سهير بشناق
حبست ايمان - 24 عاما - أنفاسها، وهي تراقب تقطيبة وجه الطبيب اثناء فحص السونار لجنينها .
أخبرته انها أنجبت خلال الاربع سنوات الماضية ،ثلاث مرات، وكانت الاناث قسمتها ونصيبها .
لحظات قلق، لاتعلم ايمان كم استغرقها الزمن ،على أمل ان يبشرها الطبيب بانها حامل بطفل ذكر.
ما أن أخبرها بانها سترزق بطفلة حتى استغرقت في بكاء شديد في العيادة، ورجته عدم اخبار زوجها لحين وقت الولادة خوفا من ان تتغير معاملته لها خلال فترة الحمل خاصة لانه أصر على اعادة الانجاب مؤملا بطفل ذكر.
وتشترك ايمان مع سلمى 27 - عاما - التي انجبت اربع بنات جميعهن بعمليات قيصرية وبعد الحاح زوجها على محاولة الحمل مرة اخرى كان المولود انثى مما اصابها بحالة من الاحباط و الاكتئاب استمرت لعدة اشهر .
ذكر أم انثى هو هاجس يعيش مع الازواج منذ اللحظة التي يتم بها اكتشاف الحمل فيتلهفان لمعرفة جنس الجنين خاصة ان كانت الرغبة هي بانجاب الذكر، وهو الامر الاكثر حدوثا حيث هناك اعتقاد يعود للموروثات الاجتماعية،بان الحمل بانثى يتكرر كثيرا ولا تسعى المراة الى اتباع اية وسائل لانجاب الانثى من منطلق انها - مضمونة - على خلاف الحمل بطفل ذكر الذي لا يزال قدومه فرحة كبيرة للأهل .
وبالرغم من تطور مفاهيم الصحة الانجابية وعدم التمايز بين الذكور والاناث، الا ان معرفة المراة بانها حامل بطفل ذكر لا تزال تشكل فرحة للزوجين و لاسرتهما حتى لو كانت قد انجبت اطفالا ذكورا من قبل فالتمييز في المشاعر عند معرفة جنس الجنين ظاهرة واقعية رغم تاكيدات بعض أطباء النسائية والتوليد على ان هذا الامر قد تراجع خلال السنوات القليلة الماضية بسبب زيادة الوعي لدى الازواج ورغبتهما بانجاب طفل سليم معافى يفوق رغبتهما بانجاب اطفال ذكور .
اشكالية الذكر والانثى حدت مؤخرا بوزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الاطباء لوضع مشروع قانون يحرم الاستنساخ وتحديد جنس المولود في عمليات الحمل خارج الرحم ( اطفال الانابييب ) .
و ينظم المشروع عمل المراكز الطبية التي تتعامل مع هذا النوع من الاجراءات الطبية وفق ضوابط دينية واخلاقية وانسانية، حسبما افاد رئيس جمعية اختصاصي الامراض والجراحة النسائية والتوليد الاردنية د.عبدالمالك .
وبين في تصريح سابق بان المشروع اعدته لجنة شكلتها وزارة الصحة، ضمت الجهات الطبية المختصة ومنها جمعية اختصاصيي الامراض والجراحة النسائية، ورفع الى ديوان التشريع في مجلس الوزراء الذي بدأ بمناقشته تمهيدا لإقراره.
واتاح مشروع القانون في ظروف خاصة جدا تحديد جنس الجنين في عمليات الحمل خارج الرحم، ومنح لجنة مختصة دراسة الحالات التي تقدم لها من اجل هذه الغاية، وفق عبدالمالك.
وقال ان مشروع القانون يشدد الرقابة على عمل مراكز الاخصاب والمساعدة على الحمل في المملكة والتي يصل عددها الى 20 مركزا للمحافظة على مصداقيتها. وأشار الى ان اكثر من 60% من رواد تلك المراكز هم من العرب، وان 8 الاف حالة ولادة من اصل 170 سنويا هي لاطفال الانابيب، مبينا ان نسبة نجاح المحاولة الواحدة تتراوح ما بين 20-30%. وبالرغم من تباين الاراء الطبية و الدينية حول تحديد جنس الجنين الا ان الواقع يشير الى ان هناك من يقبل على مثل هذا الاجراء للمساعدة في انجاب طفل ذكر .
هذه الرغبة قد تكون مشروعة الى حد ما لكن المبالغة برفض الاناث وتهديد الزوجات بالطلاق بسبب تكرار انجاب الاناث وتحميلهن هذه المسؤولية امر فيه اجحاف .
ففي الوقت الذي يتمنى كثير من الازواج قدوم طفل ويلجأون الى مراكز الاخصاب و المساعدة على الحمل لتحقيق هذا الحلم هناك في الطرف الاخر من يعترض على المشيئة الالهية، متناسيا ان الطفل السليم المعافى من اية امراض او اعاقات هو نعمة من الله بغض النظر عن جنس المولود!.

 

جريدة الرأي

JoomShaper