أم عبد الرحمن محمد يوسف
يدور هذا الحوار بين زوجين في سيارتهما:
الزوجة: هل تحب أن تتوقف لتناول طعام أو شراب.
الزوج: (يرد وهو صادق): لا.
ولأنه هو الذي يقود السيارة لا يتوقف، وعندما يعود إلى البيت يسأل نفسه: لماذا هي غاضبة وعصبية؟
إنها غاضبة لأنها كانت تريد التوقف، وكانت لطيفة في طلبها، وهو لم يرد عليها بنفس اللطف، ويقول: هل تحبين أنتِ؟

يرد عليها قائلًا لِمَ لم تقولي مباشرة أنك تريدين التوقف؟ لِمَ تعقدين الأمور؟ لو طلبت لتوقفت من أجلك.
أخي/ أختي الزوجة:
ماذا تفعل هي وهو عند الطلب:
هي (المرأة):
(تستخدم طريقًا غير مباشر وغير صريح، وذلك لأنهن يفضلن ألا يجرحن شعور الآخرين.
وتستخدم أسلوب التلطف والمراعاة، وتطالب زوجها أن يعاملها بنفس المعاملة.
هو (الرجل):
يتصرف بكل صراحة، لا يتجمل، ويحب أن يعامله الآخر كذلك) [بالمعروف، د/ أكرم رضا، ص(162)].
لذلك فلا تستخدمي الالتواء عند الطلب، ولتكن أسئلتك صريحة ومباشرة.
ويمكننا أن نذكر طريقة أخرى للطلب في الموقف السابق وليكن قولك:
إنني جائعة وأقدر لك وقوفك لأكل شيء، فسوف تجدين زوجك يبحث عن أفضل المطاعم.
الأسلوب المباشر:
(استخدام العبارات غير المباشرة يكون أحيانًا مقبولًا، ولكن عندما يتكرر استخدامها يصبح الرجل مقاومًا لتقديم دعمه، وربما لا يعرف هو حتى لماذا يقاوم بعناد، والعبارات التالية أمثلة على الطلبات غير المباشرة وكيف يمكن أن يستجيب الرجل لها:
قولي: هل لك أن تحضر الأطفال، طلب بإيجاز وطريقة مباشرة.
لا تقولي: الأطفال بحاجة إلى من يحضرهم وأنا لا أستطيع القيام بذلك، طلب بطريقة غير مباشرة.
يجب أن تحضرهم إذا كنت تستطيع، وإلا فإنني سأشعر بأنك لا تدعمني وأستاء منك، هكذا يسمع الرجل عندما تستعمل المرأة الطريقة غير المباشرة.
مثال آخر:
قولي: هل لك أن تحضر المشتروات إلى الداخل؟ طلب بإيجاز وبطريقة مباشرة.
لا تقولي: المشتروات في السيارة، طلب بطريقة غير مباشرة.
من واجبك أن تدخلها لقد ذهبتُ للتسوق، هكذا يسمع الرجل عدما تستعمل المرأة الطريقة غير المباشرة.
مثال آخر:
قولي: هل لك أن تأخذني خارج المنزل هذا الأسبوع؟ طلب بإيجاز وبطريقة مباشرة.
لا تقولي: إننا لم نخرج منذ أسابيع، طلب بطريقة غير مباشرة.
أنت تهملني، إنني لا أحصل على ما أريد، يجب أن تأخذني خارج المنزل أكثر، هكذا يسمع الرجل عندما تستعمل المرأة الطريقة غير المباشرة.
مثال آخر:
قولي: هل لك أن تحدد بعض الوقت للتحدث معي، طلب بإيجاز وبطريقة مباشرة.
لا تقولي: يجب أن نتكلم, طلب بطريقة غير مباشرة.
نحن لا نتلكم بما فيه الكفاية وهذا خطؤك، يجب أن تتكلم معي أكثر، هكذا يسمع الرجل عندما تستعمل المرأة الطريقة غير المباشرة) [الرجال من المريخ النساء من الزهرة، د/ جون غراي، ص(350-352)، باختصار وتصرف].
استعمال الكلمات الصحيحة:
ولا تنسي عند الطلب استعمال الكلمات الصحيحة، إن أكثر الأخطاء شيوعًا هو استعمال هل تستطيع؟ وهل تقدر؟ بدلًا من هل لك أن تفعل؟ وهل ستفعل؟
وكما أشرنا سابقًا فالطلبات غير المباشرة منفِّرة، واستعمال كلمات هل تستطيع؟ وهل تقدر؟ باستمرار تثير الرجل.
أخطاء شائعة في الطلب:
أصعب جزء في تعلم الطلب هو كيفية القيام به، وهذه طريقة للطلب من الرجل:
1. استعملي الأسلوب المباشر.
2. كوني موجزة.
3. استعملي عبارات (هل تفعل) أو (هل ستفعل؟)
ومن الأفضل أن لا تستعملي الأسلوب غير المباشرة، أو الإسهاب، أو عبارات مثل "هل تستطيع؟" أو "هل تقدر؟".
وإليكِ هذه الأمثلة:
قولي: هل لك أن تساعدني في تحريك هذه الطاولة؟
لا تقولي: لا أستطيع تحريك هذه الطاولة، أحتاج إلى أن أعيد ترتيبها قبل حفلتنا الليلة، هل تستطيع المساعدة من فضلك؟ (هذا إسهاب، وتم استعمال كلمة تستطيع).
قولي: هل لك أن تحضر ابننا من المدرسة؟
لا تقولي: ابننا يحتاج إلى من يحضره من المدرسة وأنا لا أستطيع ذلك, هل لديك وقت؟ هل تظن أنك تستطيع أن تحضره؟ (هذا إسهاب وتم استعمال كلمة تستطيع).
موقف حقيقي:
تكون العلاقة صحية عندما يكون لدى الشريكيين الحرية في أن يطلبوا ما يريدون ويحتاجون إليه, ويكون لكليهما الحرية في أن يقول "لا" إذا اختار.
على سبيل المثال (أتذكر وأنا أقف في المطبخ مع أحد أصدقاء العائلة عندما كان عمر ابنتنا لورين خمس سنوات، طلبت مني أن أرفعها وأقوم ببعض الحيل، وقلت لا، لا أستطيع اليوم، أنا متعب حقًا).
وأصرَّت تطلب بدلال، "من فضلك يا أبي، من فضلك يا أبي، فقط قذفة واحدة في الهواء.
قال الصديق: والآن يا لورين، أبوك متعب، لقد عمل اليوم بجد، يجب أن لا تطلبي، أجابت لورين مباشرة بقولها "لقد كنت أطلب فقط".
قال صديقي: "ولكنك تعلمين أن أباك يحبك، إنه لا يستطيع أن يقول لك لا"، الحقيقة أنه إذا كان لا يستطيع قول لا فهذه مشكلته، لا مشكلتها, وفي نفس الوقت قالت زوجتي وبناتي الثلاث: "بلى إنه يستطيع أن يقول لا") [الرجال من المريخ النساء من الزهرة، د/ جون غراي، ص(371-372)].
وقد استوقفتني أختي الزوجة كلمة في القصة أرجو أن تضعيها في مربع:
"وأصرَّت تطلب بدلال" الدلال هو صفة محببة في المرأة حتى عند الطلب، فلا يكون توجيه الطلب كالأوامر ولكن يكون بدلال، وهذا يحتاج من المرأة إلى تدريب إذا لم تكن تعرف فن الدلال وفن الطلب.
وعن طريق تعلم فن الطلب بطريقة صحيحة فأنتِ لست فقط تساعدين الرجل على أن يشعر بأنه محبوب أكثر، ولكن أيضًا تضمنين أن تحصلي على الحب الذي تحتاجين إليه.
اطلب ما تريد بشكل مباشر:
كم هي المشكلات التي تنشأ في الحياة اليومية بسبب أن الإنسان لا يقول ما يريد أو يرغب بشكل مباشر وصريح.
ويعتقد بعض الناس أن من اللطف والأدب أن لا يتكلم الواحد بصراحة عما يريد، وأن عليه أن يجيب على كل ما يُعرض عليه ب"لا بأس" أو "حسنًا" أو "لا مانع لدي" فقد يُسأل مثلًا إن أراد شيئًا من الشاي هو في الحقيقة يريد قهوة، إلا أنه لا يعبر عن رغبته ويكتفي بعبارة: "حسنًا، لا بأس".
أو عندما يُسأل عما يريد من طعام على العشاء فلا يقول ما يريد حقيقة: (إن من المهم للنمو الذاتي للإنسان، ولتطور علاقته الزوجية مثلًا أن يعبر تمامًا عما يريده أو يفضله، وأن يطلب ما يريد بشكل مباشر، والطلب المباشر أفضل بكثير من مجرد الإشارة أو السكوت:
"أريد أولًا أن أستريح قليلًا، ثم أذهب بعد ذلك".
"أحتاج لوقت للتفكير في هذا الأمر".
"أريد أن نخفض الصوت قليلًا".
"أرغب أن أسمع منك أكثر، قولك أنك تحبني".
وقد يحتج أحد الأزواج قائلًا:
"ولكن إذا كان يحبني ويهتم بي، فإن عليه أن يعرف ماذا يزعجني أو ماذا أريد من غير أن أقول له".
أو "عليها أن تعلم موقفي وماذا أريد، ولا أحتاج أن أخبرها بذلك".
إن مجرد الاستياء بصمت لا يحقق للإنسان أي نتيجة، والأفضل من أن تتكلم عما تريد بشكل واضح ومباشر.
إن الكثير من الأزواج قد لا يعرف أحدهما ماذا يريد الآخر، ولا يفصح كل منهما عما في نفسه بوضوح وصراحة.
والكلام المباشر والصريح لا يعني أبدًا المطالبة أو الإلحاح بالطلب، فقد وجد أن بعض الأزواج قد انخفض بينهم الشجار كثيرًا عندما طُلب منهم التوقف عن المطالبة بالأمور كحقوق مفروضة لهم، وأن يطلبوها كخدمة تقدم لهم، فبدل أن يقول: "عليك أن تحضري لي هذا".
يمكن أن يقول: "هل يمكن أن تحضري لي هذا؟" [التفاهم في الحياة الزوجية، د/ مأمون مبيض، ص(144-145)، بتصرف].
الطرف الآخر غير متعاون:
ومن الاعتراضات التي نسمعها أحيانًا أن يقول أحد الزوجين عن الآخر أنه غير متعاون، وقد يعتقد كل طرف أن سلوك الطرف الآخر مزعج، وأنه لا يتوقع أن يتمكن من تغيير تصرفات الآخر، إن كل طرف يستطيع مساعدة الآخر على التغيير من خلال أن يتغير هو نفسه، ومن الخطأ أن يتخذ الإنسان موقف (إنني لا أستطيع فعل شيء لأنك لا تتكلم معي) إن حل النزاعات والمشكلات يبدأ بتغيير "أنا" وبتغيير موقفي قبل تغيير الآخر.
وقد لا يستطيع طرف أن يحدث تغييرًا فوريًا، بل قد يعارض ويقاوم نفس التغيير الذي يدعو الآخر إليه، إلا أن المثابرة والاستمرار ستؤتي أكلها.
ويفيد كذلك الإصرار واللطف والأدب مع التغيير المتدرج، حيث يؤدي هذا بالمقابل إلى إصرار ولطف الطرف الآخر.
ولاشك أنه يصعب الأمر إذا كان أحد الطرفين غير متعاون، فمن المفضل أن يكون هناك اتفاق متبادل على استعمال طريقة مهارة الاستماع والكلام وفن الحوار.
لقد قالت زوجة مرة بعد أن استعملت مع زوجها مهارة الاستماع والكلام:
لقد استطعنا تحديد (6) مشكلات احتجنا للحديث فيها، وعرفت تمامًا موقف زوجي في هذه المواضيع، ولكنها كانت مفاجأة لي أن سمعت كلامًا عن موقف لم أعرفه ولم يخطر في بالي، أنا حقيقة أرغب في مزيد من التعرف على زوجي وعلى آرائه في هذه المواضيع وغيرها".
وماذا بعد الكلام؟
ـ كوني مثل زوجك صريحة ومباشرة، أعلمُ أنك تدارينه لفرط ذوقك وتلطفك، ولا تحبين إحراجه، ولكن هو يحب الصراحة والكلام المباشر، فعامليه بما يحب.
ـ لكي تطلبي من زوجك عليك:
1. استعمال الأسلوب المباشر.
2. كوني موجزة.
3. استعملي عبارات هل تفعل؟ أو هل ستفعل؟
ـ وأقترح عليك أن تتدربي على هذه الطريقة لمدة شهر على الأقل ولا تنسي الدلال عند الطلب، ويكون الطلب موجزًا ومباشرًا وصريحًا ثم امنحي زوجك الكثير من الشكر والتقدير عند الاستجابة لطلبك.
المراجع:
·          بالمعروف، د/ أكرم رضا.
·          الرجال من المريخ النساء من الزهرة، د/ جون غراي.
·          التفاهم في الحياة الزوجية، د/ مأمون مبيض.

 

 

المصدر: مفكرة الإسلام

JoomShaper