تحقيق: منى توتنجي
تعاني العلاقات بين الزوجين من النكد ما تعانيه من استفزازات وتوترات تصل بالحياة الزوجية الى الدمار والطلاق·
ولكن سؤالنا لماذا تتهم المرأة بالنكد أحياناً، وهل الزوج يتقبل المرأة النكدية؟ ماذا يقول علماء الشرع عن ذلك؟ كيف يحلل علماء النفس هذه الظاهرة هذا ما سنعرضه في تحقيقنا هذا·
آراء الناس يرى بسام ل· ان زوجته نكدية جداً حتى أصبح يكره المجيء الى المنزل باكراً، فما أن تفتح له الباب ويلقى عليها التحية حتى يبدأ نكدها ويصل أحياناً الى حد الانفجار والثورة·
في حين تقول زوجته ناهد ان الافعال التي يقوم بها تستفزها وتضايقها جداً لدرجة أنها تكبت وتكبت حتى تتراكم مشاعر الغضب عنها ويفيض الكيل وتتفجر الأرض بالحمم والنيران·
يرى الكثير من النساء أسباب نكدهنّ هو اسلوب حياة الزوج في التعامل معهن، فالصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة والناقدة والجارحة أو اعتماد سلوك لا يتلاءم مع طبيعة المرأة كل ذلك يؤدي الى زيادة نكدهن وسخطهن·
تبادل التهم··؟! وفي هذا الإطار فالرجل والمرأة يدافع كل واحد منهما عن نفسه بأنه المفتعل والمبتدئ لحالة النكد ماذا يقول علماء النفس عن ذلك وفي هذا الإطار حدثتنا الاخصائية في علم النفس مروة سرحان فعرفت النكد بأنه افتعال مناوشات وتصادم مع الآخرين وخصوصاً مع الزوج، وصفة النساء ليس كما يعتقد الكثير ملتصقة بالنساء فقط بل هناك الكثير من الرجال النكديين لكن هذه التهمة تميل أكثر إلى الالتصاق بالنساء لأن تربية أكثرهن تفرض عليهن نمطاً معيناً من العيش فهن محصورات داخل البيوت ويكاد خروج بعضهن الى الحياة الاجتماعية محصوراً وبحسب القاعدة العامة فإن المرأة التي لا تعمل وتلازم البيت فترات تكون أكثر عرضة للنكد، لأن أعصابها تبقى مشدودة ويصبح خيالها خصباً ومرتعاً لكل أنواع الأفكار والشكوك·
وتضيف: إن المرأة التي لديها هذا الكم من وقت الفراغ تشعر بالنقص وبالتالي يمتلكها الإحساس بأنها مهملة فتحاول اثبات وجودها ولو بشكل سلبي فيما ان لم تحصل على حاجتها من الرعاية عبر الكلمات الرقيقة واللمسات الحانية تلجأ الى اسلوب آخر لتلفت انتباه الزوج فتفتعل المشكلات عبر الأسئلة المتكررة مثل لماذا تأخرت؟ مع من تتكلم؟ أنت مقصر معي لا تفكر فيّ وغيرها من العبارات التي تنغص على الرجل حياته·
وتشير إلى أن المرأة النكدية تعيش حالة من الغضب المستمر، وهي مستعدة لشن حرب في أي لحظة وتفريغ الغضب قد يكون في الزوج أو الأطفال أو حتى في نفسها مما يجعلها متشائمة دائماً لا ترى الأمور إلا بمنظار سلبي وان من الأسباب التي تؤجج مشاعر النكد عند المرأة تصرف الزوج مثل طريقته بالكلام أو طبيعة عمله أو تجاهله لها·· إضافة الى أمراض المجتمع التي قد تصيبها ومنها الغيرة والحسد والحقد على من هم أفضل منها·
وتضيف ورغم ذلك فلا نبرئ الزوج من مشاركته في موال النكد المستمر أخذة عليه سلبيته في اخماد النكد وعدم مساعدة زوجته في التخلص من حالة التوتر لديها، بل أحياناً كثيرة يكون هو السبب في زيادة توترها، فالرجال بطبيعتهم لا يصبرون وسرعان ما يتركون البيت بحجة أنهم تعبوا ولا يتحملون المزيد من المشكلات، بينما يتركون زوجاتهم يغلين من الغضب·
وبسبب هذه الحالة النكدية التي قد تطرأ على الحياة الزوجية يخاف الكثير من الشباب الزواج حتى <لا يجلب من تعكر صفو حياته> والتي تحرق أعصابه بسبب وبدون سبب وبالمقابل يصبح الزوج غير محتمل مما يجري من قبل زوجته رغم ما تحتاجه الحياة الزوجية من مرونة وتجانس وروحانية وتذهب هذه الأمور أدراج الرياح عندما تكون الزوجة من النوع النكدي وبالطبع فإن انعدام الاستقرار داخل الأسرة يؤثر بشكل مباشر على الأولاد وتربيتهم·
الرأي الشرعي أن أولى لبنات الأسرة السعيدة تبدأ أولا بحسن اختيار الرجل لزوجته، وكذلك ولي المرأة يختار لها الزوج الصالح ، كما أعطانا رسولنا الكريم أسس اختيار الرجل لزوجته ففي حديثه الشريف:< تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ> < مُتّفَقٌ عَلَيْهِ> ·
وأضاف أن الحديث دلَّ على أن مصاحبة أهل الدين في كل شيء هي الأولى لأن رفيقهم ينتفع بأخلاقهم وطرائقهم ولا سيما الزوجة فهي أولى من تنتفع بذلك لأنها شريكة حياته وأم أولاده وأمينته على ماله ومنزله وعلى نفسها·
فالإسلام أوصى بضرورة الالتزام بقواعد الدين الإسلامي في فترة الخطوبة ، وضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية في معاملة الخطيب لخطيبته والعكس ، وكذلك الاستعانة ببعضهما البعض على طاعة الله في الذكر وفي الصلاة والصيام وفي الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لافتا إلى حرمة اختلاء الرجل بمخطوبته دون محرم حتى يبارك الله ذلك الزواج ويرضى عن هذا البيت المسلم ·
وكذلك الالتزام بالقواعد الشرعية في مرحلة الفرح والزفاف حتى لا يبدأ الزوجين حياتهما بمعصية الله· والإسلام يرفض تماماً ما يقال من إن الزواج يقتل الحب ويميت العواطف بل إن الزواج المتكافئ الصحيح الذي بنى على التفاهم والتعاون والمودة، هو الوسيلة الحيوية والطريق الطيب الطاهر للحفاظ على المشاعر النبيلة بين الرجل والمرأة، حتى قيل فيما يروى عن رسول الله #: <لم ير للمتحابين مثل النكاح>، والزواج ليس وسيلة إلى الامتزاج البدني الحسي بين الرجل والمرأة فحسب، بل هو الطريق الطبيعي لأصحاب الفطر السليمة إلى الامتزاج العاطفي والإشباع النفسي والتكامل الشعوري، حتى كلا من الزوجين هو لباس للآخر، يستره ويحميه ويدفئه، قال تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}، وتبادل مشاعر الحب بين الزوجين يقوِّي رابطتهما، فالحب أمر فطر الله الناس عليه، وهو رباط قوي بين الرجل وزوجته، فهو السلاح الذي يشقان به طريقهما في الحياة، وهو الذي يساعدهما على تحمُّل مشاقَّ الحياة ومتاعبها، وهو الذي ينمو حينما تحسن العشرة بينهما·
وإذا أردنا أن نختم مشاق الحياة ومتاعبها وهو الذي ينمو حينما تحسن العشرة بينهما وإذا أردنا أن نختم الحدث بنقول أن الإسلام قد قدم وصية للشباب والفتيات بضرورة الابتعاد عن الاختلاط والعلاقات غير الشرعية تحت شعارات كاذبة مضللة، وبدعوى الحب والتعارف، وأن هذا هو الطريق الصحيح للزواج الناجح، وهذا الأمر باطل، ومن دقق النَّظر فيما يحدث حولنا يجد أن خسائر هذه العلاقات فادحة، وعواقبها وخيمة، وكم من الزيجات فشلت؛ لأنها بدأتْ بمثل هذه العلاقات، وكم من الأسر تحطمت؛ لأنها نشأت في ظلال الغواية وإتباع الهوى·
المصدر : جريدة اللواء اللبنانية