عمان-الغد- تعد المراهقة مرحلة لا تخلو من الأزمات النفسية الناتجة عن التغييرات الفيزيولوجية يرافقها تغييرات فكرية، وفق الاختصاصية في علم نفس التقويم التربوي الدكتورة لما بنداق.
وتقول بنداق وفق ما أورد موقع مجلة “لها”، في هذه المرحلة يبدو المراهق غير راضٍ عن مظهره ويعيد النظر في القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد التي نشأ عليها، وتكون عنده رغبة قوية في إثبات وجوده.
ويمكن وصف هذه المرحلة “بمرحلة التمرّد” أي التمرّد ضد سلطة الكبار والمجتمع. فالمراهق يتّهم أهله بعدم التفهّم وبالحد من رغبته في الاستقلال.
لذا فإن ثورة المراهق مهمة جدًا، على الأهل أن ينظروا إليها بطريقة إيجابية؛ لأنها تحمل روح التغيير ما يعطي ديناميكية للحياة الاجتماعية.
وتنوه بنداق أن هذه الثورة تكبر أو تصغر بحسب رد فعل الأهل والراشدين، ولكن من الضروري أن تكون موجودة. فالمراهق الذي لا يعيش مرحلته وما تحمله من تناقضات قد يعود ويعيشها في سن متأخرة.لماذا يشعر بعض المراهقين بالملل رغم توافر كل وسائل التسلية؟
هناك أسباب نفسية مرتبطة بالكآبة المرضيّة، وهناك أسباب اجتماعيّة أي حين لا يقوم المراهق بأي نشاط اجتماعي خارج إطار المدرسة. فالمجتمع الذي لا يوفّر للمراهقين وسائل ترفيهية كالنوادي الرياضية أو الاجتماعية التي تقدّم خدمات إنسانية، أو نواد خاصة بالشبيبة يلتقون فيها يمارسون فيها هواياتهم المفضّلة كالموسيقى أو الرسم أو المسرح، من الطبيعي أن يشعر المراهق الذي يعيش في هذه المجتمعات بالملل. فمن الضروري توظيف الوقت في شيء له مردود معنوي ينعكس إيجابًا عليه.
وتوضح الاختصاصية النفسية بنداق أنه من الخطأ الشائع توفير الأهل كل متطلبات المراهق في شكل مبالغ فيه، مما يحرمه متعة التحدّي.
فحين تتاح له كل الأمور من دون قيد أو شرط وفي سن مبكرة لن يعرف قيمة ما يحصل عليه ويشعر بالملل الذي ربما قد يؤدي به إلى تجربة أمور تكون نتائجها سلبية على سلوكه الاجتماعي؛ كالانحراف مثلاً. فبعض الحرمان المادي ضروري شرط أن يرافقه حوار بين الأهل والمراهق.
وتشير بنداق إلى انه لا يمكن تجاهل دور الشبكة العنكبوتية وتطبيقاتها مواقع التواصل الاجتماعي، في حياة المراهقين بعامّة. وقد أشارت التقارير الأخيرة إلى أن 75 % من المراهقين يستعملون بشكل دائم خدمة الـ«يوتيوب»، وغيرها من تطبيقات الشبكة العنكبوتية.
ولكن لا يمكن القول إن استعمال المراهق لتطبيقات التواصل الاجتماعي يبعد الملل، لأنها أصبحت من الأمور الروتينية التي يستعملها المراهق بشكل تلقائي أثناء قيامه بعدّة أمور مثلا تجدين مراهقًا يدرس وفي الوقت نفسه يستعمل تطبيق Selfie مثلا وينشره على موقعه الخاص.
وتبين بنداق أن الملل يولد طاقة سلبية ممكن أن تؤدّي بالمراهق إلى الاتجاه نحو السلوكيات غير المقبولة أو الخطرة مثال التدخين، والتعرّف إلى أصحاب السوء، والانضمام إلى جماعات مشبوهة، وشرب الكحول، وما شابه. وممكن أن يؤدي الملل إلى شعور المراهق إلى القلق والاكتئاب والميل إلى الانعزال والاندفاعية والإجرام وجميعها أمراض نفسية تتفاقم لتصل بالمراهق إلى مرحلة خطرة.
الحلول لتفادي الملل لدى المراهقين
هناك العديد من الخطوات التي يمكن اعتمادها ولعل أهمها:
-الحصول على وظيفة أو عمل خلال العطلات: فالمراهق يتمتّع بطاقة كبيرة وإذا ما تمّ إرشادها بالعمل فالنتيجة ستكون إيجابية له إن لناحية الخبرات والمهارات التي سيكتسبها وإن لناحية المجتمع، فإننا نسعى للحصول على أعضاء فعّالين ومنتجين.
- الرياضة: وذلك من خلال الانضمام إلى ناد أو فريق، فالشعور بالانتماء والسعى وراء هدف مشترك يعطي طاقة إيجابية.
- العمل الاجتماعي: وذلك من خلال التطوّع في الجمعيات الأهلية أو الكشفية للمساعدة في جميع المجالات مثال تعليم الأيتام، ومساعدة المسنين، وتنظيف الشواطئ، وما شابه.
- تنمية الهوايات: ويكون ذلك بأن يمضي المراهق وقته في القيام بما هو ممتع له وربما يساعده في ما بعد ليكون مجاله العملي مثل الرسم أو الموسيقى أو البرمجة وما شابه.
- الرحلات والنشاطات الترفيهية: هناك العديد من النوادي والجمعيات التي تنظّم هكذا رحلات لاستكشاف الطبيعة ولتمضية الوقت في تقصي حقائق الأشجار والنباتات واستكشاف المحيط وما شابه.
- العمل المنزلي: تحدّد مجتمعاتنا الشرقية دور العمل في المنزل بالأم ومن يساعدها إذا وجد، ولكن ذلك غير صحيح، ولا يجوز أن تقتصر المساعدة على البنت المراهقة، بل المراهق أيضًا فهو فرد من الأسرة وإشراكه في المسؤوليات المنزلية مهم جدًا لتدريبه لما بعد حين يصبح هو صاحب المسؤولية، ودليلنا على ذلك أن أهم الطباخين هم رجال، وأهم مصممي الأزياء أيضا هم من الرجال ولهذا يجب الا نفرق بتقسيم العمل المنزلي بين المراهق والمراهقة.