د. عائض الردادي
لعل تعميم ما تقوم به بعض الجمعيات من عقد دورات للمقبلين على الزواج يتم فيها التعريف بحقوق كل طرف، وبالتعامل بينهما، وبحسن تصريف الأمور في المنزل وغيره يسهم في التقليل من طوفان الطلاق..
قبل شهور نشرت الصحف ملخصًا لإحصائيات تقرير صادر عن وزارة العدل مفاده أن نسبة الطلاق في عام واحد في منطقتي الرياض ومكة المكرمة كوّنت 52% من نسبته في المملكة، وأن نسبته في الرياض 29% وعدد الحالات 7085 حالة، وفي مكة 5749 حالة، بل إن بعض الإحصائيات أشارت إلى أن من بين كل 5 حالات زواج 4 حالات طلاق، وأن معدل الطلاق في الرياض وحدها 66 حالة يوميًّا، وكل ذلك يدل على خلل في العلاقة الزوجية، بحيث تنفك لأدنى سبب بعد الزواج، أو لإخفاء معلومة قبله.
وممّا يؤكد ارتفاع حالات الطلاق أن عدد الحالات التي صدرت فيها الفتاوى من المفتي العام للمملكة في عام واحد بلغت 4 آلاف حالة، وهذا لا يعني كل الحالات المعروضة للفتوى، كما أنه من ناحية أخرى يعني أن هذه هي حالات الطلاق الصعبة كطلاق الثلاث بلفظ واحد، أو وجود ملابسات، أو شبه حول الطلاق.
ارتفاع حالات الطلاق بين حديثي الزواج أمر ملاحظ. فبعض حالات الزواج قد لا تستمر إلاَّ أيامًا أو شهورًا، ولا شك أن هناك أسبابًا من أبرزها ضعف الثقافة في حياة ما بعد الزواج للزوج أو الزوجة، فقبل الزواج يعيشان على أحلام، ولا يفكران في ما لكل طرف على الآخر، وقد لا يتفقان في التفكير وفي الثقافة، وبعد الزواج كل طرف يطالب الآخر بمطالب قد لا تأخذ التدرج والواقعية، ولعلّ تعميم ما تقوم به بعض الجمعيات من عقد دورات للمقبلين على الزواج يتم فيها التعريف بحقوق كل طرف، وبالتعامل بينهما، وبحسن تصريف الأمور في المنزل وغيره يسهم في التقليل من طوفان الطلاق.
ومن أبرز الأسباب خداع الإعلام بتدمير القيم بين الناس وتوجيه الحياة الزوجية إلى الجانب الجنسي الحيواني، وعدم التركيز على جانب المودة والرحمة والسكن التي أوصى بها القرآن الكريم، أمّا آفات المخدرات ونحوها فهي ممّا لا يُعرف إلاّ بعد الزواج؛ ولذا فإن إدخال الكشف عنها قبل الزواج أصبح أمرًا واجبًا؛ لئلا يُخدع أحد الطرفين.
آفات الطلاق كثيرة من خداع، وإخفاء للمعلومات، ومن إدمان للمخدرات، ومن عدم تربية الزوجين ليكونا أبوين، وليعرف كل منهما حقه على الآخر، ولو عني بذلك بمثل العناية والبذخ في حفلات الزواج لقلّت حالات الطلاق، ولو عقدت دورات تثقيف ترسم الحياة الزوجية في إطارها الصحيح، وأنها لن تكون حياة خيال خالية من المشكلات، ولا حياة شقاء يشعر فيها الزوجان أنهما قد دخلا سجنًا، بل هي حياة مودة وتراحم وتعاطف وتغاضٍ عن الهفوات، وبذلك يسير المركب إلى شاطئ الأمان.
أضرار الطلاق ليست على المرأة وحدها، بل على الرجل أيضًا. ولكن الأكثر ضررًا الأطفال الذين يعيشون شقاء الحياة، وبخاصة إذا صاروا محل تنازع بين أبويهم، والطلاق لن يمتنع حصوله، ولكن سيكون في النسب المعقولة، وللأسباب المعقولة.
جريدة المدينة