ديانا أيوب - دبي
تتعرض الحياة الزوجية للكثير من التغيرات والتحولات بفعل تغير الظروف المحيطة بالزوجين، وكذلك ازدياد المسؤوليات المترتبة على كل منهما، وبدلا من أن يكون العشاء الرومانسي هو المشروع أو المفاجأة التي يحضرها الزوج لزوجته، تصبح متطلبات الأطفال واحتياجات المنزل هي أول الأمور التي تشغله وتشغل زوجته كذلك.
ومن الممكن القول إن الفتور الذي يطال العلاقة بين الزوجين يزداد بعد إنجاب الأطفال، لاسيما إن كانت المرأة عاملة، بحيث إنها تحتاج إلى الكثير من التنظيم كي تتمكن من القيام بأدوارها المختلفة، التي تتباين بين كونها أماً وامرأة عاملة وزوجة.
ويرى المواطن أبوراشد المتزوج منذ أربع سنوات، «أنه من الطبيعي أن تتغير الزوجة قليلا بعد إنجاب الأطفال وبعد مرور سنوات على الزواج، ولكن يجب أن يكون الثنائي قادراً على المحافظة على مستوى معين من العلاقة الخاصة». ولفت إلى أن الأبناء يحتاجون إلى الكثير من الرعاية ولكن هذا لا يبرر تغير العلاقة بين الزوجين، لأنه ليس من المنطقي أن تتغير المنظومة الزوجية بسبب دخول الأطفال والأبناء الى عالمهم.
أما علاء الشبول (أردني)، فاعتبر أنه بعد مرور سنوات على الزواج، يجب أن تحل الألفة في العلاقة بين الزوجين وليس الفتور، فليس من الضروري أن تتغير سلباً علاقة الزوجة بزوجها، فالتنظيم الجيد يجعلها قادرة على التوفيق بين مسؤولياتها، كما أن الأولاد يوطدون العلاقة بين الزوجين.
ولفت الشبول إلى أنه ليس من الضروري أن تعمل المرأة بعد إنجاب الأطفال، فهذا يجعلها مقصرة في واجباتها تجاه زوجها وبيتها، وبالتالي الاهتمام بالمنزل والأطفال أهم من عملها خارج المنزل».
دراسة الزواج
واعتبر المواطن عيسى سعيد، أن «الزواج القائم على التكافؤ بين الطرفين لا يمكن أن يتزعزع، لأنه يفترض على أي اثنين يرغبان في الزواج أن يقوما بدراسة مشروع الزواج تماما كأي مشروع تجاري، فمن الضروري ان يقوم الثنائي بوضع خطة تنظم الحياة الزوجية قبل وبعد إنجاب الأطفال». وأكد أن «المرأة العاملة والأم تستنزف بسبب كثرة المسؤوليات التي تترتب عليها، لذا ليس من الضروري أن تعمل بعد إنجاب الأطفال كي تتمكن ممن المحافظة على بيتها وأسرتها».
أما حسن بكري (لبناني)، فلفت إلى أن «الاحترام والتقدير بين الطرفين يخففان الفتور بعد مرور سنوات على الزواج، مشيراً إلى أن المرأة قد تتغير بعد إنجاب الأطفال، وحين يكونون صغارا ولكن حين يكبرون ليس من الضروري أن تهمل زوجها». ويعتقد بكري أنه على الزوجة ان تهتم قليلا بزوجها كي تبقى على الحد الأدنى من الاهتمام الموجه إليها».
بُعد نفسي واجتماعي
أكد رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش، أن «الجفاء الذي يحل في العلاقة بين الزوجين له بعد نفسي وليس فقط اجتماعيا، والسبب يعود للنشاطات الروتينية التي تربط الزوجين، حيث تتبدل العلاقة مع تبدل النشاطات والمسؤوليات، لاسيما إن كانت المرأة عاملة وتأتي في آخر النهار مرهقة».
ولفت العموش، إلى أن «النشاط الروتيني غالبا ما يفصل الزوجين عن العلاقة النفسية والعاطفية لفترة طويلة، لذا لا بد من كسر الجمود الروتيني ووضع برامج أسبوعية، كالعشاء خارج المنزل ولو لمرة في الأسبوع، أو الخروج للحدائق».
واعتبر أن «التخفيف من السلوك السلبي أمر مهم، كونه يخفف من حدة المشكلات بين الزوجين، والتي تترك أثرها في الأطفال بلا شك، حيث تكون تنشئتهم ناقصة اجتماعيا، وتجعلهم انعزاليين عن المجتمع وميالين إلى الوحدة».
من جهته أكد محمد قدور (سوري)،«ليست هموم الأطفال هي التي تغير العلاقة بين الزوجين، بل هناك عوامل اخرى ومنها اعتياد الزوج على زوجته، كما أن تغير المرأة بعد إنجاب الأطفال يساعد على ذلك». لذا اعتبر أنه «من الضروري أن تحافظ المرأة على زوجها من خلال اهتمامها بنفسها وبشكلها الخارجي، بالإضافة إلى وجوب الاهتمام بالأمور الزوجية والعائلية في المنزل، وترك هموم العمل ومشاغله خارج المنزل حتى لا تؤثر في علاقة الزوجين وتسبب مشكلات، أو تخفف من اهتمام كل منهما بالآخر».
أما رامي غازي (أردني)، الذي ترك زوجته بسبب الفتور في العلاقة بعد مرور ست سنوات على زواجه، قال إن «العلاقة القائمة على الوضوح والاحترام المتبادل، هي التي تجعل كلا الزوجين قادراً على المحافظة على الحياة الزوجية»، واعتبر أن «الأم العاملة من الممكن أن تهمل زوجها لأنه من الصعب عليها أن تعتني بزوجها بشكل جيد، فلن يتوافر لديها الوقت الكافي لذلك».
في المقابل، أكدت رانية حسن، (لبنانية)، أن علاقتها بزوجها تبدلت كثيرا بعد إنجابها الطفل الأول، قائلة «زادت مسؤولياتي وبت غير قادرة على تلبية احتياجات زوجي ما سبب الكثير من الخلافات». ولفتت إلى أن علاقاتها بزوجها بدأت تعود إلى طبيعتها بعد أن بلغ طفلها عامه الثاني، «حيث أصبح طفلي يحتاج إلى عناية أقل، وهذا وفر لي الوقت للعناية بزوجي وبنفسي أكثر من السابق، ما ساعد على أن تستقر الأمور وتخف النزاعات في المنزل».
وأضافت حسن «لا يمكن القول إنها مرحلة من الجفاء، ولكنها مرحلة من قلة العناية تسبب خلافات ولكن يجب أن تكون الزوجة متفهمة للمرحلة كي تخرج منها دون أن تخسر زوجها».
احترام وتقدير
ويؤكد الاستشاري في الطب النفسي الدكتور محمد النحاس، أن السر الأساسي الذي يؤدي إلى استمرار الحب بين أي ثنائي هو أن يكون مبنيا على التقدير والاحترام، لافتا إلى أن الكثير من الأزواج يميلون إلى رفع الكلفة في التعامل مع الشريك، ظنا منهم أنه بهذه الطريقة يوطدون العلاقة معه، بينما في الحقيقة أن العكس هو الصحيح.
وشدد النحاس، على أن «أكثر أنواع الاحترام يجب أن توجه لمن نحب، لأن تقدير الزوج لزوجته واحترامه لها يزيدان من حب الزوجة، وليس صحيحا أنه يدل على انصياع الرجل للمرأة»، موضحا أن «معظم الآباء يميلون إلى الانشغال بالمسؤوليات الحياتية على حساب الزوجة، لاسيما بعد إنجاب الأطفال، كما أنهم يعتقدون أن مهمتهم الأساسية هي جلب المال». لذا اعتبر النحاس أن الندوات والمحاضرات التي تقام من اجل التوعية بهذا الخصوص مهمة جدا لتوضيح أهمية الزوجة في المنزل، كونها قاعدة الأمان لثبات المنزل، وهذا سينعكس حتما على تربية الأطفال».
وأضاف «إذا عاشت المرأة دور الزوجة وفقدت إحساس الحبيبة، ستكون حياتها روتينية وستشعر بغربة نفسية، ما يجعلها تحس بأنها فاقدة لسبب الحياة، الذي يتلخص في العبادة والتي هي أساسا عبارة عن سلوك والتزامات»، مشيرا الى انه من الطبيعي أن تقصر الزوجة بحق زوجها حين تزداد عليها المسؤوليات، لاسيما إن كانت عاملة، لذا شدد النحاس على أن معيارية التقدير والاحترام عند التقصير هي التي تحكم مسار العلاقة، كما رأى «إن اعتذار الزوجة من زوجها في حال قصرت في واجباتها يعد من الأمور المهمة كي تحافظ على العلاقة سوية وقوية، كما أن الحوار بلغة الجسد من الأمور المساعدة على التعبير عن العناية الزوجية، وبالتالي فإن تشرب المرأة للعناية والدلال سيجعلها تعكس هذه العناية على تربية أطفالها».
واعتبر النحاس ان الجفاء يؤثر كثيرا في الأطفال كونه يدفعهم الى البحث عن علاقات صداقة بديلة خارج المنزل، كما أن كثرة المشاجرات والعنف بين الوالدين يولّد الإحساس بالعدوانية والاضطهاد والظلم، وهذا يؤثر في بناء شخصية الاطفال».
الإمارات اليوم