لما كان الزواج فطرة إنسانية، قال تعالى : « وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ» النحل :72، فجاء الإسلام يحارب كل ما يعاكس هذه الفطرة كالرهبانية؛ لكونها تتصادم مع فطرة الإنسان وتتعارض مع ميوله وغرائزه، فقد روى البيهيقي حديث: «إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة».
وأهاب الرسول عليه الصلاة والسلام بالشباب أن يتزوجوا في قوله: « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء « أي وقاية .
وإعراض الشباب عن الزواج، مخالف لسنة النبي عليه الصلاة والسلام لقوله: « فمن رغب عن سنتي فليس مني « وهذا الإعراض يلحق بالفرد والمجتمع أضرارا كثيرة؛ لأنه يؤدي إلى فناء الأمة التي تحمل رسالة العبودية لله ، قال تعالى : « وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» الذاريات :56 ، ورفع لواءها والذب عن حوزتها .

والمعرضون عن الزواج؛ متهيبون من مستلزماته، وهروبا من مسؤولياته، أو لأنهم يرونه مصدر للخصومات والشقاق والشقاء - وهم في ازدياد – وهذا يدق ناقوس الخطر المحدق بالمجتمع المقوض لدعائمه، وهذا ليس لأن الزواج نظام غير صالح، ولكن لسوء تطبيقه واستعماله، فلو أن الحياة الزوجية قامت على ما شرعه الله من حسن الاختيار، والمعاشرة بالمعروف، وقيام كل من الزوجين بواجبه ما كان مصدرا للشقاق والنزاع، وما كان حلما مفزعا ومرهقا لكثيرين، فالزواج في الإسلام فطرة إنسانية ، ليحمل المسلم في نفسه أمانة المسؤلية الكبرى تجاه من له في عنقه حق التربية و الرعاية .

JoomShaper