حامد واكد
تسعد كل أسرة بآراء وأفكار أبنائها البررة الذين يخلصون في حبهم لأهلهم وأقاربهم والذين يساهمون بجهدهم وفكرهم في حل أي مشكلة تعترض الأسرة والتي قد تحدث نتيجة الضغوط الحياتية وكثرة مطالب كل فرد واحتياجاته، والعاقل هو الذي يتبصر العواقب ويحاول أن يكون معتدلاً في كل شيء، في مأكله ومشربه وملبسه حتى يظل مستور الحال ولا يعرض نفسه لضائقة مالية قد يكون لها تأثيرها على سعادة الأسرة ومكوناتها قال تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. وجاء في الحديث: خيركم خيركم لأهله، ويقول صلوات ربي وسلامه عليه: إذا أعطى أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته.
وقيل: قل ما شئت عن الشهرة وعن اقتحام الأخطار فإن كل أمجاد العالم وكل حوادثه الخارقة للعادة لا تعادل ساعة واحدة من السعادة العائلية. والملاحظ في دنيا الناس يجد بعض الآباء يتجاهلون أبناءهم إذا اعترضته مشكلة، ولم يستطع هو وزوجته حلها أو إيجاد طريقة لحلها، وإذا حاول الأبناء والبنات وخاصة الذين نالوا قسطاً كبيراً من التعليم والثقافة إبداء رأيهم فيها وقد تكون آراؤهم سديدة ومفيدة إلا انك تجد الأب بغروره يتجاهلهم ولا يحاول أن يستمع إليهم، وفي النهاية ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، والحق سبحانه وتعالى يقول: وشاورهم في الأمر.
وإذا حاول أحد الأبناء أن يصحح مسار فكر الوالد وأبدى رأياً يناطح آراءه وجدت علو الصوت من جانب الوالد، وصار يتهم الولد أو البنت بأنهم حمقى وآراؤهم لا يعتد بها ظناً منه أنه الوحيد الذي يتمتع بالحكمة والرأي السديد. وقد يتنازل عن غروره ويقبل مشكوراً رأي زوجته إما ترضية لها وإما لأن رأيها قد يساعده في حل المشكلة.
فإذا تقدم إنسان لخطبة إحدى بناته درس الموضوع مع زوجته وابنته صاحبة الشأن وطالما هو مقتنع بالعريس القادم فإنه يبدي موافقته ويطلب من زوجته وابنته أن يوافقا، فيقول: ابنتي، أنا أدرى بمصلحتها وهنا تجد الزوجة وابنتها في حيرة من هذا الاستبداد بالرأي، فقد يكون لهما رأي مخالف تعرفة الفتاة أو الزوجة وقد يكون في العريس المتقدم بعض الصفات التي تؤثر على الارتباط بهم إما لأنهم عايشوه وعايشوا أهله عن قرب نظراً للجيرة في السكن أو العمل فقد يكون سكيراً أو من أصحاب السوابق.
وهنا لابد للوالد أن يأخذ برأيهن أو برأي إخوانها في البيت، لأنها مسألة حياة وعشرة، وعلى المسلم العاقل أن يعرف كيف يختار وكيف ينصت لآراء أهل البيت ويترك سياسة التجاهل التي قد تكون متعمدة أو هي طبيعة الوالد، وفي النهاية الكل يريد المصلحة وتحقيق حلم الفتاة بزواج سعيد فلا يندفع الأب مع من أحب اندفاع الأهوج الأعمى، ولا يزور عمن أبغض ازورار الجافي المعرض المنكر الجاحد وإنما يكون في موقفه معتدلاً منصفاً.
قال الإمام علي رضي الله عنه: الجود حارس الأعراض، والحلم فدام السفه «أي بالحلم تربط فم السفيه فلا يتكلم» والعفو زكاة الظفر، والسلو عوضك ممن غدر والاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، والصبر يناضل الحدثان «أي نوائب الدهر» والجزع من أعوان الزمان، وأشرف الغنى ترك المنى، وكم من عقل أسير تحت هوى أمير، ومن التوفيق حفظ التجربة، والمودة قرابة مستفادة ولا تأمنن ملولا أي السريع الملل والسآمة.
والمرأة العاقلة هي التي تواجه تجاهل زوجها لها ولأبنائها في بعض الأمور، بالصبر عليه وتحاول أن تقترب منه وتبدأ الحوار معه بلطف حتى تبعده عن سياسة التجاهل التي يتبعها حتى يشعر الجميع أنهم مع والد يسع الجميع بحبه وظرفه ولطفه وتمسكه بتعاليم دينه الحنيف فلا يجور ولا يصادر رأي أحد، بل يقبله وإذا كان فيه ميل عن الحق والصواب نصح برفق، ولذلك قيل من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة لا يحق له أن يتزوج. وقيل أب حنون مشعل للأجيال.
الإسلام يدعو إلى عدم تجاهل الأبناء
- التفاصيل