عبدالكريم الملا
يعتقد البعض أن من أسباب الطلاق حدوث مشكلة كبيرة بين الزوجين،
فهل الواقع يوافق هذا الأمر؟
فهناك أمور تحدث بين الطرفين ولا يعطى لها أى اهتمام وينظر اليها بأنها غير مهمة.. ولكن فى النهاية توصل الى الطلاق.
ويستغرب أحد الطرفين، لماذا حدث الطلاق ليس هناك ما يبرر ذلك.... هل تدخل الاهل أو اطراف أخرى أو... نعم وباختصار شديد " عافت النفس " وخصوصا من قبل الزوجة... عافت النفس كلمة ولكن عند النطق بها تجدها ثقيلة وفيها من الألم والحزن الشديدين. وهى ليست متعلقة بالمال أو المسكن أو بعدم الصرف على الأبناء.... لكن باختصار شديد هى رسالة بعنوان لا تتجاهل انسانة تعيش معاك تحت سقف واحد لى من المشاعر والأحاسيس. أريد منك الحوار وحسن المعاملة ونحترم بعضنا البعض.
والغريب أن الدكتور جون جوتمان استاذ الطب النفسى بجامعة واشنطن توصل الى هذه النقاط الرئيسية، حيث أثبت أن هناك ثلاث علامات أساسية اذا ظهرت على أى أسرة ولم يحدث أى تدارك لها فنسبة الطلاق تفوق 90 %، والنقاط هي: —
1 — الهجوم الشخصى بدل الانتقاد: عندما يتحول الحوار من التأمل فى المشكلة ومحاولة حلها الى الهجوم على الطرف الآخر، فنسمع كلمة أنت للرجل، أنتِ للمرأة بدل أن ننظر الى المشكلة ونبعدها عن ذواتنا ثم نحللها ونضع الحلول. فالهجوم الشخصى يُوجد فى النفس الاحتقار والشعور بالدونية، مما يؤدى الى عدم الرغبة فى التواصل مع الطرف الآخر.
2 — اتخاذ المواقف الدفاعية دائما:الاجابة جاهزة وهى الرفض فى جميع الأحوال، مع الرفض يكون الدفاع وبشراسة.
وتأمل معى صورة الشخص فالوجه محمر والصوت مرتفع، وحركات لليدين والخوف بأن تتحول هذه الحركات الى ضرب. ثم يتحول رفع الصوت الى الهجوم، وهى رسالة واضحة مفادها بان جميع أقوالى وأفعالى صحيحة 100 %، وعليك ان تستجيب الى أوامري، وللأسف هنا من يعبر عن مفهوم القوامة.. وعلى الزوجة السمع والطاعة وأنه الرجل وكلمتى هى المسموعة، وهى بعيدة كل البعد عن مجريات الأحداث.
3 — الأمر الثالث مقابلة الطرف الآخر بالجمود واللامبالاة: قد تكون بحركات باليد (انصرفي...أو انصرف.... أو انجلع..)، أو الانشغال بقراءة الصحف أو استخدام الكمبيوتر( اللابتوب)، أو كلمة تقال وبكثرة من بعض الأزواج أو الزوجات وهى بعدين... بعدين... أقول بعدين... وقد يكون بعرض المشكلة فتتعب الزوجة أو الزوج فى عرض مشاكلهما.. ولكن رد الزوج خلاص (بسنه هذرة..) انه الجمود وعدم المبالاة.
اذا تأملت هذه النقاط الثلاث تجدها هى التى تولد الكراهية بدل الحب، والشك بدل الثقة، والخوف بدل الطمأنينة. يقول الله تعالى فى محكم التنزيل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا اِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً اِنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) يقول الامام البغوى فى تفسيره جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادان ويتراحمان، وما شيء أحب الى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما.
وهذه النقاط تبين لنا حقيقة الدراسة التى اجرتها جامعة الملك سعود بالرياض على مرضى الاكتئاب من النساء، فكانت النتيجة أن 85 % من المصابات بهذا المرض سببه المشاكل الزوجية. فما نجد من حالات من عدم اتزان الزوجة فى اتخاذ القرار أو مشاكل عاطفية مع الزوج أو عدم قدرتها على حل مشاكلها فهى نتيجة واضحة بسبب سوء المعاملة من قبل الزوج.
والغريب أن هناك دراسات اجريت على مجموعتين من الأسر وكلها تعيش فى نفس المشاكل، ولكن مجموعة تطلب الطلاق، ولا تري الاستمرار فى الحياة الزوجية، والمجموعة الثانية تتواصل بينها وتعيش حياتها وفى حركة مستمرة ونظرة مستقبلية، والسؤال الذى يطرح نفسه ما هو الفرق بينهما.
الفرق أن المجموعة الثانية تتحاور وتتناقش ويجلس الزوج مع الزوجة بدون النقاط المذكورة آنفا، ترى الغد المشرق وتنظر الى المستقبل بروح جديدة وأمل لا ينفد.
فالسؤال الذى يجب أن نجيب عليه كيف ننظر الى مستقبل حياتنا الأسرية؟ ومن اجابتك تعرف أين تسير والى أى هدف تسعى
عافت النفس
- التفاصيل