لها أون لاين
عندما يأتي ذكر المرأة يقترن بها فيض من حنان لا ينضب، ومشاعر حب تتدفق، وحضن كبير دافئ تغيب فيه معالم الخوف والبرد والجفاف.
صورة اقترنت بالمرأة ولا تزال، إلا أن بيوتاً الآن لا ترى من هذه الصورة إلا اللون البني القديم، الذي غابت عنه ألوان الحاضر الصاخبة، حيث احتل الجفاف البيوت والنفوس، فاكتسحت الصحراء خضرة القلوب. وجفت المياه على ضفاف المسؤوليات. وغصت الحناجر بالكلمات. فلا حوار في البيوت، ولا قدرة على التعبير عن الذات. وزادت التقنية جفاف الحروف، حين جعلت مشاعرنا وأفكارنا في أصابعنا، فلم تعد العيون تقرأ ما تخفيه نظرات العيون.
إن الجفاف الذي تعيشه الأسرة ينعكس سلباً على سير العملية التربوية والنفسية والاجتماعية، لأن افتقاد لغة الحوار والإحساس بالطرف الآخر، يجعل كل فرد يعيش وحيداً في عالمه من دون توجيه أو تصويب، في حين تعددت القنوات الإعلامية التي تبث سمومها، وتستهدف مختلف الشرائح العمرية من الجنسين، تستغل التصحّر الاجتماعي الذي خلّف جفافاً عقلياً وعاطفياً، مما ينعكس بشكل سلبي على السلوكيات.
وبحسب تعريف علماء النفس للجفاف العاطفي فهو: نقص حاد في شبكة العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين الأفراد، مما يؤدي إلى فقر في التواصل الاجتماعي والإنساني، كما يعتبر ظاهرة اجتماعية سلبية يعاني منها كافة أفراد المجتمع، وخاصة فئة الأطفال والمراهقين.
إن المرأة التي تشكو جفافاً تعيشه مع زوجها أو أبنائها أو محيطها، قد لا تدرك أنها وللأسف أصبحت جزءاً من صنّاع هذا الجفاف حين تمارسه في بيتها مع زوجها وأطفالها، في حين أنها المعني الأول في تبديد هذا الجفاف؛ إذا غمرت قلوب أسرتها دفئاً، لأن حبها وحنانها هو خط الدفاع الأول في وجه الانحرافات والاضطرابات النفسية والسلوكية التي يمكن أن تنال من أسرتها في سراب التصحر الاجتماعي.
من يبعث الدفء في هذا الشتاء البارد
- التفاصيل