الدستور - اسراء خليفات
كثير من الناس يمارسون الكذب وخصوصا الكذب الابيض نتيجة العديد من الاسباب التي تزداد مع الاسباب الموجبة لها. كما تختلف طرق استخدامها ايضا مبررين لانفسهم انها بيضاء قد لا تضر بشيء ويعود للمنفعة الشخصية. كما ان القصد منه الحفاظ على الزواج او الصداقة او العلاقات الطيبة بين الناس او مجاملة للاخرين معتقدين ان الكذب في حالة الضرورة مقبول إذا كان سيسهم في تفادي المشاكل. واخرون يجدونه من العادات التي تمارس بشكل يومي كأن يكذب الزوج على زوجته بأن طعامها لذيذ كي يشجعها على الاستمرار بالطبخ، و هنا يرونها كذبة بيضاء مع ان الكذب خصلة ذميمة وعمل مرفوض وظاهرة اجتماعية انتشرت مع الأسف في أوساط الكثيرين .
تقول سميحة نادر ان ظروف الحياة تجبرنا على التفوه بكلام غير صادق وتعتبر هي كذبة بيضاء قد لا تضر ولا تنفع الا انها قد تقي من بعض المشاكل التي قد تواجه صاحبها كأن يأتي الموظف لصاحب العمل ويتعذر بأن ازمة المواصلات سبب تأخيره عن العمل مع انه السبب امر اخر. مضيفة: في تلك الامور لم يكن يقصد الكذب فيها وانما تحاشى الضرر الذي من المحتمال ان يلحقه ان ذكر الحقيقة .

مضيفة انه في ذلك الوقت من الزمن اصبح ذكر الكلام غير الحقيقي يجري في دم الانسان حتى وان كان ذكرها لا يضره ولا ينفعه الا انه اعتاد على تلك الكذبات مبررين لأنفسهم انها بيضاء لا تؤثر على الاخرين .

لا يمانع احمد قدري من إبداء عبارات المجاملة المبالغ فيها أو حتى الخاطئة من أجل تحقيق غرض ما وذلك تماشيا مع شعار الغاية تبرر الوسيلة .ولا يجد ان في ذلك اي حرج كما انه يرفض تسميتها بال» كذب» ما دامت لم تسبب الاحراج او جرح الاخرين بأي وسيلة ما .

ويذكر محمد جمعة ابو كاس تاجر ملابس انه يواجه الكثير من اصحاب تلك الانفس التي يجدها حسب وجهة نظره مريضة نفسيا لذلك يلجأ اصحابها للكذب متأسفا لذهاب الصدق في هذا الزمن وكثرة الكذب عند الاغلب الناس، معتبرينها او مبررينها لانفسهم انها كذبات بيضاء لا تؤثر كثيرا على الاخرين. مشيرا الى ان القليل من يصدق في كلامه او يروي قصة او حدثا بتفاصيل صحيحة الا ما كان يخللها شيء من الكذب، متسائلا عن السبب الذي جعل الناس يصلون الى ذلك الحال ، ويذكر ان معظم المشاكل التي تواجهه في حياته نتيجة تلك الكذبات البسيطة كأن تأتي فتاة تريد شراء قطع الملابس وتصبح تكرر «الحلفانات» او الايمان والقسم بأنها لا تحمل سوى مبلغ معين من المال ويكون الامر على العكس من ذلك .

ومن جهة اخرى تجد راما سلطان سكرتيرة في احدى العيادات ان هذا الكذب مبرر في كثير من المواقف ليس حبا للكذب وانما لتقضية الامور الحياتية وخاصة طبيعة عملها تتطلب منها اخفاء بعض الامور عن المراجعين بالاضافة الى التخلص من الالحاح في مقابلة الطبيب الذي تعمل عنده مبررة بأنها تؤنب نفسها كثيرا عندما تتفوه بكلامات غير صادقة ، قائلة انني اضطر الى فعل ذلك .

وأشار محمد عواد ان الكذب منتشر بين الناس بشكل كبير كما انه تعدى اصوله بين الازواج للتخلص من المشاكل التي يمكن ان تنشب بينهما فيما لو تحدثوا عن بعض الامور بصدق لكبرت بينهم الخلافات. فعلى سبيل المثال ان يكون الزوج على خلاف مع شقيق زوجته ولا يريد منها التقرب منه او التحدث معه فعندما تذهب لزيارته لا تخبره بمكانها الصحيح تلاشيا لحدوث المشاكل التي من الممكن تفاديها ببساطة والمحافظة على رابط الاسرة .

ويبين طلال جاسم انه من الاشخاص الذين يرفضون الكذب بجميع احواله مهما كان الظرف نتيجة فعل حدث معه في الماضي حيث كان هناك صديق كثير الازعاج بالاتصالات الهاتفية. فذات مرة طلب من ابنه الصغير ان يخبره انه غير موجود او نائم ان جاء منه اتصال ومن دون توضيح الاسباب التي ادت لدفعه للكذب وبعد حين اكتشف ان ابنه يكذب في كثير من المواقف مبررا ذلك بأن اباه يكذب ايضا ومنذ ذلك الحين لم يعد يخجل من الكذب في حياته مهما كان الموقف.

يقول رامي هاني ان الكذب الذي لا يضر لا يجد فيه مانع. اي انني قد اتأخر في بعض الاحيان عن العودة الى المنزل مع اصدقائي بالاحراج ويكون لدي موعد مع عائلتي للخروج معا، هنا اخفي الحقيقة على زوجتي واخبرها انني تأخرت في العمل تجنبا لحدوث الخلافات بيننا ويرى انه بذلك لا يعد كذبا .

واشار الدكتور سري ناصر استاذ علم اجتماع في الجامعة الاردنية الى ان الكذب من صفات المنافقين كما ان الصدق نور ونجاة وثقة لصاحبها ، والكذب طريقه قصير يفضح الكذاب ويمقت ولو تستر بالكذب ويضع نفسه في منظور الكذاب ولا يكون هناك داع لذلك والشخص الذي يلجأ للكذب هو آثم وعواقبها خطيرة على الفرد والمجتمع. مبينا الدكتور ناصر ان من يأتي بكلامه الكذب ان كان كبيرا أو صغيرا يعد دليلا على ضعف النفس وحقارة الشأن وقلة التقوى ، والذي لديه تلك الصفة يهين نفسه ، حيث يقلب الحقائق ويقرب البعيد ويبعد القريب .