الدستور ـ ياسمين الدويري
حين نعطي الآخرين من وقتنا، نشعر بالسعادة. فكيف إذا كان هؤلاء أبناؤنا فلذات أكبادنا. مؤكد ان الحياة تستحق ان نعيشها اذا ما سعينا لتربية صغارنا على الخير وحب المعرفة وأمددناهم بروح التسامح والقيم النبيلة. وفي غمرة ذلك، نتساءل عن حقيقة جهودنا تجاه الاطفال وكيف نلبي طلباتهم وفق رؤيتنا السليمة. تجد من حولك اناسا دائما يشكون من خوفهم الحالي والمستقبلي على اولادهم. فهم في حيرة دائما من امرهم وتساؤلات تؤرقهم بشكل مستمر. ترى، هل انا اقوم بالعمل الصحيح تجاههم؟ وهل ربيتهم التربية السليمة التي تجعلني اؤمن عليهم اينما ذهبوا؟ هذه الاسئله وغيرها الكثير الكثير ستستمر مع استمرار الحياة. تقول آمال سليمان وهي موظفة حكومية انها احياناً تنسى نفسها لكثرة خوفها على ابنائها وماذا يفعلون في فترة غيابها عن المنزل وهل هم بخير وتقول احيانا كثيرة يراودني شعور بأنني اتمنى انا اترك العمل لأقضي جميع وقتي مع اطفالي، ولكن زوجي يؤكد لي انه لا ضرورة لهذه الخوف المبالغ وانه كل انسان يحصد ما يزرع ونحن ٌنفعل ما بوسعنا.
أساليب.
ومن جانب آخر يقول اسامة منصور وهو موظف وأب لخمسة أولاد ان اساليب التربية اختلفت هذه الأيام عما كانت بالماضي. فالآن اصبح الاطفال اكثر وعيا ولا يرضون بأي شيء ولهم رأيهم الخاص. وكانت الأم هي المسوؤل الرئيس عن تربية الابناء لجلوسها الطويل مع ابنائها. بينما الآن اصبحت الأم عاملة في جميع قطاعات المجتمع لتستطيع مع زوجها تأمين احتياجات الاطفال التي لا تنتهي ومتطلبات الحياة الكثيرة ما أدى لتقليص دور الأبوين في التربية فأصبح العبء الأكبر على المربيات والمدرسة.
تربية الأبناء أهم.
وتقول ملك محمد وهي ربة منزل في العشرينيات من عمرها انها لا تفكر ابدا بالعمل لأن تربية ابنائها اهم عمل في حياتها وانها لا تثق بغيرها ليقوم بتربية ابنائها. فهي كثيرا ما تسمع قصصا عن الاعمال التي تقوم بها الخادمات للاطفال اثناء غياب والديهم. وتتتحدث اماني احمد وهي معلمة في احدى المدارس الخاصة ان طبيعة الحياة الآن قد تغيرت، واصبحت تفرض علينا امورا كثيرة يجب ان نرضى بها شئنا ام ابينا. فعلى المرأة ان تثبت وجودها في هذه الحياة وان هناك جهات كثيرة وحضانات يمكن ان تكون مركز ثقة وهي تؤمن على ابنائها في الحضانة ولا تشعر بأي قلق لأنه بحسب رأيها المربيات هن امهات اولا.
ومن هنا فإن تربية الابناء تربية سليمة وصحيحة تقينا من عواقب كثيرة مع العلم بأن تربية الابناء لا تقتصر على تعليمهم في المدارس والجامعات بل ايضا التركيز على تربيتهم من النواحي النفسية والاجتماعية والعقلية لأن لها التأثير الاكبر في الأبناء.
أسباب متعددة.
ويقول د. حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية ان هناك عدة اسباب تنال من هدوء الاسرة وتقود الاهل الى التذمر. واهمها دخول مربين جدد غير المربين الحقيقين وهؤلاء المربون اصبحوا جذابين اكثر للابناء من الاهل الحقيقين.
وايضا دخول التكنولوجيا بشكل كبير في حياتنا حيث أصبحت توفر لهم الكثير من الخدمات، ما ادى الى دخول اصدقاء افتراضيين لهم دون معرفة من هم. وانحسار دور التربية فقط في الاسرة النواة. بينما في الماضي كانت الأسر الممتدة وهي: (الأب والأم والجد والجدة والمدرسة والمسجد) جميعهم يشاركون بالتربية والآن انسحبوا واصبح الدور للاهل فقط. بالاضافة الى عصر الانفتاح (التربية الحديثة). واضاف د. الخزاعي ان انشغال الأم في قضايا اخرى غير التربية مثل انشغالها في العمل والمكابدة لإثبات الوجود اضعف دور الام في الاسرة ما ادى الى غياب الحوار بين افراد العائلة. لدرجة عدم تجمعهم سويا حتى على مائدة الطعام وغياب دور الأب الرئيس في الاسرة اذا اصبح دوره الرئيس في عصرنا «ممولا» لطلبات الابناء.
تربية الأبناء .. هل باتت عبئا على الأُسرة؟
- التفاصيل