أحمد الدسوقي
قلوبهم كالحجارة بل هي أشد قسوة.. غلاظ لا يعرفون الرحمة.. تركوا لشهواتهم العنان فأصبحوا أسرى لها، وترجموها إلى أفعال شيطانية تغتال أجسادا ضعيفة كل ما جنته أن حظها العاثر أوقعهم في طريق هؤلاء.

اعترافاتهم تمتزج بالندم تارة وبالخوف من المصير المحتوم تارة أخرى.. يعلمون أنهم ارتكبوا جريمة لا تغتفر ويستحقون أقسى عقوبة.. وراء كل منهم قصة تبرز دوافعه وأسباب ارتكابه جريمته.. تركناهم في هذه السطور يسردون وقائعها وتفاصيلها...

 

الاغتصاب أو الحرق

سيدة تسير بجوار أحد الحقول، خرجت من منزلها لشراء بعض الأعشاب التي تساعد في علاجها من مرض عصبي تعاني منه، وكان الشيطان في انتظارها..تتبع خطواتها.. لم يكن ينوي سوى أن يفترس ضحيته.. رفضت السيدة وقاومت، حاولت الفرار فلم تنجح، وهنا قرر أن يقتلها أو أن ترضي شهواته.. فاختارت الحرق حتى الموت؟!.

البداية كانت بلاغا بحريق شب بأحد الحقول.. أسرعت قوات الإطفاء قبل أذان الفجر لإخماد النيران التي اشتعلت في عشة مهجورة، وامتدت لعشتين أخريين وأتلفت محصول الأرض.. ضباط الشرطة عاينوا المكان على ضوء كشافات الإضاءة للعثور على أي دليل يفسر اشتعال النيران، وفجأة تتعثر قدم أحدهم في كومة عرف رجل الشرطة من أول وهلة أنها أشلاء جثة محترقة تبين أنها لسيدة أصيبت بطعنة في بطنها وضربة قوية على رأسها، ثم قام القاتل بفصل يديها وقدميها عن جسدها بعدما احترقت!.

يعترف الجاني أنه يتعاطي المخدرات وفي تلك الليلة خرج هائما على وجهه، يقول: عندما رأيت تلك السيدة تعقبتها وحاولت اغتصابها إلا أنها قاومتني بشدة، فلم أشعر بنفسي إلا وهي جثة هامدة.. لم أكتف بقتلها وشرعت في تمزيقها ثم أسرعت بالهرب إلى الحقول، وسقطت من شدة الإعياء لأستيقظ في اليوم التالي ورجال الشرطة يحاصرونني.. كنت أظنه كابوسا مؤلما سرعان ما سيزول، لكني وجدته واقعا مؤلما.

بعد فترة من الصمت بدا فيها وكأنه يسترجع أحداث جريمته استطرد في ندم: أنا أستحق الموت؛ لأنني تركت نفسي فريسة للمخدر اللعين وللشيطان.. اشنقوني حتى أرتاح فمثلي لا يستحق الحياة.

"عزومة على الخطيبة"

"سيد".. ذئب آخر استدرج خطيبته لمشاهدة شقة الزوجية.. صدقته وذهبت معه وهناك وجدت ثلاثة من الشباب أوهمها خطيبها أنهم أصدقاؤه جاءوا لمساعدته في إنهاء الأعمال في الشقة، لكنهم كشفوا عن وجههم القبيح وتناوبوا اغتصابها بمشاركة خطيبها، وبعد ثلاثة أيام ألقت الفتاة بنفسها من النافذة ونقلها المارة إلى المستشفى مصابة بكسور من أثر السقوط.

الخطيب الذئب اعترف بجريمته، وساق شكوكه في سلوك خطيبته مبررا لاغتصابها، فقد علم أنها ليست فوق مستوى الشبهات، فقرر أن ينتقم منها على طريقته، وكان ينوي اغتصابها وحده وحينما باح بنيته أمام أصدقائه طلبوا الذهاب معه ليشاركوه افتراسها جميعا.

وعلى عكس الجاني السابق لم يبد الشاب أي ندم، وخلت كلماته من أي شعور ولو بسيط بالذنب، بل على العكس شرع يؤكد أنها نالت ما تستحقه بعد أن اكتشف خيانتها له.

أحببتها وانتقمت منها

"نعم ذنبها أنني أحب أمها".. هكذا اعترف الذئب البشري بجريمته عندما تقدم لخطبة من يحبها ورفضته وتزوجت من جارها، أضمر لها الحقد من وقتها وانتظر في إصرار لحظة ينفذ فيها انتقامه.. مرت السنوات ورزقت الزوجة بطفلة جميلة، ولكن الذئب البشري لم ينس رغبته المريضة وقام باستدراج الطفلة ذات السنوات الست بحجة إعطائها الحلوى فذهبت معه ببراءة الطفولة المعهودة إلى مكان مهجور، وهناك انقض عليها بوحشية فشرع ونجح في اغتيال براءة تلك الزهرة الصغيرة، والأخذ بثأره المزعوم.

اعترف الجاني بجريمته مؤكدا أن رفض والدة الطفلة جَرَحَه في رجولته وكرامته، فأراد أن يحرق قلبها على طفلتها كي يظل وجعا يطاردها ليل نهار.

مجرم من أيام الطفولة

"أنا واحد عاش بين المجرمين، عايزين أكون إيه".. هكذا لخص جريمته في كلمات ساق فيها مبررات فعلته الدنيئة، يقول: أنا رجل لا أعرف إلا القسوة، أما الدموع فقد نسيتها منذ زمن بعيد، لا أعرف من هو أبي ومن هي أمي، تربيت في مدرسة الشارع منذ أن كان عمري ثلاث سنوات، عشت مع المجرمين والمسجلين خطر وتعلمت منهم كافة صور وأشكال الإجرام، بدأت طريق الانحراف الحقيقي بالنشل في المواصلات العامة، وعندما وصل عمري 12 سنة ارتكبت أول جريمة هتك عرض لفتاة صغيرة وهربت بعدها، ومن وقتها أدمنت الاعتداء على الفتيات والسيدات حتى وصلت جرائمي إلى 23 قضية.

تلك كانت بعض اعترافات "جمال" الذي اشتهر إعلاميا باسم "ذئب الطريق الصحراوي"، والذي قام بإرهاب ركاب سيارة أجرة كانت في طريقها إلى الفيوم واستولى على متعلقات الركاب، وقام بخطف سيدة ومعها والدتها وطفلتها وقام بهتك عرضها واغتصابها عدة مرات، ولم يلق بالا لصرخاتهن، ولم تشفع لديه توسلات والدتها العجوز ولا صرخات طفلتها الصغيرة التي طالبته أن يرحم أمها المسكينة.. ولكن قلبه الصخري لم يستجب لهما.

عصابة الأربعة

"كنا نشرب الشاي سويا أنا وأصدقائي طارق وسيد، فكرنا كثيرا في كيفية قضاء ليلتنا وخاصة بعد أن لعبت المخدرات برؤوسنا.. فقررنا قضاء سهرة ممتعة واقترح صديقي اصطياد فريسة من الشارع، وبالفعل وقع اختيارنا على جارة لنا اعتدنا على حضورها متأخرة من عملها، وبالفعل في الوقت المحدد لعودتها وضعنا شجرة أمام التاكسي الذي كانت تستقله، ثم قمنا بتهديد سائقه بالقتل إذا لم يتركها ويرحل عن المكان بسرعة.. هرب سائق التاكسي تاركا الضحية لنا، وبعد مقاومة شرسة منها نجحنا في السيطرة عليها.. تضرعت لنا كي نتركها لحالها فهي شريفة ومتزوجة من إنسان محترم، وبرغم علمنا بذلك دون حاجة لتأكيدها أخذناها إلى منطقة نائية وقمنا بالاعتداء عليها واغتصابها بعد أن استدعينا زميلا رابعا لنا، وفي النهاية قمنا بسرقة مصوغاتها الذهبية وهاتفها المحمول وألقينا بها في الشارع.

يضيف: "أنا نادم على جريمتي التي ارتكبتها، فمستقبلي ضاع، أصبحت مجرما، وجلبت العار لأسرتي، وأصبحت ذئبا ينتظر الإعدام بسبب سيطرة الشيطان الذي زين لنا فعلتنا وأعمى عقولنا وقلوبنا، ولا أنسى مشهد هذه المرأة وهي تقف باكية لا تستطيع أن تدافع عن شرفها.. ليتني ما تعاطيت تلك المخدرات اللعينة فهي السبب وراء كل المصائب".

اغتصاب في التسعين

الذئاب البشرية عمياء تجري وراء غريزتها دون عقل وتصطاد ضحاياها دون تمييز، بدليل ما ارتكبه "مرزوق" 44 عاما (نجار ومتزوج وعنده ولدان) ومع ذلك قام باغتصاب سيدة عجوز عمرها 97 عاما..!

نعم قام بهتك عرض سيدة عجوز بلغت من العمر أرذله.. مؤكدا أنه كان واقعا تحت تأثير المخدرات، فبعد أن تعاطى الكيف الذي لعب برأسه شرع في القيام بأفعال غير مفهومة، بدأها بالرقص الهستيري، ثم خرج من شقة أصدقائه إلى المقابر، وهناك شاهد سيدة عجوزا تجلس على كرسي خشبي في حجرة صغيرة مظلمة، لعب الشيطان برأسه وصور له تلك العجوز شابة جميلة ومغرية، فاقتحم غرفتها وقام بتجريدها من ملابسها واعتدى عليها جنسيا لمدة ساعة كاملة..! مرزوق اعترف بجريمته البشعة مؤكدا أنه لم يكن في وعيه، ولم يكن يتصور أن تتحكم فيه المخدرات إلى تلك الدرجة التي تجعله وحشا آدميا يروح ضحيته الأبرياء بلا أي ذنب أو جريرة.

لغة الأرقام

اعترافات قاسية مخجلة تدفعك للاشمئزاز من قلوب متحجرة، وتجبرك على البكاء أسفا على بريئات وضحايا دفعن ثمنا باهظا لرغبات مكبوتة، وميول عدوانية شرسة، ومخدر لعين تحكم في أجساد وساقها لارتكاب تلك الجرائم التي تؤكدها لغة الأرقام.

فقد أشارت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى حدوث طفرة كبيرة لجرائم الاغتصاب بسبب انتشار البطالة والمواقع الإباحية علي الإنترنت، وأكدت أن ما يتم رصده إحصائيا بصورة رسمية لا يمثل سوى نسبة 5% من الحوادث، والحالات الأخرى لا يتم التوصل إليها إما لعدم الإبلاغ أو لأن الجريمة وقعت من أحد أقارب المجني عليها، أو لأن المجني عليها طفلة فيتم التكتم على الواقعة خوفا من الوصمة والعار الذي قد يلحق بكافة أفراد الأسرة.

تشير الإحصائيات أيضا إلى أن أعمار المغتصبين تتراوح ما بين 25 إلى 40 سنة، وأن 70% منهم من العزاب لم يسبق لهم الزواج، وأن 52% يعملون في أعمال حرفية، بينما تصل نسبة الأمية بينهم إلى 34%.

وطبقا للدراسة فإن نسبة الاغتصاب الجماعي بلغت 43% والجناة فيها أشخاص لا تربطهم صداقة، أما الاغتصاب الثنائي فيمثل 16% والفردي 33%.

واللافت أن 74% من الجناة أشاروا إلى أن ما شجعهم على ارتكاب الجرائم هو انعدام التواجد الأمني في العديد من المناطق، كما أشار 6.2% إلى أن المجني عليها كانت مريضة نفسيا لا تدري بما يحدث لها.

انحراف نفسي

عرضنا الحالات السابقة على علماء النفس والاجتماع لشرح شخصية تلك الذئاب البشرية..
الدكتورة سامية الساعاتي رئيسة قسم الاجتماع بآداب عين شمس ترى ضرورة الاهتمام بكل حالة من حالات الاغتصاب على حدة ومعالجة أسبابها؛ لأن كل جريمة في رأيها تختلف عن الأخرى.

وتوضح أن الاغتصاب مرض اجتماعي وانحراف نفسي يجب التصدي له؛ لأنه مسئولية مجتمعية تقع على الأسرة التي لا تراقب ابنها الذي ينمو ويتحول إلى وحش آدمي، وكذلك المدرسة التي لا تهتم بالتلميذ الذي يقترن برفقاء السوء فيدفعونه لارتكاب الجرائم والأخطاء.

أما الدكتور فكري عبد العزيز -استشاري الطب النفسي- فيؤكد أن الاغتصاب عبارة عن دوافع بوهيمية لا شعورية ملحة تفرض على الإنسان حاجة، والمغتصب ينتهز الفرصة والمكان ويرتكب جريمته بلا وعي، يستنفد طاقته ثم يندم على جريمته ويشعر بألم نفسي شديد عند المواجهة، ويغضب بشدة وهو يتخيل الجريمة التي ارتكبها.

ويضيف الخبير النفسي أن المتهم بالاغتصاب يعاني من غرائز مكبوتة غير سوية يصاحبها رغبات ملحة يريد إشباعها وتبريرها بأي وسيلة، هذا المتهم واع ومدرك لما يفعله، وقد يصاحب فعلته بعض العنف، ومن أهم دوافعه لارتكاب هذه الجريمة تأخر سن زواجه أو تدهور حالته الاقتصادية والكبت الذي يعانيه، فيفقد ضميره وأهليته ويندفع بعدوانية تجاه فريسته ويشعر بلذة شديدة من إيذاء الآخرين.

ويؤكد الدكتور فكري أن فئات المغتصبين يحتلون الدرك الأسفل من طبقات المجتمع، ومعظمهم من الحرفيين والعمال، وكثير منهم يعلم العقوبة الشديدة لمرتكب تلك الجريمة إلا أنهم يرتكبونها؛ لأنهم يظنون أنهم سيفلتون بجريمتهم.

 

إسلام أون لاين

JoomShaper