إلى البحث عن فتاة أخرى ليتخلص من أعباء الحياة المضطربة التي يعيشها مع زوجته، أو يميل الرجل ميلا عاطفيا إلى فتاة أخرى ويحبها ويبدآن في التواصل حتى تقع الخيانة ثم تكتشفها الزوجة، أو لا تكتشفها ولكنها تشك في سلوك زوجها الذي حتما سيتغير، مؤكدة أيضا أن ردود الأفعال تكون متباينة، فهناك من تطلب الطلاق مباشرة دون أدنى محاولة منها للصفح عنه، وهناك من تواجه خيانته وتسحب منه عهدًا بعدم تكرار خيانته لها.
الحل الأمثل
من ناحيتها تقول د.عبلة الكحلاوي، أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية، إن الإسلام أباح للرجل أن يتزوج بأربع، لكن لم يبح له أن يقوم بعلاقات غير شرعية، ويجب على المرأة في كل الأحوال ألا تحتمل فوق طاقتها، واستشهدت بقول الله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا»، فإذا استطاعت الزوجة أن تصفح عن زوجها بشرط أن تأخذ عليه العهد بعدم خيانتها مره أخرى، فلتصفح ولكن دون أن تتحمل فوق طاقتها، وإذا لم تستطع المرأة العيش والبقاء مع الزوج بعد الخيانة فالطلاق هو الحل الأمثل لها حتى لا تتدهور حالتها العصبية والنفسية.
شيء مؤلم
«المرأة العربية تعتبر الخيانة الزوجية خطأ قاتلا ولا يجب التجاوز عنه مطلقا مهما كانت الظروف، ومهما بالغ الزوج في التماس الأعذار واجتهد في الطلب».. هذا ما قالته «مروة محمد» -40 عامًا، متزوجة- إن الخيانة الزوجية شيء مؤلم جدا بل قاتل، وتضيف إنه عندما تكتشف المرأة خيانة زوجها لها، يكون هذا بمثابة الصاعقة عليها، خاصة إذا اكتشفت الخيانة بالصدفة فإن رد فعلها يكون عنيفًا للغاية، وتؤكد أنه رغم حبها لزوجها إلا أنها على يقين أنه إذا فكر فقط في خيانتها فلن تصفح عنه أبدا حتى لو عاد لها نادمًا وباكيًا، مؤكدة أنها في هذه الحالة تفضل أن تحمل لقب مطلقة بدلا من أن تعيش مع زوج خائن، وتتحول حياتها معه إلى دائرة من الشك والألم معا.
أما شيماء أحمد،34 عاما (متزوجة)، موظفة في إحدى الشركات الخاصة، فتقول: إن الخيانة جريمة فظيعة للغاية ولا يمكن لأي امرأة مهما بلغت قوتها أن تتحملها أو تتجاوز عنها، ورغم ذلك فهناك زوجات يبقين مع أزواجهن بعد الخيانة خوفا أن يحملن لقب مطلقة وبقائهن لا ينم على صفحهن عن الخيانة بل يكن مغلوبات على أمرهن، وتضيف شيماء قائلة «لو يوما خانني زوجي، فلن أتجاوز عن خيانته مطلقا، على الرغم من أنني أتجاوز عن أخطائه الأخرى كلها، لكن الخيانة الشيء الذي لا يمكنني نسيانه».
أما رشا معاطي، 36عاما (غير متزوجة)، فتقول إنها لا تستطيع أن تتخيل كيف يمكن لامرأة أن تتغاضى عن خيانة زوجها لها، فالخيانة بكل أشكالها مرفوضة تماما، وهي بمثابة الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه أبدا مهما كانت الظروف والأسباب.
وهو نفس ما تؤكده أم محمد، -54 عاما- التي تقول إنه لا يمكن لأي امرأة أن تتجاوز عن الخيانة، وعلى الرغم من علم الرجال بهذا جيدا، إلا أنهم يقدمون على الخيانة بلا تردد، ويقعون بكل سهولة فريسة لامرأة أخرى، مؤكدة أنه إذا خان الرجل مرة فسيخون كل مرة، وبالتالي يكون الطلاق هو مطلب المرأة الأساسي إذا اكتشفت خيانة زوجها.
وهو نفس ما تؤكده خلود عطية -35 عامًا- التي تقول: «أبدا.. لم أتجاوز عن خيانة زوجي إذا حدثت؛ لأني سأكتفي بهذه الخيانة وسأطلب الطلاق فور معرفتي بها؛ لأنني لن أستطع النظر إلى وجهه مرة أخرى إذا خانني مع غيري؛ لأن النظر إلى وجهه سيذكرني دائما بفعلته، وتنقلب حياتي معه إلى حزن وآلم، خاصة أن المرأة هنا تخلص لزوجها لأقصى درجة ويصبح هو كل عالمها وتهتم به كثيرا وهذا معروف عنا جيدا؛ لذا إذا خانها فهي تنفصل عنه ولا رجعة له أبدا.
أما غدير حماد -35 عاما- فتقول: إن المرأة تقدم دائما الكثير للرجل، فهي تعتني به وبأولاده وبيته كثيرا، كما أنها تعتني بنفسها من أجله، وتتجاوز عن الكثير من أخطائه، فتصفح عن انشغاله الدائم بعمله أو بخله أو كسله أو غيرته الزائدة، فكل هذه صفات تتحملها المرأة وأكثر منها أيضا، ماعدا الخيانة فلا تستطيع المرأة أن تتجاوز عنها أبدا.
نساء لا تغفر خيانة الأزواج
- التفاصيل