إن النوع الإنساني مضطر إلى التعايش والتآلف والإجتماع في إكمال المعيشة، وإتمام وانتظام البنيان، فيحتاج إلى قيادة تقيم أموره على التقدم والتطور، فإن استعمال الأنظمة واللوائح والوسائل الحديثة، وإن كانت من ضروريات العمل المؤسسي ومن بديهيات الإدارة العص
رية فهي لا تستوعب حقيقة النجاح، وتحقيق الأهداف في القيادة والإدارة، فهناك جوانب أخرى في القيادي تكون موضوع ضرورة وأهمية للنجاح، فالصفات الفطرية الموجودة داخل القيادي والإداري قد تهيأت بطبيعتها الربانية للقيادة والإدارة، ومع المعرفة والخبرة تكفي للتفوق والنجاح.
فالفطرة والصفات الموهوبة مصدر ضروري للقيادي الناجح من خلال امتلاكه معالم النجاح من الاستيعاب والفراسة والنضج والصدق والأمانة والضمير اليقظ، وهي تلك الصفات التي اتصف بها جميع الأنبياء والمرسلين، ويدل على هذا اختيار النبي " صلى الله عليه وسلم" بعض القادة وتقديمهم على من هو أقدم منهم إسلاماً وأكثر علماً وورعاً للصفات الفطرية التي ولدت معهم.
والقيادة الحقيقية ليست أوامر ونواهي، ولا وسيلة بناء مجد ذاتي، وإنما هي تنفيذ أعمال من خلال الآخرين، وتحقيق الأهداف بأعلى كفاءة وأقل تكلفة وأسرع وقت، فبعض الناس يولد قائدًا ببراعة وموهبة، وبعضهم يتعلمون القيادة، وهناك أناس لا يستطيعون أن يملكوا زمامها، وهناك أناس لا يستطيعون حتى مجرد التفكير بأن يكونوا قادة، «كل ميسر لما خلق له» ويمكنك أن تلمس بعض هذه القيادة الفطرية في بعض قادة العالم العظماء من الشرق والغرب في القديم والحديث كعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وصلاح الدين وغيرهم.
ومن ركائز القيادي الاعتماد على الذكاء الفطري والحسي، فهي علم وكياسة وذوق، وألا يكون بخيلاً ولا جاهلاً ولا جافياً ولا خائفاً، ويكون من الأقوياء في أبدانهم وعقولهم، والشفقة مع الآخرين والعناية بهم والتآلف والرفق، والرفق أصل في القيادة والإدارة، لأن القسوة إذا أفرطت نفّرت، وكذلك الرقة إذا أفرطت أطمعت، فخير الأمور الوسط، والقدرة على الاتصال والتواصل، فهي التي تفجر الطاقات داخل الناس، وتحول الأفكار إلى أفعال، ولأن الحياة الإنسانية في جميع صورها لا تقوم إلا بالتعاون، ولا تستقيم إلا بالنظام، ومن المهم ترك الغرور والاستبداد وإقصاء من قبلك ومن بعدك، والتغيير ممكن، ولكن بموضوعية وتشاور، دون الوعود الزائفة.
فيا أيها القيادي الناجح لا تتكلم دون تفكير، ولا تتهرب من المسؤلية، ووازن بين المصالح وحماية مصالح من معك، فالإخلاص والولاء والتفاؤل والحب من صفات القائد الناجح، وإن من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه لا لمن يُبصره.
*رئيس التحرير
مجلة الوعي الشبابي