هناء المداح
تنبهر الكثير من الفتيات المراهقات بالمشاهير - خاصة الفنانين ولاعبي الكرة - انبهارًا يصل في الغالب الأعم إلى درجة الحب والتطلع إلى الارتباط بأحدهم رغبة في السكن في عالمهم المغري المريح المليء بشتى وسائل الرفاهية والمتعة، فضلًا عن شهرتهم الواسعة ومعرفة الناس لهم في كل مكان واستخدامهم لكل سبل الراحة، مما يجذبهن بشدة نحوهم، غير مدركات أن هؤلاء المشاهير ليسوا ملائكة أطهار ولا شياطين أشرار، وإنما هم بشر لهم عيوب ومساوئ ويعانون من مشكلات وعراقيل في حياتهم.. فتجد الواحدة منهن مولعة باقتناء وتجميع صور من تحب، ومداومة على متابعة أعماله وأخباره بشكل لافت للانتباه، ويرجع ذلك إلى أن فترة المراهقة فترة رومانسية حالمة تشعر خلالها الفتاة بمشاعر الحب لأول مرة فتتذوقها من خلال رؤية الممثلين والممثلات وهم يؤدونها ببراعة، فتقتنع المراهقة بصدق هذه المشاعر ويبدأ خيالها في تكوين ملامح وسمات مثالية لشخصية هذا الممثل بعيدة تماما عن الواقع، غير واعية بأن ما تشعر به هو حب المراهقة الذي سينتهي بانتهاء فترة المراهقة..
إلا أنها بهذا الحب المستحيل ترغب في الانفصال عن الواقع والشعور بالسعادة ولو من خلال أحلام اليقظة..
فهذا الحب حب وهمي مستحيل فاشل يشبه السراب للظمآن، حب لا ينتهي بالنهاية الطبيعية وهي الزواج، بل يدخل الفتاة المراهقة في حالة من التوتر والاكتئاب في أوقات كثيرة لصعوبة تحقيق ما تطمح وتتمنى على أرض الواقع، فالأمر كله لا يتعدى الخيال والأحلام الوقتية التي سرعان ما تفيق منها على الحقيقة التي كثيرًا ما تفر منها..
وحتى لا تلهث أي فتاة وراء هذا الحب المستحيل الوهمي الذي يرهق مشاعرها ويشتت ويتعب ذهنها ويبعدها تماما عن واقعها الذي غالبا ما يكون أفضل مما يدور بخيالها عليها أن تعمل عقلها وتفكر بهدوء لتعرف هل كانت بالفعل واقعة في الحب؟.. هل لبى لها هذا الحب احتياجاتها النفسية التى كانت تبحث عنها؟..
فلو كانت الفتاة صادقة مع نفسها ستكون إجابتها ان ما كانت تشعر به ليس مشاعر حب حقيقية، وأن ما عاشته كان مجرد اوهام صنعها خيالها..
من المعروف أن الحب طاقة دافعة لصاحبه نحو النجاح والسعادة ولكن حب المراهقة لا يدفع الفتاة إلا للحزن والاوجاع، ولذلك على الفتاة المراهقة ان تسأل نفسها: ماذا استفادت من مشاعر الحب الذى عاشتها؟.. ما الذى جنته من هذا الحب الذى لا يشعر به الطرف الآخر، فإذا اقتنعت الفتاة المراهقة انها خسرت فى هذا الحب الذى وهمت نفسها به اكثر مما كسبت منه بكثير سوف ترى أن اوجاعها بسبب الفشل فى الحب لا يساوي شيئا مقابل الخسارة التى سوف تتكبدها الفتاة اذا استمرت فى العيش فى هذه الاوهام التى اعتقدت انها حب..
ما أود الإشارة إليه هو أن مشكلة الفتاة المراهقة الحقيقية تكمن في طول أوقات الفراغ التي لا تمارس فيها أي عمل مفيد، ولا تفعل شيئا سوى التفكير والتخيل هروبا من الواقع، ما يجعلها من البداية توهم نفسها بالوقوع فى الحب، وهو الذى يوفر لها بعد ذلك التلذذ بأوجاع الفشل فى الحب، ولذلك يجب على الفتاة المراهقة ان تقتل اوقات الفراغ الموجودة فى حياتها بمنتهى القوة حتى توصد الأبواب أمام اى اوهام تجعلها تعتقد انها غارقة فى الحب، وحتى تحارب اوجاع الفشل فى الحب بقوة واصرار وتهزمها دون أن تؤثر هذه الأوجاع على حياتها سلبًا، وهذا لا يتحقق إلا بمساعدة أسرتها التي يجب أن يكون لها دور كبير في شغل وقت فراغها واحتوائها ومصادقتها والاستماع إليها باهتمام شديد وحثها على التقرب من الله وتقديم النصائح لها لمساعدتها على تخطي هذه المرحلة الحرجة بسلام.
المراهقات والحب المستحيل
- التفاصيل