سارة عوض – القاهرة
دائمًا ما ينطوي سلوكنا وأدائنا على مشاعر متباينة، لتمثل الغلاف الخارجي لأفكارنا، ولا تزال نفوسنا تنضح بمزيدٍ من المشاعر المتناقضة والانفعالات، وما يُصاحبها من زلات وأخطاء، لنبحث عن طريقة لترويض المارد الثائر بداخلنا، لكن التحكم في المشاعر مهارة لا يملكها كثيرين، والمقصود هنا بالتحكم ليس الكبت، فهناك فرق كبير بين كبت المشاعر والتحكم فيها.
في البداية يرى خبير التنمية البشرية د.أيمن علي أن التحكم في إظهار المشاعر، يختلف تمامًا عن الكبت، فالتحكم هو سمة من سمات الشخصية القوية، وتصل بالشخص إلى القدرة على عدم إظهار مشاعره في الوقت الذي يُريده، مع الاحتفاظ بها بداخله، ما يصعِّب على من حوله اكتشافها، ويصبح شخص غامض بالنسبة لهم، فهي مهارة تحتاج إلى مزيدٍ من التدريب والتعود على اكتسابها.

اضطرابات نفسية
ويوضح أن هذه المهارة تُفيد في حالات كثيرة، فليس من المستحب أن يكون الفرد بمثابة كتاب مفتوح لكل من حوله، أما الكبت فهو حالة نفسية غير صحية، يلجأ صاحبها لإخفاء مشاعره، سواء كانت إيجابية أم سلبية، لكنه لا يجيد التحكم فيها، ومع الوقت تتراكم؛ لتصل في النهاية إلى حد الانفجار، مهما حاول إخفاؤها، ما قد يصيبه باضطرابات نفسيه عديدة، تؤثر سلبًا على صحته النفسية.

من ناحية أخرى، هُناك نوع آخر من أنواع التحكم في المشاعر، وهو العمل على تعديلها، من سلبية إلى إيجابية، وهو نوع آخر من السلوك البشري الإيجابي، يُساعد على الفصل بين العاطفة والعقل في الحكم على الأمور والتعامل مع الآخرين، فهذه سمات الشخص الناجح والذكي، فالتعامل مع الحياة والتأقلم معها؛ اعتمادًا على العاطفة من الأساليب الخاطئة في إدارة النفس، لذلك من الأفضل حينما تريد أن تحول ما بداخلك من مشاعر سلبية إلى إيجابية، أن تتناسى تمامًا عيوب الشخص أو الموضوع الذي تشعر تجاهه بهذه المشاعر، محاولًا أن تذكر نفسك دائمًا بالإيجابيات، وتغض نظرك عن نقيضها.

ويضيف "علي" أن اكتساب سمة التحكم في المشاعر، يجب أن يأتي بالتعود والتدريج، وإليك بعض الخطوات التي تُساعدك في التدريب على التحكم بمشاعرك مع الاحتفاظ بها في نفس الوقت:

- تذكر دائما إيجابيات الشخص أو الموضوع الذي تشعر تجاهه بمشاعر سلبية وبدلها في داخلك بالإيجابيات، تذكر مثلًا موقفًا إيجابيًا لذلك الشخص في تاريخه معك، متناسيًا تمامًا أية مشاعر سلبية في تلك اللحظة، وإذا لم تنجح في ذلك، فيمكنك أن تُشغل عقلك بشيء آخر، محاولًا ألا تظهر أي انفعال أمامه.

- دائمًا ينصح علماء النفس، بضرورة أخذ نفس عميق عندما يمر الشخص بموقف صعب، لذلك فمن الأفضل لك أن تهدأ قليلًا، وتأخذ نفسًا عميقًا مع تنظيم عملية التنفس ببطء، قبل أن تظهر أي مشاعر، حتى تستطيع في النهاية أن تتحكم في انفعالاتك.


سلوكيات غير واعية
من ناحية أخرى، يرى استشاري التنمية البشرية وتطوير الذات إسلام حسن، أن التحكم في المشاعر، من سمات ضبط النفس، وقدرة الفرد على التحكم في مشاعره وأحاسيسه وسلوكياته بشكلٍ واع، فأغلب السلوكيات الأفراد حاليًا غير واعية، نتيجة للمتغيرات المجتمعية، والضغوط التي نمر بها، فأصبح من الصعب على الفرد أن يسيطر على انفعالاته ومشاعره، سواء كانت إيجابية أو سلبية، كما أن الإفراط في إظهار هذه المشاعر، حتى وإن كانت إيجابية، نوع من أنواع عدم القدرة على التحكم في تلك المشاعر وضبط النفس، ما يولد نوعًا من التعلق شبه المرضي وإدمان هذه المشاعر، وصعوبة التخلص منها.

ويُضيف: دائمًا ما تتكون المشاعر لدينا بأنواعها نتيجة أمر عقلي في المقام الأول، وهو ما ينفى عدم قدرة البعض على التحكم في مشاعرهم وتنظيمها، وهو ما ينطبق على مشاعر الحب، فغالبًا ما نسمع جملة "الحب من أول نظرة"، وما قد يحدثه من اضطرابات عاطفية للمحب، تجعله مع الوقت يفقد السيطرة على مشاعره، خصوصًا إذا فشل ذلك الحب، فتجده يرفض الحياة بكل ما عليها، لكن في الحقيقة ما يسمونه "الحب من أول نظرة" ما هو إلا انجذاب عاطفي يحدث بين طرفين، يُصدقه العقل، ويعطي المخ الأمر للقلب؛ ليحدث القبول العاطفي.

وبشكلٍ عام، يُمكن للفرد أن يضبط انفعالاته بالتدريب، فعليه أولًا أن يسأل نفسه لماذا يشعر بهذه المشاعر؟.. ثم يجد نفسه تدريجيًا هدأ قليلًا؛ ليُفكر ماذا يفعل دون انفعال.

أيضًا مشاعر الانفعال أو الثورة السريعة على شيء تافه، هي في المقام الأول مُكتسب، فعليه أولًا أن يتنفس بعمق وبشكل هادئ، على أن يكون الزفير أقل قليلًا من الشهيق، ليجد نفسه تدريجيًا هدأ قليلًا؛ كي يبدأ يُفكر ماذا سيفعل دون انفعال؟.

 

الوعي الشبابي

JoomShaper