أحمد عباس
كثير من الزوجات فى بداية حياتهن الزوجية وارتباطهن بتكوين أسرة يقعن فريسة لعقول الأزوج الذين يرتبطون بهن، وهذا الانبطاح غير المبرر وغير المفهوم من جانب الزوجة لزوجها منذ أول أيام الحياة الزوجية غالبا ما تدفع الزوجة بعد فترة ثمنا باهظا بسبب تداعياته التي تؤثر على حياتها وشخصيتها وقراراتها.
لاشك أن الزوجة مأمورة شرعا وفطرتها كذلك تحثها على طافة الزوج والامتثال إلى أوامره والبحث عن إرضائه، لكن هل يعني هذا الامتثال أن تقبل الزوجة بمحق شخصيتها بالكلية وأن تتحول إلى مجرد تابع غير قادر على إبداء وجهة نظره والدفاع عنها في كل شؤون الحياة؟
من الواضح أن كثيراً من الأزواج قد لا يشعرون بأنهن رجالا مكتملي الرجولة إلا إذا مارسوا درجة من التسلط والاستعلاء على كل من هو أضعف منهم في الحياة، لكن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما يتصور الزوج أن هذه الإنسانة التي وهبها الله تعالى له والتي كان يجب أن يعتبرها نعمة من الله تستحق الشكر وأنها إنسانة ذات قلب وعقل وشخصية وإدراك وقدرة على التمييز والاختيار، يعتبرها مجرد تابع له ويحرمها من حقها في أن تعبر عن نفسها وأن تكون قادرة على التأثير في مجريات الحياة الزوجية.
أحيانا يقول الزوجة لزوجته ومنذ بداية الحياة الزوجية: "أكثر شيء أحبه هو أن تستمعي إلي وتنفذي ما أقول على طول الخط بدون مناقشة"، والزوجة في بداية هذه العلاقة تكون محبة لزوجها تراه كالملاك وتريد أن تضمن ترشيخ أواصر علاقتهما، وبالتالي فهي تنساق وراء خيالها الذي يصور لها أن انعدام شخصيتها وانبطاحها الكامل أمامه، وترنح مواقفها أو انعدامها أو ضعفها سيجعله يحبها أكثر ويتمسك بها بصورة أكبر.
ثم بعد فترة قصيرة وأحيانا تصل إلى عدة أشهر تبدأ هذه الزوجة التي قبلت منذ البداية أن تنسى نفسها وتذوب شخصيتها وتفقد كينونتها ووجودها، تبدأ في الشعور بالاكتئاب والحزن، بل غنها ستدرك أن زوجها نفسه بدأ يمل منها إما بالبحث عن أصدقائه القدامى أو الحنين إلى عائلته الأساسية أو الانخراط في مزيد من العمل وأحيانا قد يبحث عن الزواج من أخرى بسبب أنها وجد نفسه يعيش مع كائن لا يقدم جديدا ولا يستطيع أن يؤثر أو يبدي موقفا في الحياة.
في هذه المرحلة قد تحاول الزوجة أن تعود للبحث عن نفسها وذاتها وتتساءل عن السر وراء خلطها بين طاعة الزوج واحترامه وإرضائه من جهة وبين الانبطاح التام أمامه وإلغاء شخصيتها بالكلية من جهة أخرى، وفي كثير من الأحيان عندما تحاول أن تغير من أسلوب حياتها معه لا تستطيع ذلك لأن الأوان يكون قد فات، فهل الطاعة العمياء للزوج وسيلة للتقرب منه وتقليل المشاكل فيما بين الزوجين أم أنها تثير أزمات أكبر وأخطر؟
لاشك أن هذا الانبطاح والطاعة العمياء للزوج ليست حلاً كما أن العناد والاعتراض الدائم على ما يقوله الزوج هو أيضًا ليس حلاً للمشكلات، وبالتالي لابد أن تعتاد الفتاة على التعامل بشخصيتها الحقيقة مع زوجها أو الشخص الذى تود الارتباط به حتى يستطيع الطرفان التعرف على بعضهما البعض بشكل صحيح ويصلا معا إلى خط اتفاق فيما بينهما يسيرون عليه طوال حياتهما.
لابد أن تتعامل الفتاة مع زوجها بطريقتين الأولى أن تنفذ له رغباته والثانية ألا تلغى رأيها دائمًا، لأن هذا يجعل الزوج يأخذ فكرة عن زوجته بأنها عديمة الشخصية وليس لها رأى، وفى نفس الوقت لا يمكن أن تكون دائماً معارضة له وتريد أن تسير كما تريد هى بمفردها.
وتظهر المشكلة الحقيقة عند الزوجات عندما تكون عاجزة عن معرفة الظروف والأوقات المنتاسبة للاعتراض أو عرض الآراء أو درجة التمسك بها أو أسلوب عرضها على الزوج بشكل لا يثير المشكلات.
تعاني كثير من الفتيات في المراحل الأولى من الحياة الزوجية من انعدام الثقة بالنفس، فتشعر الفتاة أنه لا يوجد أحد يمكن أن يحبها على طبيعتها، وهذا ما يدفها نحو أي تغيير من نفسها من أجل أن تنال إعجاب الزوج وهذا يعتبر أكبر خطأ تقع فيه الفتيات المتزوجات حديثا، وعليهم أن يعرفن أن هناك تنازلات تقدم من قبل كل طرف لاستمرار الحياة الزوجية، ولكن هذه التنازلات يجب أن تكون في نطاق الممكن والذي لا يؤدي إلى تغيير أسس كل شخصية.
الانبطاح التام أمام الزوج.. هل هو مفيد؟
- التفاصيل