الدستور - مرام ابوعنزة
مازال في العمر صغيرا، يتعثر بخطواته، وتتلعثم كلماته.. لكنّ له عقلا يفهم وقلبا يحب وعينين فضوليتين تريدان معرفة كل شيء. ومع ذلك نراه يدور حول نفسه، يستثمر طاقته في التخريب ولا يسمع منا إلا التأنيب، يَعجب لعالم الكبار الذي لا يتذكره إلا عند النوم أو الأكل ثم ينساه طيلة اليوم!.
ربما هذا ما يفسر الشقاوة التي ينتهجها الكثير من الأطفال كأسلوب للتعبير عن وجودهم ولفت الأنظار إليهم، فلولا ما يقومون به من شقاوة لما التفت إليهم أحد وما أحس بوجودهم من حولهم، ثم يلقى باللوم عليهم، مع أنهم معذورون أمام حالة اللامبالاة التي يشهدونها من قبل آبائهم.. إضافة إلى الملل الذي يشعرون به بسبب أوقات الفراغ التي لا يستغلها الآباء في تقديم ما يفيد أبناءهم متحججين بصغر سنهم.
علّمي طفلك الثقة منذ لحظة ولادته
تقول ريما محمد اختصاصية أطفال: الثقة بالنفس تساعد الطفل على اكتشاف العالم من حوله، وتحقيق الإنجازات وبناء علاقات اجتماعية، والأهم من ذلك، تكسبه
القدرة على التحكم في نفسه. الطفل الذي يشعر بالحنان والحب والتشجيع لذاته وللمجهود الذي يبذله والإنجازات التي يحققها، يستطيع أن يقدر ذاته وان يتجاوز أي شعور يعتريه بعدم الثقة بنفسه في أي مرحلة عمرية. من هنا ضرورة تعزيز ثقته بنفسه منذ لحظة ولادته، لكي يتمكن من مواجهة الحياة بشكل أفضل والعيش مع اسرى مثالية.
وقت للعب
اما سحر ابراهيم ربة منزل فترى أن اللعب يؤدى دوراً مهماً في حياة الطفل ، لأنه المتنفس المشروع للطاقة الهائلة والزائدة عند الطفل ، ولأنه وسيلة للتعبير عن الانفعالات العميقة عند الطفل ، ولأنه في نفس الوقت الوسيلة المقبولة للاستمتاع والسرور والسعادة ، ومن خلاله تنمو مهارات الطفل والتي منها مهارات التفكير والحفظ والفهم، أيضاً أننا حينما نحرم الطفل من اللعب بسبب حضه على المذاكرة و التحصيل ، فإن ذلك يكون من أسباب تأخره الدراسي ، ووقوعه في حالة من القلق والاضطراب وعدم الرضا .
الأبناء وغضب الآباء
وتقول أحلام عادل معلمة أطفال إن الغضب هو عاطفة تسيطر على تفكيرنا وتصرُّّفاتنا مما يجعل اتّخاذ أي قرار أو القيام بأي فعل في تلك اللحظة ليس فقط أمرا خاطئا ولكنّه خطير أيضاً، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا فالغضب يصيبنا كثيراً من تصرُّفات أبنائنا في فترات مختلفة من حياتنا وهذا أمر طبيعي بل مطلوب، فمن تلك المشاعر يدرك الطفل الصواب من الخطأ ويعرف كيفية التعامل مع مشاعره المختلفة، فمشاعر الغضب ليست هي المشكلة وليست هي المسؤولة عن اضطراب العلاقة بين الوالدين وأبنائهما، ولكن الطريقة التي نعبر بها عن تلك المشاعر هي التي يجب التركيز عليها. المشكلة تكمن في أنّ الصغار كثيراً ما يشعرون أنّهم المسؤولون عن غضب والديهم ويوجهون اللوم لأنفسهم على الأوقات السيِّئة التي يمر بها الوالدان، وكلّما كان الطفل أكثر حسّاسية كان تأثره أكبر، فيبدأ الطفل بالابتعاد عن والده الغاضب ومع الوقت تصبح شخصية الأب كثير الغضب والثورة نموذجاً للصغير في كيفية التعامل مع المشاعر السلبية والقلق والضغوط.
فصغارك أنت مطالب بأن تشرح لهم سبب قلقك وعصبيتك، فالإشارة الحمراء التي تجعلك عصبياً لأنّك وقفت عندها مدة من الزمن ليست هي السبب في تلك العصبية، ولكن ما الذي يجعل هذا الصغير يدرك هذا الأمر بل سترتبط لديه مشكلات المرور بالقلق والعصبية والاضطراب المشكلة في الغضب الناتج من القلق والضغط نتيجة شواغل الحياة أنّ أغلب الناس لا يدركون أنّهم يعانون منه، وهنا نلحظ الأهمية في التعرّف على كيفية التخلّص من القلق والتعامل مع الضغوط والتغلّب على الغضب وهذا يحتاج لعدد من الوقفات في حياتنا الخاصة.
انشغال الآباء
يقول حمزة كمال أب ل3 أطفال أنها كارثة بمعنى الكلمة ومصيبة ربما لا نشعر بقدرها وضررها إلا بعد زمن طويل وربما يصعب أو يستحيل تدارك آثارها على الأبناء أبدا، تلك الكارثة هي إهمال الأبناء في الصغر والانشغال عنهم والتقصير في احتضانهم والقرب منهم ونقل الشعور بدفء العلاقة معهم. هذه الجفوة بين الآباء والأبناء ستكون سببا رئيسا في ضياع مستقبل الكثير من الشباب، وانهيار مشروع رجل محترم وإنسان له قيمة، وتحول ذلك إلى مشروع شاب مجرم أو إنسان فاشل بمعنى الكلمة. إن معنى انشغال الأبوين عن أولادهما وانهماكهما في حياتهما الخاصة وقطع الصلة بالأولاد معناه أن يبحث الأولاد عن بدائل ومصادر أخرى يستمدون منها التوجيه ويسمعون منها كلمات المودة والتقدير والثناء، وفي أكثر الأحيان تكون هذه المصادر منحرفة لكنها تبدو في صورة الصديق الودود أو الصاحب المحبوب مما يجعل الانخداع بها سهلا ميسورا ويكون أثرها مؤثرا مضمونا.
كيف تشجع أبناءك على الحوار معك؟
عبير محمود ربة منزل تقول إذا كان الحوار بيننا وبين الأبناء اهتمام واتصال، فإننا نحن الذين نقطع خيوطه وأوصاله. إنهم يرغبون في التحاور والحديث معنا. ويحاولون أن يتناقشوا معنا. وان يدلوا لنا بتجاربهم ولكننا نقاطعهم. ولا ننصت إليهم بتعاطف. ونعطي لهم فكرة سيئة عن أنفسنا. فيقول الابن : (إن أبي وأمي لا يستوعبا ما أقوله، إنهما لن يحاولا أن يناقشا هذا الموضوع معي، لن يصدقا إني تورطت في هذا الموضوع، وانه جاء رغماً عني، ولن يصدق إنني وقفت مع نفسي وسيكون عقابه كبيراً). وبناء على ما يعتقده الأبناء فلن يتحدثوا، ومن ثم تأتي مرحلة البحث عن طرف ثالث يتحدث معه الأبناء. وقد لا يكون الأصدقاء لديهم الخبرة الكافية، ولكنهم يحسنون الاستماع إليهم، ويتقبلونهم على أي حال. وحتى نشجع أبناءنا على الحوار معنا، ونقيم مناخاً داعماً يسهم في اقترابهم إلينا، علينا أن تتخطى إحساسنا بصعوبة الحوار معهم, كما ينبغي علينا أن نثق في تصرفاتهم, وفي جدوى حوارنا معهم ،حتى ننجح في مهمتنا. كما علينا أن تتعرف على طريقة تفكير أبنائنا، وان نخصص وقتا للحوار معهم إذا كان وقتنا لا يكفي، ولا ننهي حواراً معهم حتى ينتهوا هم أولاً، ولا تيأسوا إذا لم تتوفقوا في الحوار معهم،فهذه مهمتنا ولن يقوم بها غيرنا.
أي أهل نريد؟
صفاء سامر اختصاصية علم نفس، تقول: إن الأهل أنواع ثلاثة ولكل واحد من هذه الأنواع سلبيات وإيجابيات، وهذه الأنواع هي:اولا أهل يكونون بعيدين كل البعد عن حياة أولادهم، ولا يتدخلون حتى يتفاقم الأمر وتصل إلى حد الانفصال. وهذا النوع وإن كان مريحاً للأولاد إن لم يكن هناك مشاكل بينهم إلا أنه في فرض حصول خلافات فإنهم لا يكونوا قد أدوا دورهم إيجابياً. ومن المهم أن يكون لدى الأهل رعاية واهتمام من البداية فلا يكونوا على هامش حياة أبنائهم ويجب أن يكونوا في عمق هذه الحياة ليحلوا المشاكل حين وقوعها وقبل الوصول للمدى الذي وصلت إليه وهذا النوع نرفضه، ولا نحبذه. ثانيا :أهل متابعون للمشكلة من أولها ويكونون هم سببها. أو سبباً أساسياً فيها. وهؤلاء عادة مايكونون مزعجين لأولادهم ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم،ولعل هذه التدخلات هي السبب في المشاكل التي تقع. هذا النوع نرفضه أيضاً وبشدة أكبر لأن الأهل يجب أن يشكلوا ضابطة لأولادهم كي لا ينجرفوا إلى المشاكل. لا أن يكونوا سبباً فيها وعاملاً أساسياً في تفاقمها. ثالثا أهل متابعون للمشكلة من أولها إلى آخرها لحلها وهم ليسوا سبباً فيها بل استنفذوا كل الوسائل لحلها.هذا النوع من الأهالي هو النوع المطلوب فهو يحمل الهم ويتابع عن بعد حياة أولاده ويتحين الفرصة المناسبة للتدخل،فإذا لم يوفق للحل يسعى لأن يلجأ إلى علماء الدين أو أي مصلح آخر كي تحل مشكلة أولاده. هكذا نوع من الأهل هو المثال الذي دعا الله عز وجل لاحتذائه والتقيد به.
الاسرة المثالية حلم سهل التحقق
- التفاصيل