محمد السيد عبد الرازق
(كنت أظن أن أكثر الأحداث مأساوية للإنسان هو أن يكتشف بئر نفط أو منجم ذهب في أرضه بينما يرقد على فراش الموت، ولكني عرفت ما هو أسوأ من هذا بكثير، وهو عدم اكتشاف القدرة الهائلة والثروة العظيمة بداخله!) [زيج زيجلار].
بهذه الكلمات يلفت الكاتب والمدرب الشهير زيج يجلار، انتباهنا إلى حقيقة مهمة وخطيرة، تتعلق بحاضر ومستقبل كل شاب بل كل إنسان.. إنها قدراتك الهائلة اللامحدودة.
هل فكرت أن تبحث يومًا عن ذاتك؟
أن تعرف من أنت وما هي قدراتك؟
أن تبذل مجهودك في مضاعفة إمكاناتك؟
تعرف على نفسك:
من أنا؟!
أنت...
أنت من خلقك الله لتحقق مراده في هذه الحياة، أنت ذلك الإنسان المكرم {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
أنت من أسجد الله لأبيك الملائكة، واستخلفك في الأرض، وهيأك لأعظم مهمة وأروع رسالة { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 30].
يقول سيد قطب رحمه الله: (وإذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود، زمام هذه الأرض، وتطلق فيها يده، وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين، والتحليل والتركيب، والتحوير والتبديل وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات، وكنوز وخامات، وتسخير هذا كله- بإذن الله- في المهمة الضخمة التي وكلها الله إليه.
وإذن فقد وهب هذا الكائن الجديد من الطاقات الكامنة، والاستعدادات المذخورة كفاء ما في هذه الأرض من قوى وطاقات، وكنوز وخامات ووهب من القوى الخفية ما يحقق المشيئة الإلهية.
وإذن فهنالك وحدة أو تناسق بين النواميس التي تحكم الأرض- وتحكم الكون كله- والنواميس التي تحكم هذا المخلوق وقواه وطاقاته، كي لا يقع التصادم بين هذه التصادم بين هذه النواميس وتلك وكي لا تتحطم طاقة الإنسان على صخرة الكون الضخمة! وإذن فهي منزلة عظيمة، منزلة هذا الإنسان، في نظام الوجود على هذه الأرض الفسيحة. وهو التكريم الذي شاءه له خالقه الكريم) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/56)].
أنت أخي الشاب، من فضلك ربك وكرمك وأعلى من شأنك ومنحك القلب والعقل والروح..
أنت ذلك الإبداع الذي يُنتظر منه أن يكون جزء من عمارة الأرض وصناعة الحياة، جزء من النمو والبناء.
على قمم الجبال
على قمم الجبال هناك ينتظرك المجد، ينتظرك أثرك في هذه الحياة، إضافتك الرائعة ولمساتك المؤثرة، ينتظرك شباب مروا قبل ورحلوا وما زالت آثارهم في الأرض باقية، ما كانوا أفضل منك في شيء، بل ربما أنت أفضل حالًا من كثير منهم.. فهل تصدق؟
(هل تصدق أن رجلاً عبر بحر المانش وقد بُترت إحدى قدميه..؟!
هل تصدق أن عجوزاً جاوزت السبعين تتسلق أعلى القمم؟!
هل تصدق أن أعمى يصل إلى قمة (ايفرست)؟!
هل تصدّق أن كفيفة صماء بكماء نالت أكثر من شهادة دكتوراه، وألّفت عشرات الكتب؟
هل تعرف المشلول الذي ترأس أعظم دولة في عصره؟!
وهذا (بلزاك) أعظم الروائيين الفرنسيين كان مصاباً بمرض نفسي خطير (الذهان الفكري) وغيرهم كثير.
هذا هو الشرفُ الذي لا يُدّعى ... هيهاتَ ما كل ُّالرجالِ فحولُ) [النجاح قدرك .. فانطرق، د. إبراهيم وهب، مجلة إدارتي].
لا... للأعذار:
إن القدرات التي حباك الله إياها، تنتظر منك تفعيلها وتحريكها في أرض الواقع، أن تستثمرها حق الاستثمار، حتى إن كانت بداياتك بسيطة، فالعبرة بالنهايات.
ما الفرق بين من يملك قدرات كبيرة لم يستخدمها وبين آخر قعيد لا يستطيع التحرك، ما الفرق إذا لم تفعل قدراتك في واقع الحياة فتنفع نفسك وغيرك وأمتك؟!
يحاول نيلَ المجدِ والسيفُ مغمد ... ويأملُ إدراكَ المنى وهو نائمُ
أمريكا واليابان
(لو استوقفْتَ أمًا أمريكية وسألتها عن سبب تميُّز أو ضعف أداء ابنها الدراسي لقالت مباشرة: إن ذلك يعود لضعف أو قوة قدراته الفطرية... ابني ذكي، ابني متوسط الذكاء.
ولو سألت أمًا يابانية لوجدت عندها الخبر اليقين؛ فالإجابة وبالاتفاق عند كل الأمهات اليابانيات: إن التميُّز أو الضعف يعود إلى حجم الجهد المبذول؛ لذا فالقاعدة عند جميع اليابانيين تقول: إن الإنجاز ممكن لو بذل جهدًا إضافيًا وصبر على المصاعب، وفي هذا يقول أعظم مخترع في التاريخ (1093 اختراع): إن ماحققته يعود إلى 1% إلهام و99% جهد) [النجاح قدرك .. فانطرق، د. إبراهيم وهب، مجلة إدارتي].
انطلق!
هيا أيها الشاب، انطلق! فكل لحظة من عمرك محسوبة وكل سنة تمر لا تساويها كنوز الأرض، دع عنك الخمول والإحباط والكسل...
أنزع من قاموس حياتك كل كلمة قيلت لكسر إرادتك وإحباط عزيمتك، كل كلمة كانت سببًا في كسر نابك أو خلع مخلبك أيها الأسد.. فأنت أسد لا معزة عاجزة كسيحة.
من اليوم أخي الشاب انطلق..
واهجر كلمة لا أستطيع..
وطلق كلمة غدًا..
واطرح كلمة لا أقدر..
ولا تستمع لأصوات الكسالى، وهمهمات الضعفاء، ولا تلتفت لهم فيشغلوك عن الصعود.. فقط انطلق واصنع الحياة...
قوافل الناجين وموكب الصاعدين في انتظارك.. فابدأ المسير على بركة الله ولا تتأخر.
انطلق!
انطلق!
- التفاصيل