الدستور-إسراء خليفات
تعتبر المجاملة بين الزوجين مطلوبة أحيانا على الرغم من كونها في الغالب صفة سلبية ، الا اننا نبدو في بعض المواقف الحياتية مضطرين لاستخدامها من أجل اكمال مسير سفينة الحياة بسلام. لكن لو كان ذلك الأسلوب متبعا بين الزوج و الزوجة ، فهل يجب ان تكون بينهما المجاملة وهما أكثر الأشخاص قربا من بعضهما بعضا ، وفي أي المواقف ينبغي أن تكون ، ام لا بد من الصراحة مهما كانت الظروف. وهل دائما الصراحة تنتهي إلى نتائج إيجابية أم المجاملة تبقى الأرحم، وهل من إيجابيات تذكر للمجاملة الزوجية؟ ضرورة
ترى عبير حازم أن المجاملات بين الأزواج ضرورية في ظروف وحالات معينة وخاصة في القضايا الحياتية البسيطة التي ليس لها تأثير مباشر وقوي على العلاقة الزوجية المشتركة ، مبررة ان الزوجة قد تضطر أحيانا في ظروف معينة لإرضاء زوجها على الرغم من أنها لا تكون مقتنعة بما تفعل. إلا أنها تحققها كي تسعده ولا تخلق مشكلة بينهما ، وذلك اما بالمجاملة أو المسايرة ، قائلة انني احيانا أجامل زوجي في أداء الواجبات الاجتماعية وتلبية طلباته الشرائية ولكني في المقابل لا يمكن أن أجامل في الأمور والمواقف التي تمس مكانتي كزوجة أو تمس حياتنا بسوء .
ويؤيدها الرأي عماد نصر الذي يرى ان المجاملة مطلوبة كما الصراحة مطلوبة أيضا ، ويقول : لا ننسى ان الصراحة هي المبدأ الأساس في الحياة الزوجية ، ولا بد من العلم بأن المجاملة يجب أن تبقى في حدود المحيط وليس في قلب الأسرة .
ويضيف: يمكنني أن أجامل زوجتي بأن أقيم علاقات ودية واجتماعية مع أهلها وأقاربها ومحيطها الخارجي أو قد تأخذ مجاملتي لها شكل المراعاة لاهتماماتها مثل عيد زواجنا وعيد ميلادها أو ربما دعوتها لحفلة أو مطعم ، معتقدا ان هذا النوع من المجاملات يخلق جوا إيجابيا من الألفة والمحبة في الأسرة ويقضي على روتين الحياة ، مشددا على توافر الصراحة بشكل كبير بينهما حيث يرى ان الغياب التام للصراحة يراكم الأخطاء ويعرض الأسرة للدمار المحتم إذا بالغ كلا الطرفين بمجاملة بعضهما بعضا طيلة الوقت دون الوقوف عند متطلبات وحاجات الطرف الاخر .
وتحرص خالدة احمد على أن تكون الصراحة قدر المستطاع متوفرة بينهما وبين زوجها حيث تراها طريقا للوصول الى الحياة السعيدة. ومن ناحية المجاملة فهي مطلوبة ولكن بقدر قليل وبسيط جدا ليس لانه اسلوب جيد وانما من اجل اشعار الطرف الاخر بالراحة وتبديد التوتر والتخفيف من المشاحنات .
وتذكر انها في بداية حياتها الزوجية كان من الصعب عليها مجاملة أحد ولكنها اكتشفت بعد فترة من الوقت أنه لا ضرر من المجاملة بشرط عدم وصولها إلى حد المبالغة المفرطة أو النفاق ، فبرأيها ان المجاملة المستمرة تجعل الاخر يعتاد على مستوى معين من التوقعات التي ألفها وكذلك تؤدي إلى طمس الحقائق وأخذ الإنسان في طريق لا يريده فيشعر بغربة عن نفسه وبعدم الانتماء لذاته وهذا قد يؤدي إلى استهلاك الطاقة الروحية للإنسان الذي يجامل باستمرار .
مؤكدة ان هناك أمورا في الحياة الزوجية تكون مفروضة على الزوجة بغض النظر عن مدى صحتها وأهميتها لا بد من المجاملة فيها وهذا ليس لحب الزوجة او الزوج للمجاملة وانما لان الواقع يتطلب ذلك ، فالتمرد على الواقع هذا قد يولد الكثير من المشاكل التي يمكن تفاديها والابتعاد عنها .

ايجابية
وتعتبر ايات يوسف ان المجاملة تكون إيجابية بين الأزواج وبين جميع الأطراف ان كان هدفها تقريب القلوب وتلطيف العلاقات الاجتماعية اما غير ذلك فتراها سلبية خاصة ان تم بناء العلاقة بكاملها على المجاملات أو عندما تصبح المجاملة سلوكا يوميا مستمرا في كافة المواقف والظروف .
مضيفة انه في هذه الحالة سوف تتحول الحياة الزوجية إلى كذبة كبيرة يختفي فيها الحب والالفة ، مؤكدة انه بتلك الطريقة يدقون ناقوس الخطر بفشل ودمار هذه العلاقة .
ويخالفهم الرأي سعيد باسم الذي يرى ان المجاملة بين الأزواج تعد شكلا من أشكال التمثيل وقد تكون حلا مؤقتا وغير نافع وطريقة للهروب من مواجهة المواقف الصعبة كما ان الزواج المستقر يبنى على الاتفاق والتفاهم والوضوح لا المجاملة وهذا يتطلب مقدارا كبيرا من الصراحة بكل شيء لأن تكرار المجاملة بين الأزواج يخلق شرخا عميقا في العلاقة وتدفع لكل منهما للشعور بأنهما لا يعرفان بعضهما بعضا لذلك يرى أن الصراحة يجب أن تكون الخيار الأفضل بالنسبة للطرفين معا وهذا يستلزم تقبل الرأي والرأي الاخر بوعي من أجل مصلحة الأسرة في النهاية .

حياة المجاملة قصيرة
وأشار الدكتور سري ناصر استاذ علم اجتماع في الجامعة الاردنية الى انه قد تفيد المجاملة أحيانا مع الزوج أو الزوجة التي شخصيتهما لا تتقبل الصراحة لكنها لا تحل المشكلة من جذورها فالحياة القائمة على المجاملة لا يمكن أن تستمر طويلا لأن المشاعر والسلوك سيكشفان الحقيقة عاجلا أم آجلا وطالما أن الزوجين متفاهمان وصادقان ويتوج علاقتهما الحب الحقيقي فلا مبرر للمجاملة مهما كان الموقف لأنها مع الزمن تقتل المودة بين الطرفين وتخلق حياة غير مستقرة مبنية على التمثيل الذي لا يمكن أن يدوم .
معتبرا ان العلاقة الزوجية علاقة مقدسة لا يجب ان يشوبها شيء. مؤكدا انه قد تقبل المجاملة في العلاقات الاجتماعية مع الغرباء والتعامل مع الأشخاص الذين ليس لهم تأثير مباشر وعميق في حياتنا كنوع من التناغم الاجتماعي المحبب أما العلاقة بين الزوجين فهي أبعد من ذلك بكثير لذلك لا غنى عن الصراحة بين الزوجين إذا أرادا أن تكون علاقتهما ناجحة ، لأنها بالتأكيد تبني جسور الثقة والاحترام وتؤسس حياة زوجية سعيدة ومستقرة .

JoomShaper